عبدالرحمن مهابادي*
على ما يبدو الآن ليس هناك من يعتقد أن النظام الديني الحاكم في إيران يستطيع الاستمرار في البقاء. لان انتفاضة شعب هذا البلد الاخيرة أظهرت بوضوح أنهم قد سئموا وكرهوا نظام الملالي. الانتفاضة التي تستمر ولن تنطفئ ابدا بل تتحول من شكل إلى شكل اخر وهذا الامر هو مايثير جنون قادة الملالي وبقية مسؤولي هذا البلد. وذلك لانهم عاجزون تماما عن الاستجابة لمطالب الشعب المختلفة.
في الواقع هم لا يريدون اعطاء اجابات ايجابية لهذه المطالب ويعتقدون بأنهم عن طريق القمع او عدم القبول سيستطيعون ابقاء مطالب الشعب الإيراني على حالها. إن هذا الامر إن طال أمده سوف يؤدي لا محالة لسقوطهم الحتمي. لأن الشعب المضطهد الان لم يعد لديه شيئ يخسره أو يندم عليه ولن يتحمل هذه الحالة بعد اليوم وسوف يضع قدمه في الطريق الذي نادى به مؤخرا أهالي مدينة كازرون في منطقة فارس ألا وهو السلاح والكفاح العنيف من أجل تحصيل الحقوق التي سلبت منهم.
في حين تستمر الانتفاضة بأشكال مختلفة في مناطق إيران المختلفة من كردستان حتى بلوشستان ومن خوزستان حتى المنطقة المركزية. نشاطات الإيرانيين المقيمين في الخارج تغيرت واتجهت نحو وباتجاه الانتفاضة. لم يكتفوا بالحديث فقط عن اسقاط النظام الإيراني وانتصار الشعب على حكم الملالي بل تركزت جميع جهودهم نحو ايصال صوت انتفاضة الشعب الإيراني إلى مرأى ومسمع العالم أجمع وتقوية الدعم الدولي للانتفاضة.
الإيرانيون المقيمون خارج البلاد والذين بحسب الاقوال يشكلون ٨ بالمئة من عدد سكان إيران و النظام الإيراني يسعى دائما لتقليل هذه النسب والاحصائات أكثرهم وغالبيتهم من معارضي النظام الإيراني ومناصري ومؤيدي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمتها المحورية المتمثلة في منظمة مجاهدي خلق اضطروا جميعهم للخروج من البلاد بسبب قمع الحريات والديمقراطية في إيران في ظل حكم الملالي.
هؤلاء على مدى الاشهر التي امتدت منذ بدء انتفاضة الشعب الإيراني بدؤوا حلقة جديدة من النشاطات والفعاليات في أقصى نقاط العالم. السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية استطاعت بحنكتها الدبلوماسية الراقية والقوية أن تقنع عددا من الشخصيات الدولية المشهورة وأيضا الالاف من البرلمانيين من مختلف الدول من أجل دعم الشعب الإيراني. فهي تمتلك شخصية وكاريزما مؤثرة جدا حيث تكون المتحدثة الأساسية في تجمع الإيرانيين السنوي في خارج البلاد في باريس عاصمة فرنسا في كل عام. من المقرر عقد التجمع السنوي هذا العام في ٣٠ حزيران في قاعة فيلبنت في باريس.
على الرغم من أن نشاطات الإيرانيين المنفيين في الدول الأوروبية وامريكا كانت لافتة جدا للانتباه، حيث ركزت الأنشطة على فضح نظام الملالي في مجال انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، والتدخل في شؤون الدول الأخرى، وعلى وجه الخصوص مشروع الأسلحة النووية، ولكن السياسة المهيمنة في الغرب، أي سياسات الاسترضاء والمهادنة مع النظام الإيراني منعت وصول هذه الأصوات للعالم طوال هذه السنين.
وإن غض طرف الغرب عن مشاريع النظام الإيراني المميتة خلال فترة حكم الرئيس اوباما قد ولت إلى غير رجعة.
سياسات المهادنة مع نظام الملالي التي لم يمضي وقت طويل على بداية نهايتها وضعت الآن على خط فضحها بسبب كشف المقاومة الإيرانية لها ومؤخراً، تم الكشف عن وثائق وملفات تتحدث عن تعاون أوباما مع هذا النظام ويتوقع أن يضع المجتمع الدولي عملاء هذه السياسة موضع المحاسبة في المستقبل غير البعيد.
يأتي هذا بعد وصول دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة. على عكس أوباما، يرى ترامب أن تحقيق المصالح الأمريكية والأمن في دعم انتفاضة الشعب الإيراني ضد الديكتاتورية الدينية لنظام الملالي، الأمر الذي سيجعل الحكومة الأمريكية أقرب إلى المقاومة الإيرانية بشكل قانوني.
في أيامنا هذه، تغيرت الظروف الاجتماعية والسياسية في إيران المتفجرة والظروف الدولية أيضا من الناحية النوعية بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي لصالح الشعب الإيراني. يمكن للمقاومة الإيرانية في مثل هذا الظروف أن تلعب دورًا تاريخيًا ومحوريا ، وأن تحصد الآن ما زرعته خلال العقود الأربعة الماضية.
لأن الظروف الخطيرة والمصيرية الحالية في داخل إيران وعلى المستوى الدولي، أولاً وقبل كل شيء، هي نتاج نضال الشعب والمقاومة التي كانت دائماً في العقود الأربعة الماضية تسعى للإطاحة بنظام الملالي و قدمت الغالي والنفيس في سبيل ذلك.
في تجمع الإيرانيين السنوي (#FreeIran2018)هذا العام في باريس، والذي هو في الواقع جزء لا يتجزأ من انتفاضة الشعب الإيراني، تصرخ المطالب الشعبية بأنهم في إيران، قد عقدوا العزم على تغيير النظام الحاكم في وطنهم واستبداله بحكم ديمقراطي وشعبي. هؤلاء هم الممثلون الحقيقيون للشعب الإيراني المنتفض الذين يسلطون الضوء على بديل هذا النظام في منظمة واحدة واسعة النطاق.
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
Abdorrahman.m@gmail.com