الجزء الرابع: عفرين تحت النار

الأمازيغي: يوسف بويحيى
الحقيقة المرة هي تدني مستوى المثقف الكوردي من الناحية الأخلاقية بخصوص تحليلية قضية عفرين في الإختيار بين النظام التركي و السوري ،في حين أن الجميع أنظمة غاصبة لكوردستان و شعبها ،لسوء الحظ أن المثقف اصبح يحلل بمنطق السياسي الكوردي ،وهذه هي الإشكالية التي اثرت في تنمي الوعي لدى الشعب الكوردي بقضيته العادلة ،فعوض أن يخضع السياسي للمثقف اصبح العكس ،هكذا بيعت روجافا و باكور و كركوك و عفرين.
إن الهجوم التركي على عفرين عدوان في حق الشعب الكوردي شأنه شأن العدوان الإيراني على إقليم باشور ،لكن هناك فرق كبير بين قيادات الإقليمين في الدفاع عن المكتسبات الكوردية ،حيث أن “مسعود بارزاني” لم يتنازل عن الإقليم و الإدارات و نقط قوة الكورد ،بينما الإدارة الذاتية تنازلت عن المكتسبات و التي لم تكن أبدا تفي بغرض الكوردياتية الحقيقية ،شتان بين من يحلل قضية هولير بقضية عفرين لإختلاف القيادة و المشروع و الموقف ،لكن يبقى الشعب الكوردي نفسه المستهدف.
حرب عفرين كانت فقط فيلم مفبرك بين النظام السوري و التركي لتدمير القرى و قتل المدنيين بذريعة تواجد pkk و pyd ،الجميع عمل فقط لإيجاد سبب مقبول لإخضاع المنطقة في يد النظام السوري أولا للقضاء على الشعب الكوردي و إباذته ،ثانيا إفشال المشروع الأمريكي في وصل كوباني بعفرين في إنشاء الفيدرالية ،أمريكا فشلت في مشروعها بسبب ضبابية موقف إدارتها و كذلك بخيانة القوات الكوردية التي فضلت في آخر المطاف الولاء للحلف الروسي و الإيراني و النظام السوري ،هكذا يتم خيانة آمال الشعب الكوردي ككل.
الإدارة الأمريكية في عهد “دونالد ترامب” فشلت في “عفرين” و كذلك في “كركوك” ،خسارة عفرين بمثابة خسارة موقع إستراتيجي مطل على البحر ،و كركوك خسارة لمنطقة نفطية هائلة ،هذه الخسائر ترتب عنها غضب شديد في الداخل الأمريكي على البيت الابيض خصوصا من طرف الديموقراطيين الذين نددوا كثيرا بأهمية دعم قيام دولة كوردستان مستقلة كضرورة و حتمية لحفظ ماء وجه أمريكا بعد هذه النكسات التي تعرضت لها في سوريا و العراق.
دخول قوات النظام السوري و الميلشيات الإيرانية (النظامية) إلى عفرين سيؤدي إلى كوارث و جرائم إنسانية كالتي إرتكبها الحشد الشعبي في كركوك و طوزخورماتو و خانقين…،هي بداية لأنفال ثالثة بعد حلبجة و كركوك و الآن عفرين ،كما أن الجرم لن يقف فقط في عفرين بل سيمتد على كل المناطق الكوردية في روجاڤا ،مما يفسر بأن القيادات الكوردية الحاكمة أثبتت فشلها سياسيا و فكريا و عسكريا على مر تاريخهم النضالي.
من جهة أخرى لن تصمت أمريكا (الديموقراطيين) عن خسارة عفرين و كذلك كركوك ،أسباب أثرت سلبا على سمعة البيت الأبيض في الداخل الأمريكي ،أزمة سياسية ادت بشرخ كبير بين الساسة و الخبراء الأمريكيين الشيء الذي قد يعجل بإتخاد قرار حاسم بخصوص كركوك و عفرين ،شيء بوادره إتضحت حتى على ملامح تصريحات قادة البيشمركة  الكورد بخصوص إسترجاع كركوك و غيرها من المناطق المحتلة ،أما عفرين فقضيتها معقدة ليس بقرار دخول النظام السوري بل بتواجد القوات الكوردية pkk و pyd التي قد تؤدي إلى مواجهات كوردية خالصة مع قوات سوريا الديموقراطية “قسد” الجناح العسكري الأمريكي ولو بعد حين.
إن معالم و ملامح قيام دولة كوردستان أصبحت تظهر مع كل ازمة تعيشها المنطقة ،خصوصا أن امريكا أعربت عن أخطائها في كركوك و الآن عفرين بسبب سياساتها النفعية ،بعد ان أكدت كل تجارب الشرق الأوسط المتعلقة بالملف الكوردي أن أمريكا لا تساوي شيئا بفعل المنافسة الشرسة للروس و إيران و الصين…إلا بالحلف الكوردي و بالأخص “البارزاني” ذو التوجه و الموقف الصامد ،فالدولة الكوردية بسواعد البيشمركة و شعبها البطل مسألة وقت لا غير.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…