اكرم حسين
في مقابلة خاصة على تلفزيون روناهي اكد الدار خليل في 13-5-20180 على انهم بصد اجراء مراجعة معمقة لما حصل في عفرين ودراسة اسبابها وتداعياتها وعلى كافة المستويات وسيعملون على تامين احتياجات الاهالي في منطقة الشهباء ممن نزحوا جراء “الغزو ” التركي للمنطقة بشكل اسعافي كما اكد في ختام اللقاء على ضرورة عقد مؤتمر قومي لكرد روجافا بدون استثناء وهو ما يعكس تغيرا ملموساً في خطاب حركة المجتمع الديمقراطي تجاه المجلس الوطني الكردي الذي تعرضت قياداته للسجن والنفي والاعتقال .
في البداية لا بد من التأكيد على ان المسؤولية تتوزع فيما وصل اليه الوضع الكردي في سوريا من تصادم بين جهات عدة محلية واقليمية ودولية . الا انه ما من احد ساهم في ايصال المشهد الكردي الى ما هو عليه اكثر من الكرد انفسهم .لأنه حتى الان لم يتم أي اعتراف رسمي او قانوني بالكرد سواء من قبل السلطة او المعارضة ولم يتم تدويل قضيتهم ايضاً ، فعندما قامت الثورة السورية سرت في نفوسهم موجة من الامل وفتح امامهم طريقا كانوا ينتظرونه منذ زمن بعيد ، وهو تحقيق الديمقراطية والمساواة وحقوق الانسان ، وحل القضية الكردية وفق العهود والمواثيق الدولية ، وازالة الحواجز المتعددة بين مكونات الشعب السوري ، كي يتطور المجتمع دون عوائق حقيقية . بعيدا عن الغوص في بئر تاريخية . لم يحلم الكرد ان يكون لهم جيشهم واسايشهم وادارتهم . فأقصى ما كانوا يحلمون به أو يطمحون اليه هو الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي وبعض المؤسسات الثقافية بما فيها التعلم باللغة الكردية ، وهو ما ناضلت من اجله احزاب الحركة الكردية منذ التأسيس وحتى قيام الثورة
لابد من ان يقترن خطاب خليل ممارسيا – كي لا يبقى في الهواء – ببعض الخطوات التي يمكن ان تعيد الثقة الموءودة بين الطرفين المتخاصمين بعد اخفاق عدد من الاتفاقيات التي عقدت بينهما برعاية الرئيس مسعود البارزاني. حيث لازال المجلس يصر على التمسك بها من طرف واحد . رغم تغيير الكثير من الظروف والوقائع الحسية والمادية على الارض .هذا المؤتمر طالما انتظره كرد سوريا كي يستطيعوا ان يستعيدوا جزءا من قرارهم من خارج الحدود .
على الضفة الاخرى لازال المجلس الوطني الكردي يتعثر في خطواته نتيجة الضغط الشديد الذي يتعرض له من جهات عدة واهمها عدم القدرة على عقد مؤتمره الذي تأخر انعقاده بسبب منعه من قبل الاسايش بغية اعادة هيكلته واجراء مراجعة حقيقة لسياساته التي بقيت على وتيرة واحدة ولم تتبدل منذ تأسيسه وكأننا بتنا نحفظ بياناته ومواقفه عن ظهر قلب ، وبالتالي لا بد من التفاعل مع ما طرحه خليل وضبط مفاهيم المجلس وخطابه والخروج من ردود الافعال الى ممارسة السياسة الحقيقية ، والابتعاد عن اللغة التي لا تساعد على التقارب ، ولا تدعم الحوار الكردي . بل تكرس التفرقة والانقسام والتصادم بين مكونات واطراف الحركة الكردية السورية . لان كل طرف يبحث في ردات فعل الطرف الاخر. فأحيانا قد تقابل ابتسامة بفيض من الامتنان وتؤدي الى تقوية العلاقات الهشة بين الطرفين .
التسويات تحتاج الى تنازلات مؤلمة ، وفي السياسة لا يوجد اصدقاء دائمون ولا اعداء دائمون كما عودتنا الحياة، وخاصة في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها كرد سوريا وبالتالي ينبغي عدم تضييع الفرصة التاريخية التي فتحتها الثورة السورية امام الكرد بعد ان كانوا مهمشين وتابعين وتمارس عليهم كل مشاريع التذويب والصهر وتطبق بحقهم القوانين الاستثنائية والعنصرية والشوفينية .
للمرة الاولى يحتل كرد سوريا موقعا مهما في العلاقات الاقليمية والدولية ويحضرون مؤتمرات دولية بصفتهم كرد سوريون وليس أي شيئ اخر ، وتصبح لديهم قوات تنسق مع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية ويبنون “ادارة ” الى جانب مؤسسات النظام – رغم كل سلبياتها واخطائها وهشاشتها – تدير شؤون الناس وتبني مؤسسات الشرطة والامن والقضاء والمجتمع المدني وقد لا يعكس هذا كل الطموح الكردي . لكنه يدغدغ احلامهم ويلبي جزءا مهما منها رغم نزع القائمين عنها طابعها القومي .
اليوم ، الكرد في عين العاصفة بشكل او باخر وهم كلهم على متن زورق واحد ويسيرون الى الغرق وهم يكيلون الاتهامات ويتبادلون الشتائم . غير ابهين بالمصير الذين ينتظرهم جميعا ، ولهم في عفرين عبرة فيما وصلت اليه اوضاع الجميع.
هذا التحول المشهدي جدير بالتوقف عنده كرديا وسوريا لان الكرد يتوقون دائماً الى النهوض بعد كل حقبة تاريخية من السقوط وتعاقب الخذلان والمذلة ، والان نرى في ما يحصل في كردستان استعادة لذات الكرد ولإعجاب الاخرين بهم.
على الحركة السياسية الكردية ان تجسد في عملها وتسترشد في ادائها المقولة التي تقول ” خير الناس انفعهم للناس” فهل تعمل الاحزاب من اجل نفع الناس وتجلب لهم الامن والسعادة والفرح وتكتسب الشرعية السياسية ويقبلها الناس دون قوة او مبالغة بالإكراه ، ام ستستمر على ما هي عليه وتكون اداة من اجل تنفيذ اجندات محلية او اقليمية او دولية او ضحية لبعض المنافع الشخصية لهذا القائد او ذاك وبالتالي سيكون مصيرها اللعنة ومزبلة التاريخ !