الأمازيغي: يوسف بويحيى
بعد أن أقنعت روسيا أمريكا بضرورة بقاء الأسد او الأصح بعد ان فشلت أمريكا في ذلك مع تركيا بدعم عربي سني ضخم ،إنقلبت الثورة السورية من ثورة لإسقاط النظام إلى ثورة تلتهم نفسها شيئا فشيئا حيث مازالت تصفيات الحسابات مستمرة إلى الآن.
المعادلة السورية تقبل حلين إما مع النظام أو ضد النظام لا محل للحياد ابدا ،فكل من يدعي او يتبجح بالحياد فهو كاذب و منافق لأن المواقف كشفت كل شيء للشعب السوري بكل مكوناته ،من خلالها حارب النظام المعارضة السورية بكل أنواعها لكن عندما خذلت الثورة السورية إنقلب كل المتآمرين سواء النظاميون و المعارضون على أجساد الشعب السوري.
في سوريا حاليا لا يوجد شيء ٱسمه النظام بل حكم ميليشيات مختلفة كل واحدة وفق حدودها و مصالحها بوصاية أنظمتها الخارجية ،كما لا يوجد ايضا شيء ٱسمه المعارضة السورية في سوريا حاليا ،بل فقط فصائل عسكرية تحت الطلب لأجندات لاسورية و لها أهداف في سوريا ،نتيجة هذه المستجدات أصبح لا أفق مستقبلي لمن كان مؤيدا و محايدا ابدا ،علم ان القائم بدوره فقط عامل لا حاكم (النظام السوري مثالا).
إنزلاق الثورة عن مسارها الأول بفعل إستحالة أهدافها بسبب التدخل الروسي و الصيني أدى بها إلى ان تسير في مجرى آخر لتصفيات تاريخية عرقية طائفية ،علما أن الهجوم التركي على عفرين الكوردستانية بمثابة خيبة أمل المعارضة السورية و تركيا في إسقاط النظام ،مما جعل الميت التركي يستعمل المعارضة لمحاربة هاجسه الأكبر الشعب الكوردي ،عملياته العسكرية الإرهابية بدأت من عفرين ناويا الزحف على كل المناطق الكوردية غرب الفرات زيادة أن هناك إحتمال ضرب شرق الفرات كذلك مع الوقت ،من جهته النظام السوري بدأ هجومه على المناطق المعارضة له قصد تطهيرها كليا.
في سوريا لم يتبقى شيء إسمه ثورة و لا شيء إسمه مطلب شعبي ،كل ما تبقى الآن فقط قتل الشعب السوري على يد كل من يملك السلاح في سوريا سواء كان نظاميا او معارضا أو محايدا ،الشعب السوري يقتل و يباد بدون اي نتيجة تذكر ،لا في سبيل إسقاط النظام و لا لتقوية المعارضة ،علما ان المعارضة حاليا لا تحارب النظام و العكس صحيح ،المعارضة السورية تقتل الشعب الكوردي في روجافا و النظام يقتل الشعب السوري في المناطق المعارضة له تاريخيا (الغوطة).
كل هذه الوقائع الملموسة توحي بأن هناك إتفاق بين النظام السوري و التركي للتخلص من اعدائهم دون المساس ببعضهم البعض ،لهذا إستفرد الأتراك بالشعب الكوردي و النظام بالعرب السنة ،حيث ان قوات الكورد الموالون للنظام و المعارضة السورية أصبحوا خارج المعادلة السورية بهذا التعبير ،إلى هنا بانت حقائق نوايا المعارضين و المحايدين في المرحلة الثانية من المعادلة السورية.
أما بالنسبة للكورد الأنكسة من داخل الإئتلاف مع بداية الإتفاق السوري التركي بدأت المعارضة السورية (العربية،التركمانية…) بالضغط عليهم للخروج و الإنسحاب لأسباب عدة من بينها محاربتهم و القضاء عليهم عمليا على أرض الواقع و الإنفراد بالقرار للعودة إلى سوريا على حساب الشعب الكوردي في روجاڤا علما أنه لم يترك النظام للمعارضة مكانا للتواجد ،مع العلم ان النظام السوري بدوره يتمنى إنسحاب الأنكسة من الإئتلاف ليخسر المعركة السياسية ليرمى على هامش معادلة سوريا شأنه شأن الكورد المحايدين و المؤيدين للنظام.
بقاء الأنكسة في الإئتلاف تجعل منه عضوا في المعادلة السياسية الدولية بينما إنسحابه يبقى خسارة سياسية ،علما أنه الممثل الوحيد للصوت الكوردي في المحافل الدولية ،أما التحليل إنطلاقا من العدوان التركي على عفرين فالمسؤولية تبقى على عاتق الإدارة الذاتية كونها التي تدير إداريا و عسكريا روجاڤا ،لهذا فأي تحليل سياسي لمواقف الأطراف الكوردية في قضية عفرين بالأخص تتطلب أدلة منطقية صارمة لا عاطفية كما تحلل بعض الأطراف قصد تلبيق التهم و رمي فشلهم و ورطتهم على الأبرياء الكورد.
بهذه المستجدات الواقعية الملموسة حاليا فالمعادلة السورية إلى حد الآن عقيمة و مصير العرب السنة و الكورد مجهول ،إلا إذا كان هناك قلب في موازين القوة للأطراف المتصارعة ،علما أن هناك قلق و غضب شديد قد ينفجر في أي لحظة على الساحة السورية سواء على النظام أو حلفائه.