عبدالرحمن مهابادي*
بعد أن خطت انتفاضة الشعب الإیراني خطوتها الأولى في مسيرتها واستعدت لخوض خطواتها اللاحقة سعى النظام وعملائه ولوبياته في خارج إیران للوقوف باي شكل كان في وجه توسع الانتفاضة الإیرانية.
يبدومن النظرة الأولى أن النظام الدكتاتوري الحاكم في إیران من أجل لجم وتقييد الاوضاع المضطربة وقمع الانتفاضة الإیرانية العارمة قام بطرح سناريوالمؤامرة واتباع اساليب الكذب والمراوغة والعمل على تعزيزها حتى يستطيع العمل بطرق مختلفة وقد جند من اجلها اجهزته الاستخباراتية.
هذا الاجراء الذي اقدم النظام على البدء به وزاد كل يوم لحاضنته وتسابق على مساعدته ونجدته الداعمون الخفيون للنظام ( أصحاب سياسات المماشاة والاسترضاء الغربيين).
اجراءات النظام من اجل الهروب من سقوطه تملك مضمونا واحدا على الجبهتين الداخلية والخارجية. رموز النظام في كل من الجبهتين خروا خائفين من رعب السقوط على يد الشعب الإیراني والمقاومة الإیرانية واهتزت أعمدة وأسس نظامهم.
وذالك لأن الانتفاضة الاخيرة التي بدأت في الايام الاخيرة من عام ٢٠١٧ تختلف كثيرا عن الانتفاضات السابقة. وهذا التفاوت المميز لهذه الانتفاضة اعترف به رؤوس النظام وخبرائه ايضا.
سعيد حجاريان الذي هو أحد مؤسسي وزراة مخابرات النظام الحاكم وأحد اعمدته اعترف في أحد مقالاته التي نشرت على الصحيفة الحكومية “اعتماد” أن الانتفاضة تجاوزت روحاني وكل اركان النظام. الانتفاضة كما قال هو”مثل امواج البحر تتراجع قليلا الى الوراء لتعود وتضرب بشدة أكبر مرة اخرى”.
الدكتاتورية الحاكمة في إیران واعتمادا على مزاياها الدينية التي تمتلكها تستطيع ان تكيد الدسائس بألف شكل ولون في مسيرة هذه الانتفاضة والتي يمكن أن يكون بعضها رائعا وبراقا ولامعا وآخذا للالباب في شكلها الظاهري ويظهرها لنا جنبا إلى جنب مع مزيد القدرة والطاقة. ولكن كل هذه الدسائس تأتي من باب ضعف وخدع النظام والشعب الإیراني والمنتفضين الابطال لاتجري عليهم هذه الحيل ويستطيعون كشفها بسهولة وفي هذا الصدد فان مفتاح الإحياء والكلمه الكيميائية هي نفسها التصميم على” اسقاط” النظام وعدم الابتعاد عنها ابدا لانه بالتمسك والثبات على هذه المطالب المشروعة والأساسية نستطيع تحييد كل حيل وألاعيب النظام ووكلائه وعملائه لترتد عليهم هذه الحيل.
من الممكن ان يقولوا انه مع استمرار هذه الانتفاضة ستصبح إیران كسوريا اليوم اوان تصبح إیران الموحده إیرانستان مجزئة الی قطع متفرقة ومن الممكن ان يقولوا ان إیران ستصبح فريسة ولقمة سائغة للغرب والشرق اوان تتحول الى دولة ملحدة لا دينية وغير مسلمة وكافرة ومنافقة والممكن ان يقولوا ايضا ان إیران ستتخلف وترجع للوراء لمئات السنين وستغلق جميع ابواب المستقبل في وجه إیران والإیرانيين والممكن ان يقولوا ان الحظ السئ سيلاحق الشعب الفقير وابنائه. …والى آخره. يجب ان لا ننسى ان كل هذا وغيره الكثير ما هو الا جزءا من سناريوهات وحيل النظام الدكتاتوري نفسها والتي يفعلها في الوقت الحالي ويعمل على ترويجها من اجل الحفاظ على بقائه. كلمة المرور لاستمرار الانتفاضة الإیرانية هوالوقوف والثبات على الهدف الاصلي لهذه الانتفاضة الا هواسقاط الدكتاتورية الحاكمة.
هم يريدون بدلا من قتل المتظاهرين الإیرانيین في الشوارع ان يجروهم لسجون الاعتقال وقتلهم هناك ، كما راينا حتى يومنا هذا استشهاد عدد كبير من المنتفضين.
وهم من أجل انجاز هذا الأمر قاموا بتجهيز اشخاص لهم يرتدون “لباسهم الشخصي” وقاموا بزرعهم بين صفوف المنتفضين والانتفاضة الرائعة والخلاقة لیکونوا لقمة سائغة في فم اجرام هذا النظام الدكتاتوري.
هم يريدون تقسيم الشعب المنتفض الى فئتين : فئة اقتصادية ( المطالبين بتحسين الوضع المعيشي ) وفئة سياسية ( المطالبين باسقاط النظام ) حتى يتم سحق وابادة السياسين اولا ومن ثم الاقتصاديين بعدهم وفي جميع الاحوال فان هاتین الفئتين لا يمكن تفرقتهم في اي حال من الاحوال ابدا. هم يريدون ان يجعلوا الشعب الإیراني وبخاصة الشباب الإیراني الشجاع يائسا وغير قادر على التقدم خطوة نحوالامام. هم وقبل كل شئ يتملكهم الخوف والذعر من ان هذه الانتفاضة منظمة وتمتلك ما تمتلكه من تشكيلات وبنية قوية وقيادة حكيمة حيث ان الولى الفقيه للملالي ورئيس جمهوريته البائس سواءا شائوا أم أبوا منذ الايام الاولى لهذه الانتفاضة فقد اشاروا للجميع إلى العنوان الحقيقي لقيادة الانتفاضة والشعب الإیراني حيث قال حينها خامنئي في حديثه أنه قد تم التخطيط لهذه الانتفاضة قبل عدة اشهر وكما ان روحاني في اتصال أجراه مع الرئيس الفرنسي وطالبه حينها بمنع منظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإیرانية من تسلم زمام أمور الانتفاضة الإیرانية وقيادتها.
دعونا لا ننسی ان الدكتاتورية الدينية الحاكمة في إیران هي اسوأ انواع الدكتاتوريات عبر التاريخ ، مكره وخداعه وحيله هي أكثر بكثير من باقي الدكتاتوريات الاخرى ، وسيظهر عملاء هذه الدكتاتورية ضد الانتفاضة وقيادتها في اي لباس ولبوس. سواء كان لباسا دينيا اوعلمانيا اويمكن ان يظهر على شكل ما يسمى يساري اوماركسي ومن الممكن ان تلجا الدكتاتورية الحاكمة في اخر ايامها الى تجزئه صفوف الانتفاضة اوصنع شق داخل المعارضة ، وتفتح باب المفاوضات مرة اخرى وحتى ممكن ان تقدم بعض الامتيازات للطرف المفاوض حتى تستطيع عن طريق هذا الحل ان تؤخر من اشراق صباح السقوط والاطاحه بالنظام الحتمي. ولكن في مقابل كل هذه السناربوهات والطروحات الاجرامیة للنظام الدكتاتوري الحاكم في إیران هناک حقيقة مسلمة وهی أن تاريخ إیران لن يعود الى ماقبل الانتفاضة الاخيرة وهذا النظام هو آيل للسقوط بشكل سريع والشروط الموضوعية والذهنية مهيأة ومستعدة لهذا الامر ناهيك عن وجود البديل الديمقراطي لهذا النظام.
الوضع الاقتصادي والمعيشي للشعب الإیراني واقتصاد البلاد وعدم مشروعیة نظام الملالي وصوابية المسير نحواسقاط النظام على يد الشعب الإیراني والمقاومة الإیرانية كلها امور تساعد على هذا الامر والان قد بدأ العد العكسي للنظام الدكتاتوري الحاكم في إیران وكما يجب على كل فرد اوتيار حر اواي دولة قريبة كانت أم بعيدة ممن يكنون الاحترام لانتفاضة الشعب الإیراني أن يعترفوا وبشكل رسمي بالمقاومة الإیرانية وهذا اختبار يضعه التاريخ في هذا الوقت بين ايدينا جميعا.
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
abdorrahman.m@gmail.com