حسين جلبي
لصوص الجيش السوري الحر في عفرين؛ دفعونا للترحم على أيام لصوص حزب العمال الكُردستاني وأناقتهم، والذين لم تغادر أياديهم جيوب كُرد سوريا يوماً؛ إلا لإخراج ما فيها باسم آليكاري إجباري أو ضريبة قسرية. لقد مارس الأخيرون السرقة حتى في التعازي وحفلات الزفاف إلى يومنا هذا. آخر سرقاتهم كانت اسم الكُرد، فقد استولوا عليه واسموهم شعب الشمال، وأطلقوا على مناطقهم التي كانت غربي كُردستان أو كُردستان الغربية تسمية “الشمال السوري”.
المصور في وكالة فرانس برس، وأفضل مصور لعام 2014 التركي بولنت كيليتش هو من قام بتصوير عمليات النهب التي قام بها الجيش السوري في عفرين، وذلك بعد فرار مسلحي حزب العمال الكُردستاني أمام زحف الأتراك على المدينة، وتركهم المدنيين الكُرد يواجهون مصيرهم لوحدهم. إذا من يقف خلف الصور وتعرية اللصوص ليس كُردي، ولذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: أين تبخر جيش الإعلاميين الكُرد العظيم، وخاصة جماعة روناهي وموناهي، الذين كانوا انهمكوا يوماً في تصوير نساء داعش المدخنات؟ تحية لبولنت كيليتش التركي الذي خدم القضية الكُردية أكثر من الكُرد مجتمعين، وطز “بالإعلام الكُردي” الفاشل.
لنفترض أن من إقترب من عفرين لم يكن الأتراك أو جيشهم الحر، بل بيشمركة روج “لشكري روج” الذين يعسكرون في إقليم كُردستان؛ والذين يمنع الآبوجيون عودتهم إلى ديارهم، حتى أن أكثر من مسؤول آبوجي قال حرفياً بأنهم سيكونون لهم بالمرصاد؛ إذا ما فكروا يوماً بالإقتراب من روجآفا “بتاعتهم”. الواقع هو أن الآبوجيون كانوا سيتحولون إلى وحوش كاسرة أمام البيشمركة، وكانوا سيبيدونهم قبل أن تطأ أقدامهم أرض عفرين، ولنا في التصدي لجنازات البيشمركة خير مثال.
وضع عناصر حزب العمال الكُردستاني نصب كاوا الحداد في مدينة عفرين؛ يشبه قيام صدام حسين بكتابة جملة الله أكبر على العلم العراقي، فلا هؤلاء آمنوا برسالة كاوا ولا عملوا من أجلها؛ ولا ذاك آمن بكتاب الله ولا عمل على تطبيقه.
لا تختلف خيانة كركوك عن خيانة عفرين كثيراً. خونة المدينتين الذين زرعوا الآمال الكاذبة من حلفٍ واحد، إلا أن خيانة كركوك تمت في ليلة واحدة، فقتلت الكُرد مرة واحدة وأراحتهم، في حين أن خيانة عفرين جرت بالتقسيط المريح؛ فقتلت الكُرد على مدار الساعة؛ طوال ثمانية وخمسين يوماً، ولا زالت.
ترى ما هو مصير عبدالرحمن آبو؛ وبقية زملائه من المحتجزين الكُرد في سجون حزب العمال الكُردستاني بمنطقة عفرين؟ ماذا فعل الآبوجيون به، وأين أخذوه مع زملائه؟ أين عبدالرحمن آبو؟
سخر الكُرد من العمليات الانتحارية التي يقدم عليها داعش؛ وغيره من التنظيمات الجهادية ومن حورياتهم وجنتهم، وعندما تدعشن حزب العمال الكُردستاني الماركسي اللينيني اليساري العلماني التحرري، ودفع الفتيات والشبان الكُرد السوريين للقيام بعمليات انتحارية في عفرين تحول الكُرد إلى دعاة، وتحولت صدورهم إلى جنة تطلب المزيد، ترى ما الذي لم يفعله الحزب بالكُرد بعد؟
يقول المدعو نوري محمود، المتحدث باسم وحدات حماية الشعب “الجناح السوري لحزب العمال الكُردستاني” بأن: “معركتنا في عفرين مستمرة، مقاومتنا مستمرة حتى تحرير عفرين”. لو كنت رجلاً يا محمود لما سمحت للأتراك بالإقتراب من حدود عفرين، ولما سمحت لهم بدخولها إلا على جثتك، ولأقدمت على الانتحار ـ كما يفعل الفرسان ـ بعد هزيمتك المنكرة. دع الناس وشأنهم يا هذا، ويكفي مقاومة عصر واحدة لم تصمد حتى المغرب، وجلبت ما يكفي من كوارث.
الآبوجيون هم أكذب خلق الله؛ لم يصدقوا بكلمة واحدة يوماً، وكل رواياتهم عن عفرين من ألفها إلى يائها كانت كاذبة، وكل ما كان يصدر من المدينة على الإعلام الكُردي كان صدى لصوتهم النشاز الذي لم يبقوا سواه. أظهرت عفرين عدم وجود إعلام مهني مستقل في المناطق الكُردية السورية، بل ماكنات تنتج الكذب في استوديوهات مغلقة.
ماذا سيفعل حزب العمال الكُردستاني إذا ما نفذ الأتراك وعيدهم واتجهوا نحو كوباني والقامشلي؟ هل سينفذون “مقاومة عصر” جديدة مثل تلك التي خاضوها في عفرين، بحيث ستؤدي في نهاية المطاف إلى إخلائهم لتلك المناطق وترك المدن والبلدات والقرى للنهب، بعد تدميرها وهجرة سكانها، أم أنهم يراهنون على الأمريكان أم نظام الأسد مرة أُخرى، أم على “قريلان” الذي سيحول كوباني والقامشلي إلى مقابر للأتراك، مثلما سبق له وأن حول عفرين إلى مقبرة للأتراك، كما قال؟
الخطوة الشجاعة لحزب العمال الكُردستاني؛ الذي لم يكن لمرة واحدة شجاعاً هي أن يقدم على حل جميع الإدارات والأجسام المدنية والعسكرية التي أسسها في المناطق الكُردية السورية، ويترك الكُرد ينصرفون إلى بيوتهم وشؤونهم، وينسحب بما تبقى له من مسلحين وما جناه من أموال إلى جباله، طالما أن مصير المنطقة في النهاية هي للنظام. هل سيسمح له نظام الأسد بذلك؟
غاب الكُرد عن الواقع خلال السنوات السبع الماضية وسجنوا حياتهم في العالم الإفتراضي، إلا أن مخاطر جدية تتهدد الفيسبوك حالياً؛ قد يكون أحدها الإغلاق. ماذا يمكن أن يكتب التاريخ عن الكُرد خلال السنوات العاصفة الماضية إذا غاب الفيسبوك؟ أين هو نتاجهم وعملهم بعيداً عن الفيسبوك الذي لا يسمع به أحد خارجه؟ ثم كيف سيدافع الكُرد عن عفرين وغيرها إذا فقدوا سلاح الفيسوك؟