في الذكرى الاولى….انا اؤيد الاستفتاء..!

اكرم حسين 
رغم التأييد الشعبي والرسمي للاستفتاء  وما شهدته مدن كردستان  واوربا من احتفالات وابتهاجات قبل وبعد الاستفتاء الذي جرى العام الماضي ، مازالت القوى السياسية الكردية  تحاول النيل من الاستفتاء الذي اصر على اجرائه الزعيم الكردي مسعود بارزاني في 25 ايلول الفائت ، تتويجا لطموحات الكرد التاريخية واملهم في العيش بحرية وكرامة ، رغم كل الضغوطات المحلية والاقليمية والدولية ، فالشعب الكردي قال كلمته في اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني رغم كل محاولات تدليس الحقائق وتشويهها واساليب الترهيب والتحذير واطلاق يد العبادي للعبث في بنية الاقليم الامنة ، والحد من التطور الاقتصادي والاجتماعي املا في اعادة الكرد الى المربع الاول ،
 فملعب صراع هذه القوى السياسي لم يرتبط  بمصالح الكرد وبما حدث على الارض بعد الاستفتاء ، بل كان له علاقة بموقف تاريخي وعدائي للبارزاني الاب ولاحقا الابن باعتبارهما الزعماء الحقيقين للشعب الكردي في الوقت الراهن ، تم توجيه النقد الى موضوع الاستفتاء كإجراء سابق لأوانه كي يتم تغذية غضب بعض ضعاف النفوس من الجمهور، واصحاب المصالح والرماديين الذين تعرضت مصالحهم الى بعض الركود او الجمود وكأن  قيامة الكرد قد بدأت ، الا ان ابطال البشمركة  بقيادة الزعيم التاريخي مسعود بارزاني استطاعوا ان يوقفوا هذا المخطط الاسود بالتصدي للحشد الشيعي ولاحقا ، في التنحي في مشهد مستقطع من التاريخ قل نظيره .!.
ولأن السياسة فن ولعبة ، فان ادارتها تتم مرحلياً حسب الزمان والمكان ، فمرة ظهر مناوئو الاستفتاء كأنهم اصحاب الرأي  ولم يجرؤوا على معارضته ، لا بل اكدوا على مواقفهم ووقوفهم الى جانب قرار الاستفتاء . حتى القوى الاسلامية ايدته بما فيها حركة كوران المناوئة ، وعقد البارزاني الاجتماعات  في مدينة السليمانية معقل الاتحاد الوطني الكردستاني لكن بعد ان وقف المجتمع الدولي في وجه الاستفتاء ، واطلق يد العبادي في الهجوم على كركوك . سارع هؤلاء انفسهم  الى اتهام البارزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني بإجراء الاستفتاء وحمّلوه تبعات نتائجه ووقفوا ضده  !.
الواقع ان نتائج الاستفتاء قد اصبحت امر واقعا لا يمكن لاحد تحريفه او تزويره او الغائه ، وهو يعكس ارادة الشعب الكردي في الانفصال وحقه في اقامة دولته ، وليس قرارا رغبويا  للبارزاني او لجماعة معينة . بل عكس ارادة الشعب الكردي في الاجزاء الاربعة وفي الشتات ايضا ، ولو كانت القوى السياسية الكردية متفقة عليه على  المستوى السياسي لما وصلت الامور في كردستان الى ما وصلت اليه ، لكن الاستثمار السياسي حتى في الخسارات والانكسارات ، هو داء المجموعات السياسية الكردية  وهو مقتلها ايضاً ، وله علاقة بالصراع الحزبي والفئوي ! .
في كردستان هناك خلل سياسي ومعرفي ، يطال مفهوم الدولة والعقد الاجتماعي الذي تبنى عليها هذه الدولة بما هي دولة حديثة ، دولة المؤسسات والقانون ، وهذا الخلل يتخذ في كل مرحلة من المراحل شكلاً تأسيسياً مغايرا من التعبير، ويرسل اشارات خاطئة حول ما يمكن ان يؤول اليه الامر ، لان الكرد لم يعيشوا مرحلة الدولة ولا توجد لديهم قوى حقيقية تضع مصلحة الشعب فوق أي اعتبار . فكل ما مارسوه في التاريخ هو عبارة عن ادارة عشائر او اقطاعات او امارات ، ولم يستطيعوا قط اقامة دولة كردية مركزية بزعامة  قائد واحد . بل كل مجموعة كانت تنتج قائدها المحلي وتلتف حوله وبالتالي كنا نشاهد في كردستان عشرات الامارات المتجاورة ، ويبدو بان الامر له علاقة بنمط الانتاج وتطور القوى المنتجة ، والبناء السياسي السائد في كل مرحلة من المراحل  .
في اقليم كردستان ينبغي ان تفهم القوى السياسية  ان مصير الكرد ليس للاستثمار اوالابتزاز السياسي، وعليها أن تؤسس لقاعدة من المبادئ التي تحقق مصالح الجميع ، وتكون هذه المبادئ بمثابة خطوط حمر، والارضية التي يبنى عليها الوطن الكردي المنشود ، لا يمكن تجاوزها مهما بلغت شدة الاشتباك اوالاحتباس السياسي، ومهما تعقدت الخلافات في المواقف، فلا يمكن ان نبرر كل هذا العداء والتنازع بأي شكل من الاشكال .
هذه القواعد ما زالت غائبة عن المشهد السياسي الكردي ، وهي قواعد تحدد درجة العنف والاضطراب والفوضى في الشارع الكردي ، باعتبارها الاساس الحقيقي لحماية المواطن الباحث عن لقمة عيش كريمة، ووطن يحترم آدميته .
القوى السياسية يجب ان تعي بان كردستان دولة واحدة وليست كيانات منفصلة ، رغم خصوصية كل جزء واحتياجاته في الراهن الحالي ، وطبيعة الانظمة التي تسيطر عليه ، ومستوى التقدم الاجتماعي والثقافي والديمقراطي،  في ممارسة الحكم ،  فما حصل بعد الاستفتاء يجب ان يكون  مناسبة حقيقية لإعادة الحسابات ، وتبني مواقف موحدة حول آليات الحكم ودمج  وبناء مؤسسات الدولة على أسس رصينة ، تمنع الفساد وتقضي على البيئة المساعدة على الصراع. لكن للأسف  لم يحدث هذا حتى الان !، لان العقلية الربحية والفئوية الحزبية او العائلية هي التي تحكم بعض الاطراف من اجل المناصب او المال ، ولأن اللعب على الاضطراب والارتباك الشعبي طائفياً  ومناطقياً، هو الطريق الاسلم  للوصول الى الهدف الذي يعملون من اجله ، والذي باعتقادهم لا يتحقق الا بإزاحة عائلة البارزاني او النيل منها !.
———————————————————-
نشرت في صحيفة كردستان العدد 592 تاريخ 15-9-2018

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…