د . محمد رشيد
طالما طالبت تركيا بمنطقة ملاذ آمن في شمال سوريا نظرا لتدفق النازحين، هاربين من اتون الحرب التي فرضها النظام واستعماله جميع صنوف الاسلحة منها المحرمة دوليا من كيماوية وعنقودية وصواريخ بالإضافة الى السلاح الماركة المسجلة باسم الحيوان – البراميل التي كانت تلقى بالحومات – وقد وصل التهديد التركي في بداية الاحداث بانها لن تقبل بنازجين اكثر من مائة الف لاجئ، وما ان وصل الرقم الى المليون حتى جن جنون اردوغان وفتح الباب على الاتحاد الاوربي وترحيلهم الى اوربا، وبعد مساومات وتقديم اكثر من ستة مليار دولار من قبل الاتحاد الاوربي للتعاون وايقاف سيل تدفق اللاجئين – ايقاف النزوح الى الاتحاد الاوربي (تجارة حرب) – ، ولكن مطلبها في المنطقة الامنة لم تتوقف، وقد وصل رقم اللاجئين الان الى ما يزيد على ثلاثة مليون ونصف لاجئ سوري في تركيا، فأوجدت الان الذريعة بوجود حزب العمال الكردستاني في المناطق الكردية لغزوها ،..
من طرقه حزب العمال الكردستاني لم يوقف الاستفزاز ضد الاتراك سواء جلب المقانلين من قنديل او اشراف اولاءك على ادارة المنطقة الكردية بتسميات متعددة، في البداية اوجدوا مصطلح روج افاي كردستان لكردستان سوريا، وبعدها الادارة الذاتية وبعدها تسمية روجافا، والان بتسمية فدرالية شمال سوريا.. حتى انها غيرت اسماء مكوناتها القتالية فاتحاد ستار للمرأة تحولت الى قوات حماية المرأة ypj ، وقوات الغريلا سميت بقوات حماية الشعب (نسخة عن قوات الحماية المدنية في كردستان تركيا التابعة ل ب ك ك ،) والان قوات سورية الديموقراطية ” ق س د” ، هذه التسميات لم يكن الغرض منها سوى لتضليل الراي العام العالمي والداخلي على ان هذه القوات ليست لها علاقة بالقضية الكردية، وانما فلسفة جديدة لوحدة الشعوب، مبعدة عن نفسها تهمة اقامة كيان على تفصيلها ومقاسها، او وجود أي رابط مع حزب العمال الكردستاني – يا حرامات الامريكان اغبياء – المصنف على لائحة الارهاب امريكيا (حتى انها اخترعت تسمية باسم الامة الديموقراطية بدلا من الامة الكردية، صورة طبق الاصل لما هو موجود في تركيا عن ذراع حزب – ب ك ك – السياسي في تركيا باسم حزب الشعوب الديموقراطية، برئيسين مشتركين – التوأمة -– اختراع اول ماركة مسجلة للابوجية) .
وبين بث هذه الدعاية والتحريض ضد تركيا، دخلت نركيا معها بحرب دعائية مضادة، لأقناع حلفاءها بان الادعاء على ان ” ب ي د” ليس سوى حزب ” ب ك ك ” بعناصرها وقياداتها.، اذ باتت صور زعيم ب ك ك المعتقل في ايمرالي – تركيا يطغى على المشهد العام في المناطق الكردية السورية، وصور كبيرة لزعيم تصدر واجهة المؤسسات الخدمية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتشريعية، ناهيك عن فرض وادخال فلسفة اوجلان في المناهج الدراسية ليست لها من العلم والمعرفة وخدمة المواطن أي تصنيف سوى خدمة لشعار ” لا حياة بدون اوجلان – جيان بى سروك نابى ” يردد في التجمعات ..
بالإضافة الى محاولات للتمدد في دول الجوار ، ومناطق خارج المناطق الكردية ، فدخول مقاتليها الى سنجار واعلان كانتون خاص بها هناك ، والدخول في تحالفات مع جهات معادية للكرد _ الحشد الشعبي العراقي _ ، والاستيلاء على بلدات كردية عربية مشتركة في سورية مثل تل ابيض ( وتغيير اسمها الى كري سبي ، حتى انه تم تغيير اسم جبل عبد العزيز في الجزيرة السورية الى جيايي كازوين )وتوسعها بالذهاب الى منبج واقامة ادارتها هناك ( مؤخرا انتفض سكان البلدة ضدهم بسبب الاعمال الشنيعة التي يمارسوها كقوة احتلال ) ومن ثم الرقة ودير الزور والبوكمال ، كل هذا جعل من السلطة الابوجية بان تصاب بالغرور ومن دون اعتراض ( من النظام ذي السيادة المعترف به دوليا او من دول الجوار او عالميا ) على حساب دماء الاف الشهداء من الشباب والشابات والاطفال الكرد الذي سيقوا الى الحرب او الخدمة الزاميا ( وللحاجة الاقتصادية الماسة لعوائل اولاءك الشباب بسبب المعيشة الصعبة التي اوجدتها ظروف الحرب القاسية التي استمرت لأكثر من سبعة سنوات في سوريا عموما ارتضوا بالواقع – مكرها اخاك لا بطل – ) .
ومع استمرار هذه الحالة ومعرفة تركيا بان قنديل ثان اصبحت في الخاصرة ، لم تستطع ان تحرك ساكنا بسبب /
رفض التدخل من جانب دولة واحدة، او عدد محدود من الدول حتى ولو كان ذلك بدعوى حماية لأراضيها او لمواطنيها او انقاذ الرعايا من مخاطر محتملة. مثلما يشرعه القانون الدولي حول السيادة الاقليمية .
العلاقة السيئة للنظام التركي مع النظام السوري منذ بدء الثورة السورية بدعمها للفصائل المعارضة وخاصة بان الاتراك نصبوا جماعة الاخوان السلمين السورية لقيادة المعارضة السورية وامدتها بالمال والعدة والسلاح
الخوف من الوجود الروسي في سوريا وخاصة بان الروس اصبحوا لاعبين اساسيين في المشكلة السورية ( دولة احتلال وهي الآمر الناهي لحل المشكلة السورية ) .
ومع حدوث الانقلاب على اردوغان واعلام الروس لاردوغان بتوقيت الانقلاب وابلاغة مخطط عملية الاغتيال ، حتى بادر بالعمل بمشورة الروس وغادر مقره قبل عملية الاغتيال بأربع ساعات حيث نفذ برآسه ، فكان ان رد الجميل الى بوتين وتوجه مباشرة الى موسكو وقدم اعتذاره بسبب العلاقة التي توترت قبل ذلك ، بأسقاط الاتراك لطائرة حربية روسية ، وفك الارتباط مع الامريكان في الشأن السوري والذين ساهموا او غضوا الطرف عن العملية الانقلابية الفاشلة .
فكان ان اطلق اردوغان الزمام بالهجوم على المناطق التي كانت تحت سيظرة داعش( جرابلس وريفها ) تحت مسمى ” درع الفرات ” كواجهة معارضة سورية ، مسبقة بذلك قبيل ان تسيطر عليها الوحدات الكردية المدعومة امريكيا ( بداية التعاون الابوجي الامريكي كان في تحرير كوباني وريفها من قبل الامريكان ، حيث خضعت كوباتي للسيطرة الداعشيىة ولم يبقى من كوباني المدينة سوى مريع صغير محاذي للحدود التركية ، احتمى فيه مقاتلو الابوجية ، وبدعم من البيشمركة التي هرعت للنجدة بموافقة تركية وضغط امريكي لأمرارهم من خلال الاراضي التركية الى كوباني ) ،
وبقى الامر على حاله من توسع القدرة القتالية للابوجية والدعم الامريكي تمويلا وتسليحا وتدريبا وقوات جوية مساندة في تحرير الرقة ودير الزور حيث الخيلاء والزهو واطلاق التصريحات بان الخطوة التالية هي ادلب واذا احتاج الامر فانهم جاهزون للتوجه الى دمشق ..
فكان التحرك التركي وفتح القنوات مع ايران والتخلي عن مطلبه في اسقاط الحيوان ، والاتفاق مع ايران والروس بلقاءات عديدة حتى تم الاتفاق النهائي بوضع اللمسات الاخيرة في سوتشي (بوتين اردوغان روحاني) لتقاسم المناطق ، وبات ينتظر مؤتمر سوتشي في نهاية الشهر الجاري للمصادقة على ما تم الاتفاق عليه – اذ ان المناطق الكردية وريف حلب ستكون مناطق تحت النفوذ التركي ،على ان تشارك بيشمركة روج لإدارة امن المنطقة الكردية ( في حال موافقة الانكسي ) بعد اخراج الابوجية منها ،،) فكان السماح للأتراك بتنفيذ المرحلة الاولى مما اتفق عليه.
والان الهجوم التركي على عفرين باستخدام جميع صنوف الجيش والسلاح وبتنصيب مرتزقة تم تجنيدهم من مدن تركية عدبدة تحت مسمى ” الجيش الوطني السوري ” التابع للمعارضة ( ائتلاف قوى الثورة والمعارضة ) – علما ان السيد عبد الباسط حمو نائب رئيس الائتلاف ومثل المجلس الكردي نفى بوجود او تشكيل هكذا قوة تابعة للائتلاف .
ويسمع الان من تصريحات اردوغان ورئيس وزراءه ووزير خارجيته ، بان الهدف من العملية الجارية هو ايجاد منطقة ملاذ امن في عفرين ، حيث سيتم زج اكثر من ثلاثة مليون لاجئ سوري يعيشون في تركيا، بعد ان اغلق في وجهه السبب في محاولة خلق الذريعة لتواجد عناصر من حزب العمال الكردستاني ، حيث بذلك يتطلب من المجتمع الدولي محاربة المليشيات التي جلبها النظام من حزب الله والميليشيات الشيعية العراقية المتعددة والميليشيات الايرانية والافغانية والفلسطينية التي تقاتل بجانب النظام .