بقلم: المحامي عبد المجيد محمد
abl.majeed.m@gmail.com
لم يمضي يوم واحد في العام الإيراني الماضي لم نسمع فيه أصوات غضب واحتجاج العمال في جميع أنحاء وزوايا إيران.
العمال والكادحون الإيرانيون المحرومون أيقنوا بشكل جيد أن أصل جميع أنواع الاذلال والحرمان يتلخص في النظام القمعي الفاسد لولاية الفقيه الحاكم في إيران. وبفهمهم لهذا الموضوع جيدا قام العمال وبقية طبقات الشعب الإيراني المحرومة في اتحاد غير مسبوق بتنظيم وتوجيه الاحتجاجات الواسعة والعارمة ضد حكومة القمع والنهب والفساد لولاية الفقيه.
إن ما رفع مستوى الاحتجاجات والمظاهرات التي قام بها العمال الإيرانيون خلال العام الماضي كان من ناحية ازدياد عدد وحجم العمال المحتجين، ومن ناحية اخرى معنويات العمال القوية وارتباطهم بالاحتجاجات الوطنية العارمة.
وقد أدت هذه الخصائص إلى عدم قدرة القوى القمعية للنظام في كثير من الحالات على مقاومة العمال وأجبرتهم على التراجع. على مدار العام الماضي، كان هناك عدد من حركات الاحتجاج العمالية، التي شهدت طفرة ونمو ملحوظين، حيث كان العمال دائماً مهددين بالطرد من أرباب العمل الحكوميين والقوات القمعية، أو لم يتم دفع رواتبهم أو أنهم واجهوا أنواعًا مختلفة من الضغوط والتهديدات.
المثال البارز على هذه الاحتجاجات العمالية يمكن رؤيته في الاحتجاجات الواسعة لعمال مجموعة الصناعة الوطنية للصلب في الاهواز، تجمع عمال ومقاولين السكك الحديدية في دورود، اضراب عمال مصنع الاسمنت في كارون خوزستان، اضراب عمال شركة (هفت تبه) لسكر القصب في خوزستان، احتجاج عمال شركة (آذر آب) في اراك، احتجاج العمال الكادحين في شركة (هبكو) في اراك، والاحتجاجات الشديدة والغاضبة من سقوط منجم (يورت) للفحم الحجري في محافظة كلستان. الانفجار الذي حصل يوم الاربعاء تاريخ ٣ مايو/ ٢٠١٧ في منجم ( يورت) للفحم الحجري ذهب ضحيته ٤٣ شخصا من عمال المنجم الأمر الذي أدى إلى حدوث احتجاجات واسعة ضد النظام في محافظة كلستان.
من الجدير بالذكر أن الاحتجاجات العمالية في العام الماضي وصلت إلى أكثر من ٥٧٦٠ حالة حيث سجلت حوالي ١٩٨٥ حركة احتجاجية للعمال وأوصلوا فيها عن غضبهم وانزعاجهم الشديد من نظام ولاية الفقيه المناهض للعمال لأسماع جميع أنحاء العالم .
العمال الإيرانيون بالاضافة إلى أعداد مئات الاضرابات والمسيرات والتجمعات الاحتجاجية ذهبوا عدة مرات من المدن الإيرانية المختلفة إلى طهران وتجمعوا في مقابل المؤسسات الحكومية مثل مجلس النواب ومكتب رئاسة الجمهورية والورزات المعنية وذات الصلة و مؤسسة المستضعفين وبقية المراكز الحكومية الاخرى واشتبكوا بكل شجاعة مع القوات القمعية لنظام ولاية الفقيه وأثبتوا من وجهة نظر العمال والكادحين الإيرانيين حقيقة أن منشأ السواد والبؤس اليومي لاكثرية الشعب الإيراني هو حكومة ولاية الفقيه باكملها.
يمكن للمرء أن يستنتج من الاحتجاجات العمالية والإضرابات المرتبطة بالانتفاضة الإيرانية الشعبية، أن الحل لإنهاء كل البؤس والشقاء اليومي للشعب الإيراني هو فقط للإطاحة بهذا النظام القمعي.
يمكن رؤية التوقع الواضح لانتصار الشعب، بما في ذلك العمال الإيرانيين، على الفاشية الدينية من مخاوف ورعب النظام من الاحتجاجات الضخمة للعمال، لأن خامنئي أُجبر على دخول المشهد شخصياً والرد على احتجاجات العمال. وقال: “إحدى المهام الرئيسية لأعدائنا هي أنهم قد يكونون قادرين على خلق ركود أو اضطراب في مصانعنا و مجموعات عمالنا ولا سيما المجموعات الكبيرة عن طريق العمال أنفسهم”
(صحيفة خراسان الحكومية ١٧ فبراير ٢٠١٨)
في حين يكرر الديكتاتور خامنئي هذه العبارات على لسانه فهو مطلع بيقين على عدم تأثير ذراع القمع وعلى تحول ميزان القوى بين صفوف العمال المحتجين وبقية الطبقات الكادحة مع القوات القمعية لنظام الملالي.
حاليا، تم إغلاق أكثر من 60 ٪ من الوحدات الصناعية ووحدات التصنيع بشكل فعلي بسبب استحالة الاستثمار في مختلف قطاعات الاقتصاد والأزمة المالية والركود والتضخم.
الأمر الذي تسبب بخلق جيش من الشباب والخريجين العاطلين عن العمل في إيران، والتي يمكن أن تؤدي في أي لحظة بالارتباط مع الفضاء الاجتماعي الانفجاري والهائج إلى انفجار اجتماعي ضخم وغير ارتجاعي.
بناءا على ذلك يمكن الاستنباط أن نظام ولاية الفقيه المناهض للعمال في عملية قمع وإجبار العمال قد سلم بوصوله إلى طريق مسدود بشكل فعلي.
النقطة الأخيرة هي أن العمال والكادحين الإيرانيين، هذا العام، يستقبلون اليوم العالمي للعامل بحيث توفر وتقرب أعمالهم وعلامات صعودهم في الحركة العمالية أكثر وأكثر من أي وقت مضى، التوقع القريب لانتصارهم على نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران. ولاسيما، أن نظام ولاية الفقيه في مجال السياسة الإقليمية والدولية، أيضا كما في السياسة الداخلية، يعاني من أكثر الأزمات غير القابلة للحل عمقا.
هذا هو السبب في أن العمال وغيرهم من الطبقات الكادحة في إيران يحاولون ختم نهاية لهذا النظام القمعي من خلال المزيد والمزيد من التوحد والارتباط المستمر مع الحركة الشعبية الوطنية في إيران ومن جملة ما نادى به العمال الإيرانيون من شعارات هو شعار «عدونا ها هنا لماذا يقول أن عدونا أمريكا» هذا الشعار يستهدف نظام ولاية الفقيه بأكمله.
قالت السيدة مريم رجوي في تاريخ ٢١ ابريل فيما يتعلق بالغضب والانتفاضة العارمة للشعب الإيراني:
أنه حان الوقت لاسقاط هذا النظام بكافة أركانه. الإضرابات والاحتجاجات المتزامنة في مختلف مدن منطقة كردستان وكرمنشاه واذربيجان الغربية وانتفاضة أهالي كازرون التي وصلت إلى يومها السابع حتى الان وكذلك انتفاضة المزارعين الاصفهانيين التي دامت لشهرين وانتفاضة الأسابيع السابقة لابناء وطننا من العرب في الاهواز وبقية مدن خوزستان تبين الاستعداد الضخم للمجتمع الإيراني من اجل توسيع الانتفاضة نحو اسقاط نظام ولاية الفقيه..