عمر كوجري
لم يكن مفاجئاً للكثير من المراقبين للوضع في المنطقة أن تركيا وضعت في مخططها مهاجمة مدينة عفرين الكوردستانية وقراها بدعوى معاقبة قوات «الحماية الشعبية» وتهديدها للأمن القومي التركي، وهذا مالم يكن حقيقة!!
استفتحت تركيا أوراق العام الجديد بالتّحضير لضرب عفرين، فبدأت بقصف القرى والبلدات المتاخمة للحدود بسلاح الطيران وسلاح المدفعية يوم السبت 20-1-2018 وجنّدت حوالي الخمسة والعشرين ألف جندي من فصائل قريبة من تركيا سمتها الحكومة السورية المؤقتة «الجيش الوطني السوري» هذا الهجوم الذي لقي مباركة واضحة من مختلف الطيف المعارض للنظام السوري، ومنها الائتلاف السوري.
لكن هذا العدوان لم يخلف وراءه غير الدمار لبيوت المدنيين وإزهاق أرواحهم، وتهجير عشرات الآلاف من المواطنين لقراهم.
حتى اللحظة هناك فتور يلفُّ الموقف الدولي، وهذا يعني أن تركيا ماضية في خطتها، وقد أخذت الضوء الأخضر من الدول” المحتلة” لسوريا مثل روسيا والولايات المتحدة وإيران والميليشيات الطائفية الدائرة في فلكها، وحتى تنديد رأس النظام السوري كان خجولاً.
وربما استمرار المعارك قد تدفع ب ي د بتسليم عفرين للنظام السوري وهذا ما فُسّر أن موضوعة التسليم كانت مبيّتة قبلاً بانتظار الفرصة السانحة، رغم أن أحد القياديين في الإدارة المذكورة قال في وقت لاحق إن الروس طلبوا منهم تسليم المدينة قبل مدة للنظام لكنهم رفضوا.
إلى الآن يبدو إدارة «الإدارة الذاتية» والتي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي مشوشة وانفعالية، وأقرب للعاطفية، فإن كانت على المستوى العسكري قد تهيأت للمعركة رغم أن الواقع يقول بصعوبة المواجهة مما سيذكرنا لا سمح الله بالدمار الكبير الذي لحق بكوباني المنكوبة، إلا أن الخطوات الدبلوماسية وإقناع الدول ذات القرار بالضغط على تركيا للعدول عن قرارها باستمرار العدوان ماتزال حتى الآن ضعيفة وهشة، ورغم الدمار الذي يلحق كل يوم بالممتلكات والأرواح إلا أن الإدارة تصعّد وتجيّش العاطفة، وتشحذ الهمم، ولا يتوقف الإعلام المقرب من منظومة العمال الكوردستاني بنعت معارضي «خطه» بالخيانة، وفي هذا الافتراء والكذب المفضوح.
رغم أن الأجواء كانت مهيأة لفتح صفحة جديدة مع الحركة الكردية إلا أن الاتحاد الديمقراطي لم يبادر بأيّ خطوة تنشد تجاوز الخلاف، كعرض الشراكة في إدارة روجافايي كوردستاني، وفتح باب سجونه أمام المناضلين الكرد، ومنهم قياديون في حزبنا PDK-S بل قام في خضم مأساة عفرين باعتقالات جديدة.
وهنا الخطر بعينه، والذي نتخوّف منه جميعاً.
كوردستان – العدد 577 زاوية” العدسة