الوضع في إيران يقترب من نقطته الانفجارية .. نظرة إلى ارتفاع قيمة الدولار وانعكاسه على انتفاضة الشعب

بقلم عبدالرحمن مهابادي*
مع ارتفاع قمية الدولار في إيران الذي كان المسبب الرئيسي له هو النظام الديكتاتوري الحاكم في إيران يقترب أكثر سقوط هذا النظام. هذه نتيجة علمية ومنطقية لطريقة توجه هذه النظام الكهل نحو السقوط. 
ومع استمرار وتقدم انتفاضة الشعب الإيراني تخطى في الفترة الأخيرة الدولار عتبة ١٢ الف تومان وتلاهها موجة جديدة من الانتفاضة عمت جميع أنحاء إيران والشعارات الشعبية المعادية للحكومة أخذت طابعا أكثر حدة. شعارات من قبيل : الموت لخامنئي، الموت للدكتاتور، يجب أن يقتل الملالي، ويل لكم لليوم الذي تسلحنا فيه …..
مضى حتى الآن قرابة الثماني أشهر منذ بدء انتفاضة الشعب الإيراني ضد الحكومة والشعب أضحى أكثر تصميما على إسقاط النظام خلال استمرارية هذه الانتفاضة. وذلك بسبب الحالة الاقتصادية السيئة للمجتمع والشعب الإيراني وخاصة الطبقات الوسطى والمسحوقة التي ضاقت ذرعا من هذه الحالة. خاصة الآن وقد استؤنفت في الآونة الأخيرة موجة جديدة من العقوبات الدولية ضد النظام الإيراني الأمر الذي سيجعل من نتائجها وعواقبها الحياة في إيران تحت حكم الملالي أكثر صعوبة. 
الازدياد الكارثي لقيمة القطع الأجنبي غيرت المجتمع الإيراني بشكل كامل وجعلت الغضب الموجود في ضمير كل إيراني يثور ضد الحكومة. هذه الموجة التي بدأت منذ ٣١ يوليو الماضي وكل يوم تتسع ويزداد عمقها أكثر فأكثر. ذلك لأن التقديرات تشير إلى ارتفاع قيمة الصرف في الأيام و الأسابيع القادمة أيضا و الشعب لايملك سوى اللجوء إلى الغضب والعنف. 
وبالنظر إلى أمثلة مماثلة في التاريخ، نرى أنه بعد ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية في بلد ما فإن البطالة، والسرقة، والغلاء، والفساد، والبغاء والفاحشة، والتشرد، و … يكتسح نسيج المجتمع. في إيران، تحت حكم رجال الدين، ستكون أبعاد هذه الكارثة أكثر إيلاما.مثل بيع الأطفال أو بيع أعضاء الجسم، وتدمير الأمن الشخصي والمهني، والثقة والنزاهة والقيم الإنسانية للمجتمع.
وفقا للإعلام الرسمي، الراتب الشهري للعامل الإيراني هو مليون و 130 ألف تومان. في الوقت نفسه، كان خط الفقر الرسمي المعلن في إيران يبلغ 4 ملايين تومان في وقت سابق من هذا العام. في نفس الأيام، كتبت صحيفة دي.دبليوي أن 80 في المائة من الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر. وكتبت وكالة تسنيم التابعة لقوات القدس الإرهابية أيضا أن خمسين مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر.
في ظل ظروف انتفاضة الشعب الإيراني، فإن النظام قد وقع في مأزق مميت ولا يوجد له مخرج أو بطاقة رابحة لاحتواء الموقف، وكما حدث في الماضي، فإن أقلية صغيرة تحكم إيران الغنية. هدايت الله خادمي، عضو البرلمان، في ٢٩ يوليو ٢٠١٨، في إشارة إلى الحالة الاقتصادية الرهيبة والحالة المعيشية السيئة للشعب، اعترف بأنه على مدى 40 سنة، “أخذت 200 عائلة و أسرة مصير البلد كرهينة”.
على الرغم من أن المرحلة الجديدة من انتفاضة الشعب الإيراني لها سمات بارزة مثل انتشار وتزامن الإضرابات الواسعة لسائقي الشاحنات الثقيلة في جميع أنحاء البلاد وتنوع الطبقات الشعبية المختلفة، و تحول الشعارات لشعارات سياسية بشكل أسرع وأكبر و تنامي الشجاعة الشعبية المتزايدة في التعامل مع العملاء الحكوميين، وعلى وجه الخصوص التواجد الكبير والملفت للنساء في الفترة التي سبقت الانتفاضة، لكن الأهم من ذلك هو توسع مراكز العصيان ودورها القيادي في الانتفاضة حيث ألقت الذعر والخوف في قلب النظام. بحيث أن قادة هذا النظام لا يخفون ذلك ويعترفون به بأشكال مختلفة.
انتفاضة الشعب الإيراني التي تعتمد الآن وأكثر من أي وقت مضى على مقاومة حقيقية ومنظمة جعلت قادة هذا النظام يعترفون بأن شعارات المنتفضين هي ذاتها شعارات المجاهدين. كذلك فهم يعترفون بهذه الحقيقة بأن هدف الشعب هو إسقاط النظام كما أن استبدال مسؤول أو عدة مسؤولين من هذا النظام لايمكنه أن يحل الأمر أو يشفي ألام هذا النظام. 
الرئيس السابق للملالي محمد خاتمي، الذي كان حتى وقت قريب في حبس الولي الفقيه ظهر مرتبكا إلى المشهد مناشدا خامنئي بتقديمه خطة عمل مكونة من 15 مادة لحل القضايا والمشاكل تبعا لأوامره الخاصة! إجراء يظهر، قبل كل شيء، فشل النظام برمته في وجه انتفاضة الشعب الإيراني.
في مثل هذا الفضاء والمساحة من اضطراب وتشتت هذا النظام وعدم توازنه واستئناف العقوبات الدولية ضده، التي ستعزز الانتفاضة وتقرب الحالة المجتمعية من نقطة الانفجار.
الشعب المضطهد اتخذ قراره في مثل هذه النقطة الانفجارية بهدم وتدمير بنية وهيكل هذا النظام وجميع مؤسساته الحكومية قسرا وبالقوة. إن المنتفضين، وفي المقام الأول، الشباب الإيراني قد أدركوا أن العنف وسفك الدماء الذي يقوم به هذا النظام يجب أن يقابلوه بإجرائهم العنفي. من الناحية العملية، لقد ايقنوا بأنهم يجب أن يردوا الصاع بالصاع والرصاص بالرصاص.
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
@m_abdorrahman

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…