رسالة إلى السيد رئيس الجمهورية قبل أداء القسم

  إبراهيم اليوسف

سيادة رئيس الجمهورية د.

بشار الأسد………..!
تحية وبعد :
بعد ساعات قليلة جدا ً، سوف تؤدون القسم لولاية رئاسية مقبلة، لبلدنا العزيز: سوريا…..!
لاشكّ، سيادة الرئيس، إنكم في مركز القرار الأول، لذلك فليس خافياً عليكم أن الأنظار كانت تتطلع إلى تحقيق الوعود التي أطلقت، بعيد بدء ولايتكم الرئاسية الأولى، في ما يخص شعار الإصلاح والتطوير والتحديث، مما كان سبباً في أن تعلّق عليكم – تحديدا ً –  الآمال الكبيرة
ولاسيّما أننا كنا نشهد معاناتنا الكبرى، كأبناء طبقة مسحوقة، محدودة الدّخل، معرضين للعوز، والإملاق، والفقر، إضافة إلى ضروب الاضطهاد التي لمستموها بدوركم، وكان أملنا – جميعاً- كمواطنين نريد الخير لوطننا وإنساننا، وقدم أجدادنا التضحيات الكبرى من أجل إرساء دعائم هذا البلد، ليبقى بلدنا  أبياً ـ عزيزاً، كما نروم….!
سيادة الرئيس….!
إنني كصحافي سوري،ـ معنيّ بأمر مواطني وبلدي، من خلال منظوري، وفهمي، وموقعي، وواجبي، لا أنظر إلى ما حولي البتّة، من وراء نظارات سوداء، بل أودّ أن أومىء وبصدق، في هذا السياق، إلى الوجوه المتعدّدة لمعاناة الشارع السوري العريض، ماخلا قلة قليلة مستفيدة، من بينها، بهذا الشكل أو ذاك، حيث غدونا قاب قوسين وأدنى من الجوع الحقيقي، والبؤس، إن لم أقل نعاني الجوع والبؤس، وضروب الاضطهاد، وإذا كان حال أمثالنا ممن حظيوا بعد طوال معاناة بوظيفة، هكذا، فإن معاناة الذين حرموا منها، وما زالوا محرومين من أيّ مردود وظيفي، أو اقتصاديّ، أو زراعيّ، من جيش العاطلين من العمل هي أكبر وأكبر، وهم في النهاية حماة سوريا، وأبناؤها الأبرار، لا من تكون أوطانهم مجرّد أرقام وحسابات مالية في بنوك العالم، من سياحيي الوطنية…!.
سيادة الرئيس….!
لا أريد، هنا, أن أسترسل في سرد الأمثلة الصارخة عن حال مواطننا, وأعني من أنتمي إليهم من البؤساء، وأعرف أوضاعهم جيداً، بل أكتفي بالسؤال:
 ما الذي يمكن أن يفعله الموظف السوري إذا كان له مجردابن واحد فقط  في الجامعة، و آخر في خدمة العلم, كيف له أن يؤمن مسكن، وتكاليف لقمة، وعلاج، ودراسة أطفاله الصغار الآخرين, زغب الحواصل، إزاء هذا الغلاء المفترس المتوحش الذي ينال يوميا ًمن راحة مواطننا, ويرميه بين فكّي الاضطراب والقهر,  يهزمه من داخله، ويحطم طاقاته التي هي أعظم عامل يمكم الاستفادة منه، في إعمار وبناء وتطوير بلده فيما لو استغلت، ووظفت في الاتجاه الصحيح.


سيادة الرئيس ..!
مؤكّد، إنكم تعلمون كم أن أباطرة الفساد, يعيشون من حولنا, وهم يسلبوننا لقمة أولادنا, لنكون في ما بعد أمام سوريتين: سوريا قلة، متخمة، تعاني البطر, وسوريا الأكثرية التي يلعق أبناء أسرها الانكسار، والألم، والمرارة، في كل يوم، بل كل ساعة، ودقيقة….!
كذلك سيادة الرئيس , أناشدكم , وأنا أشهد ذلك الظلم الذي يقع على مواطنيك الكرد, ممن هم محرومون من التكلّم بلغتهم, ولا مدارس لهم, ولا صحف, ولا تلفزيون, بل و لا ممثلون لهم في مجلس الشعب, أومجلس الوزراء, وهم يشكلون ثاني مكون رئيس في بلدنا سوريا, وكانوا ممن أسهموا في صنع خريطة بلدهم، وقدموا على مذبح الحرية والاستقلال التضحيات الجسمية على امتداد تاريخ بلدهم، جنبا ً إلى جنب مع شرفاء الوطن على اختلاف أطيافهم الوطنية، وها هي وزارة الزراعة فد أصدرت قراراً باستقدام مئة وخمسين عائلة عربية إلى مناطقهم، وليمنحوا خيرة أراضيها الخصبة، ويحرم منها فلاحو هذه المنطقة…!
سيادة الرئيس …!
إنني من موقع حرصي على مواطني وبلدي, آمل- ومن منطلق حقي كمواطن في إبداء رأيي – أن يكون قسمكم – في هذه المرة – منصباً على أن يتم ّرفع كل ما يضطهد مواطننا من أحكام عرفية, وقانون طوارئ, واعتقالات كيفية, وانعدام رأي, بل وجوع حقيقي مهين يعاني من وطأته الكثيرون، ويفتح المجال لكل مواطنينا، لينخرطوا في بناء بلدهم، كي لا تكون المسؤولية منصباً، فحسب, وأن يوضع الإنسان المناسب في المكان المناسب, وأن يكون لكل مواطن حصة في اقتصاد بلده, و أن نؤمن وظيفة لكل طالب ومحتاج وظيفة, ومسكناً لكل من يلزمه  مسكن, وأن يكون السجن للمجرم الحقيقي, والمرتشي, والفاسد، وأن تطلق الحريات لنقول بأعلى أصواتنا للفاسد : إنك فاسد……!
هكذا سيادة الرئيس، سنكون في سوريا قوية بشعبها، سوريا القادرة على مجابهة أية مؤامرة حقيقية، تريد النيل من كرامة هذا البلد، ومواطنه الشريف، لأن المواطن الجائع، المهان من قبل بعض متسلطي السلطة، ومتنفذيها، لايمكن أن يلعب دوره المطلوب منه، بل أن المواطن الحرّ الذي يعيش كريماً، محمياًّ بالقانون، مسموع الصوت، هو الرّصيد الوطني الدائم لبلده، وهو المدافع المخلص، لا المصفّق الببغاويّ أنّى دعت الضرورة، ولنا في التاريخ خير الأمثلة، لأن مقولة” الفساد والاستبداد هما بوابة العبور لأي عدوان، هي صائبة، أطلقها بعض الغيارى على بلدهم، وهي جديرة بأن تروح مثلاً…..!
سيادة الرئيس……..!
إن مواطنيك سينظرون على أحرّ من جمر ما ستفعلونه، لا ما ستقولونه، فقط، ولاسيّما أن الظروف التي يعانيها هذا المواطن لم تعد تحتمل أيّ تسويف، وأنتم تعلمون – تماماً – كيف أن وعوداً قيّمة تم إجهاضها من قبل، ولابد من العودة إليها أيضاً، ومحاسبة كل من يعرقل تحقيقها، سواء في مايتعلّق بمواطننا السوري، بعامة، أوما يتعلق بمواطنيك الكرد السوريين الذين يتوخّون أن يكونوا شركاء حقيقيين في بلدهم سوريا، بخاصةً، وهو ما يرتّب لهم حقوقهم كاملةً، كجزء رئيس من النسيج السوري، كما قلتم ذلك في أصعب امتحان مرّ به الكرد السوريون، في الحادي من أيار2004، وهذا يعني أن يكون لهم ممثلوهم، في كافة مفاصل السلطة، لا أن يبقوا مهمّشين، كما هم عليه الآن، نتيجة مايخطّط ضدهم منذ عقود، من قبل من لا يريد الخير لسوريا، ممن هم في سدة المسؤولية
وشكراً لكم سلفاً سيادة الرئيس على ما ستحققونه من أجل مواطنكم، في عاجل الأيام………!

إبراهيم اليوسف
صحفي وشاعر وكاتب
dylynet@hotmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

النقل عن الفرنسية إبراهيم محمود باريس – أكد البروفيسور حميد بوزأرسلان على ضرورة تحقيق الكُرد للاندماج الداخلي، وشدد على أن المسألة الكردية، بسبب الاستعمار فوق الوطني لكردستان، لا تقتصر على دولة واحدة بل هي شأن إقليمي. وتحدثت وكالة الأنباء ANF عن المسألة الكردية مع حميد بوزأرسلان، مؤرخ وعالم سياسي متخصص في الشرق الأوسط وتركيا والمسألة الكردية، يقوم بالتدريس في كلية…

درويش محما* خلال الاعوام الستة الماضية، لم اتابع فيها نشرة اخبار واحدة، وقاطعت كل منتج سياسي الموالي منه والمعادي، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم اتواصل معها ولا من خلالها، والكتابة لم اعد اكتب واصبحت جزءا من الماضي، كنت طريح الخيبة والكآبة، محبطا يائسا وفاقدا للامل، ولم أتصور للحظة واحدة خلال كل هذه الأعوام ان يسقط الاسد ويهزم. صباح يوم…

إبراهيم اليوسف من الخطة إلى الخيبة لا تزال ذاكرة الطفولة تحمل أصداء تلك العبارات الساخرة التي كان يطلقها بعض رجال القرية التي ولدت فيها، “تل أفندي”، عندما سمعت لأول مرة، في مجالسهم الحميمة، عن “الخطة الخمسية”. كنت حينها ابن العاشرة أو الحادية عشرة، وكانوا يتهكمون قائلين: “عيش يا كديش!”، في إشارة إلى عبثية الوعود الحكومية. بعد سنوات قليلة،…

سمير عطا الله ظهر عميد الكوميديا السورية دريد لحام في رسالة يعتذر فيها بإباء عن مسايرته للحكم السابق. كذلك فعل فنانون آخرون. وسارع عدد من النقاد إلى السخرية من «تكويع» الفنانين والنيل من كراماتهم. وفي ذلك ظلم كبير. ساعة نعرض برنامج عن صيدنايا وفرع فلسطين، وساعة نتهم الفنانين والكتّاب بالجبن و«التكويع»، أي التنكّر للماضي. فنانو سوريا مثل فناني الاتحاد السوفياتي،…