العالم يتجهز لسقوط الدكتاتور في إيران

عبدالرحمن مهابادي* 
هل سألت نفسك لحد الآن أنه اذا سقط النظام الديكتاتوري الديني الحاكم في إيران ماذا سيحدث ؟؟ وماهي انعكاسات هذا الأمر على المنطقة والعالم؟ 
وإذا كان لدينا القليل من المعرفة بالثورات العظيمة التي شهدها القرن الماضي (بما في ذلك ثورة أكتوبر في الاتحاد السوفياتي السابق أو الثورة العظيمة في فرنسا، وما إلى ذلك) والآثار الهائلة التي كان لكل منها على المجتمع الدولي، يمكننا أن نقترب إلى حد ما من الإجابة على هذين السؤالين.
عادة، كتابة تاريخ حقيقي وشامل للثورة يأتي بعد حدوث تلك الثورة، ولكن بالاعتماد على البيانات الحالية يمكننا الوصول إلى مثل هذه النقطة وتسهيل وتسريع كتابة تاريخ الثورة الإيرانية للأجيال اللاحقة.
في نظرة عامة على هذه الثورات، نجد أن العنصرين الاقتصادي والسياسي هما عنصران أساسيان في تكوين ثورة اجتماعية. فعندما يصبح الوضع الاقتصادي والسياسي للمجتمع في حالة من الخطر من جانب النظام الحاكم، بحيث يحرم الناس من الحياة الحرة والصحية، فإن قيام الثورة في ذلك المجتمع أمر لا مفر منه. خاصة عندما يكون لدى الشعب قيادة أو منظمة قيادية الدليل الموضوعي والذهني والمدى الكامل لهذا الأساس في هذه المرحلة من تاريخ الشرق الأوسط، هي إيران. 
الان بعد مضي ٣٩ عاما من الحكم المشؤوم للدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران ليس خافيا على أحد السجل الاسود لافظع دكتاتورية عرفها القرن. 
عندما يكون استمرار حياة الناس الذين يعانون من الجوع الشديد هو مرادف للقبول بالعمل المضني والمهلك من اجل الحصول على لقمة الخبز أو بيع أعضاء الجسم أو حتى بيع أطفالهم. إيران، التي لديها أكثر من 10 ملايين عاطل عن العمل. أكثر من 20 مليون إيراني تعرضت أموالهم لغارات النهب والسرقة من قبل العصابات الحكومية وعلى مدى أكثر من عام، هم يطالبون باستمرار بأموالهم المنهوبة. إيران التي لديها ملايين المتقاعدين وأطفال الشوارع والأناس الذين يمضون حياتهم يعيشون في الشوراع أو في القبور أو داخل بيوت مصنوعة من الكرتون . إيران التي انتشر فيها الإدمان والفاحشة والغلاء و … وقلما يمكن العثور على عدد من الأسر التي لم تذهب ضحية هذا البلاء المدمر خراب البيوت الذي لم يؤسسه ويجني أرباحه الملالي الحاكمون. فالناس الذين يرون بأم عيونهم أن كل ميزانية بلادهم وثرواتهم الوطنية ينفقها “عدد قليل” على المسائل الأمنية وبقاء النظام أو الحرب وتصدير الإرهاب والأصولية لحكام إيران إلى بلدان المنطقة، في حين يعيش شعب إيران تحت خط الفقر أو يموتون على شكل مجموعات بسبب الافتقار إلى الخدمات العامة و بسبب الكوارث الطبيعية مثل الزلازل أو الطقس البارد. 
أما في وصف الوضع السياسي في إيران تحت حكم الملالي، يكفي أن نقول أن أي معارضة لسياسات ومطالب الملالي ستكون عاقبتها هي القتل. وتستمر عمليات الإعدام على أساس يومي، وحتى الآن أكثر من 000 120 شخص من أبناء الشعب الإيراني أعدم أو اغتيل من قبل هذا النظام. وبالإضافة إلى ذلك، قلما يمكن العثور على عدد من الأسر التي لم يعدم أحبائها من قبل هذا النظام. وعدة ملايين من الإيرانيين في بلدان أخرى يعيشون “حياة المنفى”. 
الآن، نتيجة لهذين العنصرين الأساسيين للثورة في إيران وفي بداية الذكرى الأربعين لظهور هذا النظام المناهض للشعب الإيراني ، انتفض الشعب الإيراني من اجل الإطاحة بهذا النظام و من أجل الوصول بالثورة التي بدأت في عام 1979 ضد نظام الديكتاتوري لمحمد رضا شاه بهلوي والتي سرقها الخميني واتباعه وبقاياها وحولوها الى دكتاتورية أكثر دموية إلى الانتصار. 
الان من وجهة نظر موضوعية وفكرية فان المجتمع الإيراني يقترب من تحقيق ثورة أخرى. ثورة توجهها وتقودها المقاومة الإيرانية تحت رئاسة السيدة مريم رجوي. وليس خافيا على أحد سعي النظام الحثيث من خلال اعترافاته الواضحة بدور قيادة المقاومة في الانتفاضة الأخيرة لمحاولة جر الانتفاضة الى سيناريوهات مضحكة مثل “عقد استفتاء ” أو “الحوار الوطني ” أو انتشار الشائعات التي لا أساس لها من الصحة مثل ” استمرار الانتفاضة سيجعل من إيران تتحول الى سورية ثانية ” و…غيرها من السيناريوهات التي يريد النظام من خلالها التخلص من الحركة الشعبية الهادفة لاسقاط النظام. 
والآن هناك اجماع في الرأي على حقيقة دامغة وهي أن الوضع لن يعود الى ما كان عليه قبل الانتفاضة الأخيرة وأن إسقاط النظام أصبح قاب قوسين أو أدنى. 
هذه الحقيقة يمكن مشاهدتها في أحدث المواقف ووجهات النظر حول شأن إيران. أحمد جنتي أمين مجلس صيانة الدستور ورئيس مجلس الخبراء يوم الاثنين ٥ فبراير ٢٠١٨ في إشارة منه الى تسارع التطورات في إيران قال : ” منذ الآن أخشى من العام القادم ” وقال أيضا : ” يجب أخذ مسألة اسقاط النظام بشكل جدي” إن التصريحات التي أدلى بها هذا المسؤول الكبير في نظام الملالي في حين أن التطورات في إيران تتسارع كل يوم، وأي خطوة لا يمكن التنبؤ بها يمكن أن تطيح بهذا النظام ليست بعيدة عن التوقعات ابدا. مثل الانسحاب المفاجئ لقوات النظام الإيراني من سوريا أو العراق أو هروب قادة النظام من إيران إلى بلدان أخرى …
وقد زادت العقوبات المفروضة على النظام وأصبح الاتفاق النووي بين النظام والبلدان الغربية عشية حسم ملفه والتوافق عليه يصب في حساب خسارة وضرر هذا النظام فالدول الاوروبية، رغم كونها فى وضع اقتصادى سيئ، لكنها تميل مع الولايات المتحدة لمحاربة هذا الاتفاق. الشركات العالمية الكبرى ليست على استعداد لمواصلة الاستثمار في إيران كما كانت من قبل والبنوك الإيرانية مفلسة والناس يأخذون أموالهم من البنوك. لأن قيمة العملة الإيرانية تنخفض كل يوم. وفقا لأحدث المعلومات، تم تسعير مبيع وشراء كل دولار أمريكي حوالي 5000 تومان. 
وقد أكدت الحكومة الأمريكية والعديد من الدول القوية الأخرى دعمها للشعب الإيراني من أجل تغيير النظام في البلاد. إن مشهد دعم الشعب الإيراني اليوم، خلافا لفترة رئاسة باراك أوباما، الذي أدار ظهره للشعب الإيراني واختار أن يقف بجانب نظام الملالي هو خيار قوي جدا. 
هذه الأدلة وغيرها الكثير تقودنا إلى حقيقة أن الظروف على جانبي حدود إيران، داخل إيران وخارجها، يجري تجهيزها للإطاحة بدكتاتور القرن الكبير وهذا ما يشعر به قادة النظام، ولكنهم يسعون جاهدين إلى أن يقفوا في وجه هذه الحقيقة والواقعة التاريخية في العالم وهم يسعون جاهدين بعد ادخارهم لمليارات الدولارات في بنوك بعض دول المنطقة أو الدول الغربية النجاة بأرواحهم. 
وما من شك في أن انتصار ثورة الشعب الإيراني قريب جدا، ومع انتصار ثورة الشعب الإيراني، مثل الأمثلة المذكورة أعلاه، سيخضع العالم لتغيرات جدية وخطيرة. ويعتقد الكاتب والمؤلف أن انعكاس هذه الثورة لن يكون اقل شأنا من سابقاتها.
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
abdorrahman.m@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…