الأمازيغي: يوسف بويحيى
كثيرا ما صادفت سماع هذا السؤال في برنامج الإتجاه المعاكس للناشط الإعلامي “فيصل القاسم” ،فتختلف الإجابة من ضيف إلى آخر حسب خلفية الإديولوجية التي يتبناها أو تسوقه.
لقد لفت إنتباهي ملاحظة مهمة في جميع القنوات العربية و برامجها السياسية عدم التطرق إلى الشأن الكوردي كجزء من العملية السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية كما يتم بث مئات البرامج بخصوص مواضيع العروبة بشتى توجهاتها الإديولوجية ،وخصوصا في الإتجاه المعاكس لا يذكر الكورد إلا بإسم “كتائب أو قوات” مع إقصاء كل الأبعاد الأخرى التاريخية و الجغرافية و الوطنية و الثقافية ،وكأن الكورد عبارة على مليشيات حسب رأي الشوفينيين خصوصا المثقف النعامة “فيصل القاسم” و أغلب ضيوفه المنحطين أخلاقيا.
أتعجب عندما يتباهى البعص عن إنتصارات النظام السوري أو العراقي او الإيراني أو التركي!! ،علما أني مازلت
أبحث عن هذه الإنتصارات على الأرض دون أن أجدها ،متسائلا على أي إنتصار يتحدث أنصار النظام السوري و العراقي مادام أنه ليس هناك أي شيء إسمه النظام على الأرض في سوريا و العراق ،وعلى أي إنتصار إيراني و تركي تتحدث أبواقهم و على من إنتصروا؟!.
من خلال هذه الأسطر أريد أن يقرأني القارئ بعقل خالص بعيدا عن التشنجات و الشحنات السياسية ،بهكذا ستصل الفكرة واضحة و ناصعة يتبين فيها من الفائز و الخاسر في هذه المعادلة الإقليمية.
_هل إنتصر النظام السوري؟!
بالواقع الملموس و المادي الملموس لا يوجد شيء حاليا إسمه النظام السوري ،حيث سوريا بأكملها بيد روسيا و أمريكا عسكريا و إقتصاديا ،فما يسمى النظام السوري على لسان الأنصار ماهو إلا لوحة كرتونية محمية هي الأخرى من طرف روسيا ،وإذا كان النظام يعني السيادة في القاموس السياسي فأي سيادة لدى النظام السوري الذي لا يستطيع حتى حماية نفسه ،زيادة أنه ليس بمقدوره حتى فرض الأمن على مناطقه لكونه منهوش و مثقوب كليا ،فلولا الإعلام الدولي الذي مازال يروج مصطلح “النظام السوري” لما كان أصلا هذا الإسم يذكر ،كون هو الآخر مجرد عصابات و مليشيات لا غير.
فعلى أي إنتصار يتحدث أنصار النظام السوري بعد أن تحولت سوريا لغابة إرهاب ،إضافة إلى تحكم روسي و أمريكي على كل منابع الثروة ،ومديون بملايير الدولارات ولو بعد وقف الحرب.
_هل إنتصر النظام العراقي؟!
منذ أن أسقطت أمريكا نظام البعث الصدامي و إلى حد الآن مازال يهلل قادة بغداد بالإنتصار عن هبل الطغاة “صدام حسين” ،علما أنه لولا أمريكا لبقي “صدام” في بغداد إلى حد الآن حاكما.
المقارنة المطروحة هي شتان بين عراق “صدام” و عراق عصابات لصوص إيران الحاليين ،وهذا بشهادة العراقيين و حتى المعارضين الوطنيين لنظام البعث ،حيث من بين ابسط نقاط هذه المفارقة أن زمن “صدام” على الأقل كان للعراق سيادة و هيبة ،ولم تكن إيران تستطيع النطق بكلمة ،بينما الآن إيران تعبث في أرض العراق دمارا و إرهابا و فسادا و إجراما.
هنا لا أدافع عن “صدام” كشخص بل أذكر حقائق لكي أضع قادة بغداد الحاليين أمثال “العبادي” و “المالكي” و “العامري” والبقية أمام الواقع الملموس ،على أي إنتصار يتحدث هؤلاء و ملايين من الشعب العراقي مشردين و تحت عتبة الفقر و محاصرون دوليا و العراق من اغنى دول العالم ،بل الأحرى أن ثرواتها ترسل إلى بنوك أمريكا و بريطانيا و فرنسا و إيران و حرامية بغداد الحاليين.
على أي إنتصار يتحدث قادة بغداد و العراق أصبح مجرد ملهى ليلي للإيرانيين ،تحكمه مليشيات و عصابات إجرامية لا تجيد سوى القتل و الإنفجار..
لقد تم تفقير العراق كليا و نهبت ثروته و تم إغراقه في ديون ضخمة يصعب تسديدها ولو بعد مئتين سنة ،لهذا فعلى اي إنتصار يتحدث هؤلاء!!؟.
_هل إنتصرت إيران؟!
سطحيا من خلال ملاحظة المباركة الغربية للتدخل الإيراني في كل من العراق و سوريا و لبنان و اليمن سنقول أن إيران حققت إنجازات و إنتصارات عظيمة لصالحها ،مع العلم أن حقيقة هذه الإنجازات مجرد دمار و خراب و قتل و إجرام في حق الأبرياء و البسطاء من منطلق قومي و طائفي مقيت.
عمليا و من منطلق القيمة و العدد يظهر العكس ،حيث أي إنتصار لإيران في كل من سوريا و العراق مادامت خسرت ملايير الدولارات في حروب عشوائية ،وفي الأخير بدأت تخرج من كل المعادلات بخفي حنين بقرار أمريكي و روسي.
بعد أن كونت إيران تنظيمات إرهابية بثروة هائلة و خسرت في كل مشاريعها بلا أي مكسب يذكر ،وديون ثقيلة جدا لا تقل على سوريا و العراق ،وعجز إقتصادي رهيب داخلي ،إلى هنا على أي إنتصار يتحدث أنصار إيران و قادتها؟!.
_هل إنتصرت تركيا؟!
لا يختلف وضع تركيا عن إيران في شيء ،حيث لم تجني في دعمها للمعارضة السورية ماديا و عسكريا إلا السراب ،خسرت من خلالها ثروة كبيرة تستطيع أن تنمي بها إقتصادها الداخلي الذي يحتضر من كل الجهات ،بينما يبقى تواجدها الذي يرى كإنتصار لدى البعض في سوريا مسألة وقت لا غير ،علما أنها (تركيا) ستطرد كما هو حال إيران من طرف أمريكا و روسيا عاجلا أم آجلا ،ولن تربح إلا الديون و العقوبات.
_هل إنتصر العمال الكوردستاني و فروعه؟!
الحقيقة أن حزب العمال الكوردستاني pkk و الإتحاد الديموقراطي pyd ليس لهما مشروع كوردي أبدا ،لهذا لن يسلكا سوى ما سلكه النظام السوري و الإيراني و التركي و العراقي ،مع العلم أن خطواتهم و ممارساتهم هي من جعلت كل من القاسي و الداني يختزل قضية شعب كوردستان خصوصا في سوريا بإسم “مليشية”.
لم تحقق منظومة ب ك ك و فرعها ب ي د أي إنجاز عن الأرض رغم التضحية بألاف الشهداء من خيرة شباب شعب كوردستان الأبية ،فقط النظام السوري و الإيراني و الغربي من إستفادوا من خدماتهما العسكرية دون أن تعود تلك التضحيات على شعب كوردستان بأي نتيجة تذكر ،والحقيقة ان الكورد البسطاء خسروا حتى بيوتهم إثر سياسة ب ك ك الفاشلة على مر أزيد من اربعون سنة.
لقد تعامل ب ك ك و ب ي د مع النظام السوري فقط كجنود حرب و ليس كمكون له حقوقه التاريخية و الجغرافية و السياسية و الثقافية ،والدليل بعد هزيمة داعش لم يعد قادة ب ك ك و ب ي د يتحدثون عن حقوق شعب كوردستان روجافا السياسية و الإقتصادية و الثقافية ،فإذا كان ب ك ك و ب ي د إنتصر على داعش و خرج من المعادلة الشاملة منتصرا فأين نتائج هذه الإنتصارات على الطاولات السياسية الإقليمية و الدولية لضمان حقوق الشعب الكوردي!! ،على أي إنتصار يتحدثون!!.
_هل إنتصر البارزاني؟!
نعم إنتصر “البارزاني^ مقارنة بالتوجهات الكوردية الأخرى و النظام العراقي و السوري ،هنا نتحدث عن مشروع كوردي تحرري واضح و صريح ،على إثره عمل القادة على كل المستويات سياسيا و عسكريا و إجتماعيا و ثقافيا في تحقيق الأهداف المخطط لها ،هذا يظهر في ثبات و توافق فكري و سياسي و عملي و عسكري في خطوات “مسعود البارزاني” و البيشمركة و خطاب الحزب الديموقراطي الكوردستاني.
لقد حارب البيشمركة تنظيم داعش و حرروا جميع المناطق الكوردستانية و أعادوها لأهاليها ،وعملوا حماة لها و بسطوا فيها الأمن و الأمان.
بعدها أجمعت كل الأحزاب الكوردية في البرلمان الكوردستاني على إجراء الإستفتاء من أجل الإستقلال.
لم يكتمل إعلان الإستقلال نتيجة خيانة زمرة “آل طالباني” ليتأجل لوقت لاحق ،ويبقى مكسب الإستقلال قائما و مازال في متناول الكورد مستقبلا.
_هل إنتصرت روسيا و أمريكا؟!
نعم بكل تأكيد ،لقد إنتصرت روسيا و أمريكا دون غيرهم من الدول الإقليمية ،فخلال هذه الحروب إنتعشت تجارة السلاح لدى روسيا و أمريكا ،إضافة إلى دفع الرشاوي لهما من أجل مباركات تحركات الدول الإقليمية ،زيادة إلى التدخل العسكري الذاتي لهما و إحتكار منابع النفط و المعادن و الماء و الطاقة ،خلاله إنتعش الإقتصاد الروسي و الأمريكي من جديد بعد أن كان قبل 2011 في عجز ملموس.
مع كل هذا مازالت أمريكا تفرض عقوبتها المالية على الدول الغاصبة لكوردستان رغم كل ما قدموه لها من خدمات مجانية.
روسيا و أمريكا و الصين و فرنسا و إسرائيل و ألمانيا هن اللواتي إنتصرن و حققن أرباح مادية طائلة ،زيادة إلى السيطرة على المناطق و المواقع الغنية و الإسترتيجية لفرض الهيمنة على العالم ،أما الدول الإقليمية فكلها خسرت و أصيبت بشلل إقتصادي سيدوم لمئات السنين ،قد يؤدي إلى إنهيار كل من إيران و تركيا كما هو حال سوريا و العراق.