الخيانة من ميديا الى كركوك

عيسى ميراني
 
الخيانة بكل معانيها لازمت التاريخ السياسي والعسكري الكوردي منذ بدايات الكينونة الكوردية وحتى الان وكانت على الدوام في صراع مستدام مع قوى الخير وفي اغلب الاحيان كانت تنتصر وتصبح سبباً لانتكاستهم بالاتفاق والتعاون مع الاعداء لكسر ارادة الشعب انتقاماً لأحقادٍ شخصية او طمعاً بالجاه والمكاسب المادية فكانت البداية من الامبراطورية الميدية التي سقطت بسبب خيانة زعيم أحد كبار العائلات الميدية ويدعى (هارباك) للإمبراطور الميدي (استياك ابن كيخسرو) وانضمامه مع فرسانه للجيش الاخميني بقيادة الملك (كورش) الذي كان يحكم مقاطعة فارس وهي إحدى ولايات الامبراطورية الميدية
 واستطاع الجيش الاخميني أن يأسر ابنة استياك وزوجها وولديها، وطالب كورش ان يستسلم استياك مقابل اطلاق سراحهم، ولكن كورش غدر بهم وقتل الزوج مع الولدين وتزوج من ابنة استياك وانهارت ميديا بدءا من عام 550 ق.م بعد أن سادت قرنا ونصف واستمرت الخيانة في الجسد الكوردي حتى مرحلة تأسيس الامارات الكوردية في العهد العثماني وانهيار امارة بوطان بسبب خيانة الامير ازين شير ابن عم الامير بدرخان وانضمامه للعسكر التركي ومساهمته في كسر شوكة الامير مقابل وعودٍ بتنصيبه اميراً بدلاً عن بدرخان بك و اشتهرت تلك الخيانة بأغنية (ازخلفم خلفم  خويي شيري صدفم ) والتي مازال الكثير من الكورد يرقصون على انغامها دون ان يدركوا بانهم في رقصهم وسماهم مازالوا يتجرعون فيروس الخيانة واستمر مسلسل الخيانة حتى ثورة الشيخ عبدالسلام البرزاني الذي وشى به احد ابناء جلدته من الكورد واصبح سبباً في القاء القبض عليه من قبل الاتراك العثمانيين وشنقه فيما بعد  وأن أحد الأسباب الرئيسية في انهيار مملكة كردستان التي أعلنها الشيخ محمود الحفيد هم المثقفون والمتنورون الكورد الذين رفضوا دعم مملكته بحجة أنها ملكية عشائرية وفي الوقت ذاته دعموا دويلة البصرة وحكومة بغداد ، وخانه أيضا زعيم عشيرة كردية وغدر به أثناء هجوم الجيش البريطاني عليه ولم يتوقفوا عن خياناتهم حتى وضعوا رحالهم في كركوك التي وصفت بأنها قلب كوردستان فباعها تلاميذ الخيانة بأبخس الأثمان لسبب واحد وهو العداء للبرزانية وفي كل المراحل التي مرت بها الخيانة  لم يستفد منها سوى الأعداء واصبحوا على قناعة تامة  بأن الكورد لا ينكسرون ولا يتحطمون الا بالكورد ومازال مسلسل الخيانة مستمر في الاجزاء الاربعة ولكن بمفاهيم مختلفة  وفي النهاية وان كثرت العراقيل والخيانات فلن ينجح سوى المشروع القومي الكوردي واصحابه  ولا يدري الخونة باي منقلب سينقلبون. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…