كوردستان روجافا…إلى أين؟!

الأمازيغي: يوسف بويحيى
هناك مثال معروف يقول “لولا الإخوان المسلمين لكان المسلمون إخوة” و بعدها يمكن القول “لولا حركة حماس لسلم الفلسطينيون” و أنا اقول “لولا العمال الكوردستاني لتحررت كوردستان على الأقل نهضويا و فكريا” ،كيف لا و هذا التنظيم يعجز أي عاقل ان يستنبط منه شيئا يوحي إلى الكوردياتي ،حيث يمكن الجزم أن العمال الكوردستاني لم يحقق أي شيء للشعب الكوردي منذ تأسيسه إلى الآن ،بل فقط خسارات متتالية إلى أن وصل الحال بالكورد إلى التهجير و الإبادة ،فصحيح أن الكورد شعب مستعمر و مضطهد لكن هل كان بٱستطاع الأنظمة الغاصبة إنجاح مخططاتهم لولا تخندق العمال الكوردستاني معهم!! ،الجواب لا لأن هذا التنظيم من رمى بالكورد إلى المآسي و الكوارث.
لقد أنجح العمال الكوردستاني كل المخططات الخبيثة التي سطرتها الأنظمة الغاصبة لكوردستان على أجساد و مناطق الكورد ،حيث مازال يعمل لصالحها قصد إكمال و إنهاء الوجود الكوردي من على الخريطة ،بالإضافة إلى خلق المشاكل للكورد حتى على مستوى بلدان المهجر بٱفتعال الشغب و العنف لتشويه سمعتهم و ترحيلهم إلى المجهول ،خطورة هذا التنظيم يكمن في تغلغله بحد العظم في روح الكورد نتيجة أنه لا تكاد عائلة كوردية إلا فيها شهيد على الأقل ضمن التنظيم ،أي تستطيع تحرير العقلية لكن من الصعب أن تحرر العاطفة الكوردية ٱتجاه هذا التنظيم ،بمعنى أن العمال الكوردستاني و الانظمة الغاصبة إشتغلوا على نقط جد خطيرة لغرسها في أرواح و عائلات الكورد قصد تدمير المجتمع نفسيا و فكريا و جسديا ،فمن كان يظن أن “عبد الله أوجلان” نابغة فهو لم يصل إلى حقيقة الواقع بعد ،لأن هذه المخططات شيطانية خبيثة ذكية جدا لا يملك “أوجلان” ذرة ذكاء لمثل هذه البرامج.
عندما قلت بأن هجوم تركيا الإرهابية على “عفرين” حرب مجانية و الغرض منها كان التغيير الديموغرافي لم يتقبلها أحد من قيادات الإدارة الذاتية ،كما أني قلت مسألة الفيدرالية في روجاڤا لن تكون أبدا لأسباب كنت أعرف أنها فقط وعود زائفة لقتال داعش ،والمثير للإستغراب أن العمال الكوردستاني تآمر مع النظام السوري و داعش في فاجعة “كوباني” بشكل دراماتيكي شبيه بما حدث في “عفرين” ،كان هذا سببا و دليلا أن الفيدرالية لم تكن مشروع جدي لدى العمال الكوردستاني و فرعه السوري الإتحاد الديموقراطي ،كان تكتيك منظومة pkk غير ناضج لا سياسيا و لا عسكريا في التعامل مع المرحلة القائمة ،لا يمكن أن ينسب هذا الفشل إلى أي جهة أخرى سوى العمال الكوردستاني و ذيله السوري.
بعد عفرين أكدت أن الإنسحاب من “منبج” و “دير الزور” و “الرقة” شيء مفروغ منه و مسألة وقت ،حيث أن وجود القوى الكوردية هناك مجرد محطة مؤقتة لا غير ،بالإضافة إلى ان معارك الكورد في هذه المناطق لم تكن أبدا لصالحهم لا سياسيا و لا إستراتيجيا ،بل لم يستغرق الأمر سوى سنة من رأيي حتى تم الإنسحاب من “منبج” بإتفاق أمريكي روسي لصالح تركيا ،مع العلم أن إيران و النظام السوري بدوره كان يخطط لإستلام هذه المناطق شريطة تغييرها طائفيا كما “الغوطة” ذلك لإغراء أمريكا و روسيا أكثر ببعض الإمتيازات الإقتصادية…،لكن طموح النظام (إيران) قوبل بالرفض كون القادم أعظم و مفاده إجترار تركيا إلى العمق السوري أكثر لإنجاح المخطط الغربي الأمريكي الروسي لصدام إيراني و تركي_عربي سني طويل المدى.
السؤال المحير هنا ماذا إستفاد الكورد كشعب من تضحياتهم ضمن العمال الكوردستاني أولا في إنقاذ النظام السوري من السقوط؛؛ ،وثانيا من محاربة “داعش” كمنظمة إرهابية كانت تستهدف مصالح الغرب (لنفترض ذلك)!! ،وثالثا من معاركهم في المناطق العربية بلا اي ضمانة و إتفاق!! ،كلها أسئلة يجيب الواقع الملموس على أن كورد سوريا خسروا معركة الوجود في كوباني و عفرين و الحبل بٱتجاه كوباني و القامشلو و الجزيرة…إما بمعركة العصر أو بالتسليم ،علما أن المعركة مفادها تدمير المنطقة و تغيير ديموغرافيتها الكوردية أما التسليم مجرد حقنة مخذرة للشعب الكوردي لأن pkk و pyd أصلا حلفاء النظام السوري منذ النشأة و التأسيس ،بصريح العبارة أن الإدارة الذاتية ماهي إلا مخطط النظام ليقتل الكوردي أخاه بعيدا عن إتهام النظام ،بالضبط هذا ما طبقه قادة الإتحاد الديموقراطي pyd بالحرف الواحد.
لا أريد أحدا ان يستغرب من قولي لأنها الحقيقة ،فغالبا ما يكره الناس الحقيقة لأنهم لا يريدون لأوهامهم أن تتكسر ،لقد إتضح ان باقي مناطق كوردستان روجاڤا فقط تنتظر وقتها أما مصيرها فنفسه مصير “عفرين” لأن الجميع سواء تركيا أو النظام (إيران) مع التغيير الديموغرافي للمناطق الكوردية ،أما بخصوص تصريحات قادة الإدارة الذاتية بحوار لامشروط مع النظام فلم يعد له أي معنى و بعد سياسي و إستراتيجي لأن مسألة الفيدرالية أصبحت مسألة وهم و سراب ،لهذا فتسليم المناطق للنظام تبقى مسألة الحفاظ على ما تبقى من شتات الكورد في المنطقة شريطة إذا لم يتم التآمر بين النظام السوري و تركيا على الكورد كما حدث في عفرين كذلك ،على كل الأحوال فالعمال الكوردستاني و الإتحاد الديموقراطي خذلوا الشعب الكوردي و الباقي ينتظر مصيره المجهول.
إن مسألة عقد مؤتمر وطني كوردي سوري لن يغير أي شيء في الواقع الكوردي لا سياسيا و لا عسكريا مادام أنه ليس هناك نية جادة في فك الpyd الإرتباط بالأنظمة الغاصبة و العودة لإتفاقات “هولير” و “دهوك” ،إذ أن مبادرة الإتحاد الديموقراطي في طرح مسألة تطبيع العلاقة و عقد مؤتمر وطني كوردي كان الهدف منه جس نبض الشارع الكوردي نفسيا ،لكن الأخطر و الأهم من المؤتمر هو إجترار المشاكل و المصائب لإقليم كوردستان للخوض في المستنقع السوري ،ذلك بإعطاء صيغة جديدة للصراع التركي و العمال الكوردستاني على أنه صراع شامل من أي نقطة تواجد و تحالف العمال الكوردستاني ،بصريح العبارة كان المستهدف هو إجترار “مسعود البارزاني” إلى خطة النظام السوري_الإيراني و العمال الكوردستاني من كل هذه الثرثرة الإعلامية بشأن المؤتمر الوطني الكوردي السوري ،فبمجرد الإصرار بالإلتزام على إتفاق “هولير” و “دهوك” أولا قبل المؤتمر جعل الpyd يتهرب و مباشرة بدأ العمال الكوردستاني pkk نشاطه العسكري من داخل إقليم كوردستان باشور على الحدود التركية بعد أن فشلت خطة تطبيع العلاقات المزيفة.
إن الحل الوحيد في إنقاذ و إعادة ترميم كوردستان روجاڤا هو العودة إلى إتفاق هولير و دهوك بين الأنكسة و البيدا ،أو المطالبة بحل كل هذه الأحزاب ذلك ليختار الشعب الكوردي مصيره قصد ان يعيش حياة آمنة بعيدا عن جحيم الأحزاب.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…