الـثـورة الســوريـة إلـى أيـن !!

بـقـلم : دلـدار بـدرخـان
– بعدما وضعت الحرب أوزارها وأُخمدت جذوة الثورة في غالبية المناطق والمدن السورية بفعل الإجرام الوحشي الروسي اللامحدود مع الميليشيات الطائفية الإيرانية من جهة ومن جهة أخرى بسبب صفقات البيع والشراء ضمن المناطق المحررة بأيادي قيادات خائنة وعميلة كانت تموّه جلدها كالحرباء ، و بعدما تسلق كافة الطفيليات والفيروسات والعلل مقاليد الثورة من منصات وهيئات وأجسام المعارضة و أوغلوا في الإجرام والأرتزاق ، و زاغوا عن الأهداف الثورية والطموحات الشعبية ، وقاموا بتحريف الأهداف المنشودة التي قام عليها الشعب الثائر ، فقد أينعت الثمار و حان وقت قطافها و بدأت القوى الدولية والأقليمة تجهّز سكاكينها وعدتها ليباشروا في الطعام ويغرزوا سكاكينهم في ما تبقى من الشطيرة السورية غير مكترثين بالمطاليب المحقة والمشروعة للشعب الذي خرج عن بكرة أبيه مطالباً بالحرية والعدالة وإسقاط النظام الإرهابي الطائفي .
– و اليوم جميعنا يشاهد إلى أي درك وصلت إليه الثورة ، وفي أي ظروف مأساوية يمر به الشعب السوري ضمن المناطق المحررة من أستبداد وإجرام وترهيب وقتل ، فما عجز عنه النظام الديكتاتوري يقوم به وكلائه من الشبيحة والمرتزقة وتجار الأزمات و الحثالات في المناطق المحررة مع غياب تام لآلية المحاسبة والردع ، هذا وبالأضافة إلى عزم القوى الدولية وإصرارها على إعادة تكريس حكم الأسد المجرم وتأهيل نظامه من خلال أنتهاج أساليب ملتوية بعيدة عن الأخلاقيات والمبادئ الإنسانية عبر التسويف والتأجيل والعرقلة المقصودة لإطالة أمد الصراع وتبديد العزيمة الشعبية نزولاً عند رغباتها ، كل ذلك بعدما قطعوا أوصال الشعب السوري الثائر وأنهكوا قوته وموارده ووضعوا الشعب أمام خيارين أحلاهما مر وعلقم فإما أستمرار الحرب ومزيداً من القتل والتشريد وإما القبول بالإملاءات والأجندات المرسومة مسبقاً .
– يبدو أن الثورة السورية بدأت تأخذ منحى واتجاه آخر إذ يحاول بعض القوى الدولية بالتعاون مع الدول الأقليمية جر سوريا إلى حيث يشتهونها هم ، في ظل غياب تام للإرادة الشعبية الثورية وعجزهم عن أيجاد صيغة وآلية لإنهاء الفوضى الخلاقة والتشعبات السياسية والعسكرية المرتهنة والفاقدة للقرار و التنظيم الوطني الثوري الرصين ، فحلقات المسلسل التراجيدي الدولي والأقليمي ضد الشعب السوري الثائر والطامح للحرية والكرامة لا تزال على أوجها من جنيف و أستانة وسوتشي مروراً بتشكيل المنصات والمعارضات والأجساد الميتة سريرياً نهاية بتشكيل لجنة دستورية من أجل وضع دستور للبلاد !! وهذا الأخير بمثابة خنجر في خاصرة الثورة السورية ، فالشعب السوري لم يخرج في الثورة من أجل صياغة بعض بنود الدستور التافهة كما يحاول البعض تسويقه ليميّع مطاليب الشعب المشروعة ، وإنما خرج هذا الشعب لتغيير النظام بكل أركانه وملحقاته الأمنية الإرهابية ، ومن أجل ذلك دفع آلاف الأرواح وضاق ذرعاً في دول الشتات والهجرة .
– إن تشكيل وصياغة الدستور لأية دولة كان لا يتم إلا في حال وجود مناخ ديمقراطي و أجواء هادئة و حرة مع عرض الدستور للأستفتاء الشعبي العام ، وليس كالحالة السورية الذي يعيش أجواء حرب طاحنة منذ سبع سنوات ، ونصف سكانها بين مهجرين ومخطوفين ومعتقلين ؟ ولا يمتلكون الإرادة الحرة للتعبير عن رأيهم في دستور بلادهم ، ثم أين مقررات مؤتمرات جنيف وخاصة 2245 القاضي بتشكيل هيئة حكم أنتقالي بكامل الصلاحيات ومن بعدها يأتي صياغة دستور وطني يعرض على الأستفتاء الشعبي بعد إنهاء كافة المظاهر المسلحة وعودة الحياة الطبيعية ، أم أن المسألة أصبحت أستهوائية ومزاجية لا علاقة بالقوانين والمواثيق الدولية بها !!
– إن ما يحصل اليوم يؤكد لنا مرة أخرى أن العهر الدولي لا حدود له ، وجميعهم مشاركون في الجريمة والإرهاب المنظم ضد الشعب السوري ، وأن كل من يشارك في حلقات الخيانة وخاصة صياغة الدستور هم خونة سيدوّن أسمائهم في صدر التاريخ .
———-
عن صفحة الكاتب:

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس   إن حملة وحماة القومية النيرة والمبنية على المفاهيم الحضارية والتنويرية لا يمكن أن يكونوا دعاة إلغاء الآخر أو كراهيته. على العكس، فإن القومية المتناغمة مع مبادئ التنوير تتجسد في احترام التنوع والتعددية، وفي تبني سياسات تعزز حقوق الإنسان والمساواة. ما أشرت (هذا المقال هو بمثابة حوار ورد على ما أورده القارئ الكريم ‘سجاد تقي كاظم’ من…

لوركا بيراني   صرخة مسؤولية في لحظة فارقة. تمر منطقتنا بمرحلة تاريخية دقيقة ومعقدة يختلط فيها الألم الإنساني بالعجز الجماعي عن توفير حلول حقيقية لمعاناة النازحين والمهجرين قسراً من مناطقهم، وخاصة أهلنا الكورد الذين ذاقوا مرارة النزوح لمرات عدة منذ كارثة عفرين عام 2018 وحتى الأحداث الأخيرة التي طالت مناطق تل رفعت والشهباء والشيخ مقصود وغيرها. إن ما يجري…

المهندس باسل قس نصر الله ونعمٌ .. بأنني لم أقل أن كل شيء ممتاز وأن لا أحداً سيدخل حلب .. فكانوا هم أول من خَرَج ونعم .. بأنني كنتُ مستشاراً لمفتي سورية من ٢٠٠٦ حتى الغاء المنصب في عام ٢٠٢١ واستُبدل ذلك بلجان إفتاء في كل محافظة وهناك رئيس لجان افتاء لسائر المحافظات السورية. ونعم أخرى .. بأنني مسيحي وأكون…

إبراهيم اليوسف بعد الفضائح التي ارتكبها غير الطيب رجب أردوغان في احتلاله لعفرين- من أجل ديمومة كرسيه وليس لأجل مصلحة تركيا- واستعانته بقطاع طرق مرتزقة مجرمين يعيثون قتلاً وفسادًا في عفرين، حاول هذه المرة أن يعدل عن خطته السابقة. يبدو أن هناك ضوءًا أخضر من جهات دولية لتنفيذ المخطط وطرد إيران من سوريا، والإجهاز على حزب الله. لكن، وكل هذا…