بقلم: هدى مرشدي*
في هذه الايام بعد انسحاب امريكا من الاتفاق النووي سعى رؤوس ومسؤولو النظام الإيراني على ما يبدو بعد الضربة القوية والقاسية التي تلقوها إلى التضرع للدول الغربية والتماس منهم البقاء في هذا الاتفاق النووي الهش للغاية ويحاولون من خلال التشجيع والإغراء، إبقاء الأطراف على مسك رأس هذا الخيط الملفوف. ومن جهة أخرى يريدون الإظهار أن خروج الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق عبارة عن أمر قليل الاهمية أو يريدون إظهاره على أنه تصرف صبياني. وكذلك كما رأينا كيف أعلن أحد مسؤولي نفس هذه الحكومة على الفور: بأن خروج ترامب من الاتفاق النووي أمر لم يكن مهما بالنسبة للأمة الإيرانية.
وكما قال أحد منظّري النظام الإيراني في الشؤون الأمريكية: «علينا أن نصبر». لقد ارتفع الغبار الآن وأصيب الجميع بالصدمة. يجب أن نرى ماذا سيحصل بدون وجود الدعم الامريكي فإن حفظ وبقاء الاتفاق أمر غير قابل للاستمرار وكذلك لن تعود العلاقات الاقليمية في المنطقة لروتينها العقلاني.
كما اعترفت شخصية سياسية داخل النظام بإن الأوروبيين وعلى عكس ما يعتقده البعض ليسوا مستقلين لتلك الدرجة، والشركات الأوروبية الكبرى تسعى وراء الأرباح والاستثمار.
إذا قررت إيران أيضاً الانسحاب، فإن صنع سياسة جديدة للإصلاح سيكون أمرا صعباً للغاية. ومن الضروري الآن معرفة ما إذا كان النظام قادرًا على الاستجابة للنتائج الخطيرة لهذه القضية.
على سبيل المثال فان جميع العقوبات التي رفعتها الولايات المتحدة عن إيران خلال الاتفاق النووي قامت باعادة تفعيلها هي والعديد من العقوبات الاخرى وبالاضافة إلى هذه العقوبات تم فرض عقوبات اقتصادية ثقيلة ضد إيران وأيضا فان أي شركة من الشركات الدولية تنتهك أو تخرق هذه العقوبات فانها ستقابل بالعقوبات الشديدة من قبل امريكا.
الان يجب رؤية ما حمل هذا الاتفاق من نوعية وازدهار بالنسبة للحكومة والشعب حيث يدافع النظام اليوم عن هذا الاتفاق.
ففي الخطوة الأولى يجب القول إنه في عام ٢٠٠٩ حيث تم توقيع الاتفاق على الرغم من تدخلات النظام الإيراني وكذلك فضحه في الاستمرار في طريقه للحصول على السلاح النووي كل هذا كان واضحا وجليا ولكن هذا الاتفاق ولاسيما مع حضور اوباما أظهر أنه تم التغاضي وغض النظر عن سلسلة الحقائق هذه وتم إعطاء الضوء الأخضر لهذا النظام وفي عام ٢٠١٣ بعد كتابة مسودة ومشروع الاتفاق النووي بدأت ماكينة تدخلات النظام الإيراني في المنطقة بالدوران وفي عام ٢٠١٥ تقدمت بسرعة نحو الأمام دون فرامل تمنعها من التوقف.
منذ بدء العمل بتنفيذ الاتفاق النووي خلال هذه الاعوام ازدادت بشكل متصاعد عمليات تصدير الارهاب والدعم المالي للمجموعات الارهابية الموالية للنظام في المنطقة . على سبيل المثال توفير وتامين صرف ومصاريف ودعم وتقوية الارهاب والمجموعات الارهابية مثل حزب الله اللبناني و إثارة ودعم الحرب في سوريا ودعم الحشد الشعبي في العراق ودعم وتوفير متطلبات الحوثيين في اليمن…
لأن هذه التكلفة والمصاريف التي صبت في نهاية المطاف في جيوب النظام ومسؤولي الحكومة ذهبت بشكل كامل في اتجاه الصرف على التدخلات في الشرق الاوسط ونشر الحروب والا بما يخص ظروف الشعب والمعيشة الاقتصادية بعد زلزال نوفمبر ٢٠١٧ وبعد سبعة أشهر لا تزال لديهم عائلات لايملكون قوت عيشهم ولا حتى خيمة يسكنون بها.
ارتفاع أسعار الدولار، وزيادة التضخم اليومي ، وسحب أرصدة الشعب من قبل البنوك، والضغط على العمال والطبقات الكادحة و العاملة، كل هذا يفتح المجال أمام الاحتجاجات الاجتماعية والانتفاضات. ليس من دون سبب أن نرى كيف تمتلىء وسائل الاعلام الحكومية الكبرى بالتحذيرات والاخطارات حول ردود الفعل الاجتماعية.
من الواضح أن اقتصاد النظام ، الذي يخرج الآن عن نطاق السيطرة ، سينهار بالكامل ، وستكون هذه النهاية المأساوية لامفر منها لرؤوس الحكومة.
وكما قالت السيدة مريم رجوي مراراً وتكراراً في نفس السياق: “سحب بساط البرنامج النووي للنظام مع تفكيك برنامج صواريخه، وطرد قوات الحرس من دول المنطقة وإجبار النظام على وقف عمليات التعذيب والاعدام جميعها عبارة عن وحدة كاملة ومتكاملة . ينبغي على الحكومات الغربية ألا تغض الطرف عن أي جزء منها ، فقد أثبتت تجربة السنوات الثلاث الماضية أن الملالي استخدموا امتيازات وفوائد الاتفاق النووي لقمع الشعب الإيراني وقتل الشعب السوري.
على هذا الأساس ، نحث بشدة الحكومات الغربية على اتخاذ سياسة للقضاء على الهيكلية الكاملة للبرنامج النووي للنظام الإيراني.
واليوم هو الوقت المناسب لفتح الطريق أمام المقاومة والشعب الإيراني. وذلك لأن الحل الوحيد والخيار الأوحد في يد المقاومة والشعب الذين هم آصحاب البلاد الأساسيون.
*كاتبة ايرانية