«على صدى» القدس

الأمازيغي: يوسف بويحيى
غالبا ما التاريخ يعيد نفسه ،كما أني لا اريد الغوص في دهاليزه علما أن التاريخ لا ينكر أبدا أرض الجليل على أنها ارض بني ٱسرائيل منذ التنشئة في حقبة النبي “يعقوب” إلى مكتمل القومية في عهد “موسى” و “عيسى” ،كما بقي تاريخ القدس محفوظا دينيا أكثر.
لا أريد من كلامي أن يفهم على أني مؤيد لقرار امريكا او تعاطفي مع ٱسرائيل ،لأني في الحقيقة أعارض أخلاقيا و إنسانيا السياسة الأمريكية و الإسرائيلية لسبب واحد هو إيمانهم و تبنيهم الفلسفة البراغماتية عن فلسفة الحق و الإنسان ،أنا مع التاريخ قلبا و قالبا رغم أن التاريخ وحده لا يكفي للنهوض بقضايا الوطن و الشعوب إلا إذا إقترن التاريخ بالجوهر الإنساني و النضال الدؤوب.
ما يحز في النفس كثيرا وقوف العالم العربي أجمع و العالم الإسلامي برمته ضد ٱستفتاء كوردستان ،ٱعتبارا إياها إسرائيل ثانية بعد إسرائيل الأولى الصهيونية اليهودية ،علما أن التاريخ يرجح كافة أحقية الكورد بأرضهم الأم كوردستان ،مقابل أن التاريخ نفسه يجزم بعدم أحقية العرب في الشرق الأوسط بأكمله ،هنا يتضح مدى ظلم العالم عندما بات اللئيم يعارض مشيئة الأصيل.
القضية الفلسطينية أو الأصح المسألة الفلسطينية التي أكل الدهر بها أجسادنا دون أن نعلم مكانها و قبلتها و دورها و أهميتها ،كوني لا أراها سوى ارض و معلمة تاريخية مقدسة جامعة للأديان الثلاثة اليهودية و المسيحية و الإسلام ،ما لفث ٱنتباهي كثيرا هي عبارة “القدس عربية” بصيغة العرق ،هذا أمر ينافيه التاريخ و الدين بأنواعه.
القدس التي لم يدافع عنها العرب يوما ،لم نسمع و لم نقرأ ان العرب حاربوا من أجلها بين عشية و ضحاها صارت قدسا عربية ،عربية ليس بسواعد العرب بل سواعد الكورد بقيادة “صلاح الدين الأيوبي” الكوردي الإسلامي ،اليوم يحارب العرب دولة الكورد ردا على إحسان الكورد لهم تاريخيا على مر العصور.
لم يتآنى القادة الفلسطينيون برفضهم للإستفتاء الكوردي المشروع ،كما أيدوا من قبل نظام البعث في قصفه بالأسلحة الكيماوية “حلبجة” و “الأنفال” الكوردستانية ،علما أن الكورد دائما يؤمنون بحق فلسطين ضاربين العلاقة التاريخية الكوردية اليهودية بعرض الحائط أمام قول الحق ،فلسطين العربية باعها العرب و إعترف أغلبية العرب على أنها غير مشروعة تاريخيا ،فماذا ينتظر الفلسطنيون بعد؟؟!! فما قاله “ترامب” ليس فقط إلا إعادة لما قاله العرب قبله بعقود من الزمن منذ 1967.
يا لجور العالم العربي و الإسلامي على كوردستان و شعبها المضطهد ،لم ننتظر إلا قليلا لنتأكد من صحة عدواة مواقفهم كالتي سمعنها منهم ضد الكورد في إعلامهم على أن كوردستان إسرائيل الثانية ،نعم هاهي إسرائيل الأولى اليهودية الصهيونية بلحمها و شحمها و عظمها أمامكم هل تستطيعون تفعيل خطاباتكم عسكريا و ٱقتصاديا و سياسيا كما فعلتم ضد كوردستان و شعبها المسكين الذي جربتم فيه و عليه كل انواع أسلحتكم المستوردة و سياساتكم العنصرية.
منذ متى يا ترى حاربت إسرائيل مع الكورد؟؟ فإن كان تحليل كوردستان إسرائيل الثانية ٱستنادا للعلاقات الإقتصادية و السياسية فإن الدول العربية و الإسلامية غارقة إلى النخاع في إسرائيل الصهيونية بما يفوق الإقتصاد و السياسة ،كما أن اغلب الانظمة العربية إن لم اقل كلها موضوعة و مصنوعة بيد يهودية صهيونية محضة ،لقد لزمنا الصمت على نفاقكم المتجذر فيكم ومن تاريخكم الإجرامي النفاقي.
لو كانت كوردستان إسرائيل الثانية لما تخلت أمريكا عن الكورد في “كركوك” ،زيادة لإعترفت ببغداد عاصمة لدولة كوردستان لا “أربيل” ،كما إعترفت بالقدس عاصمة لٱسرائيل ،كما لن تترك أمريكا نظام البعث يقصف حلبجة و الأنفال ،و نظام ملالي الإرهابي الإيراني يشنق مئات الكورد يوميا بالرافعات في الشارع العام أمام اعين العالم و رحمة السماء ،هيهات لو كانت كوردستان إسرائيل الثانية لركضتم جميعا إلى تقبيل أيديها و لعق احذيتها و تشرفتم بزيارتها مكرهين لا مخيرين.
إن كان خطابكم عدائيا لٱسرائيل حقا فلما لا تقطعون علاقاتكم الإقتصادية و تغلقوا سفاراتها في عواصمكم و تنزلوا أعلامها من شوارعكم و تقاطعوا منتوجاتها و قنواتها و تحاصروها برا و بحرا و جوا…الحقيقة أن الصهيونية من صنعت أنظمتكم بأيادي فرنسية و بريطانية و أمريكية…
أنظمة مشكوك في رجولتها تحكم شعوبا كالذباب تعشق القمامة ،إهانة ان نسميها قطيعا فالأغنام تروينا حليبا و لحما و تكسينا ،أنظمة تستعرض قواها على كوردستان و شعبها علما أن معظمها من خيراتها أكلوا و شربوا و مازال خبز كوردستان في بطونهم كما قال الزعيم “مسعود بارزاني”.
أيها الكورد ٱلزموا الصمت فلكم قضيتكم الخاصة هي كوردستان و لكم قضية كركوك “قلب كوردستان” و لكم قضية الشهداء و لكم قضية الأيتام ….كلكم قضايا فثوروا على قضايكم التي ستجدونها يوما في ايديكم كجبالكم و انا الأمازيغي الذي أحترق لأجلكم.
أيها الكورد إن أركان الإسلام خمس الشهادتين،الصلاة،الصوم،الزكاة،الحج ،و اركان الإيمان أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و قدره و قضائه و اليوم الآخر شره و خيره ،و الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ،لقد بحثت كثيرا عن ٱعراب “القدس” كمحل ركن  من أركان المفاهيم الثلاث فلم أجده ،فلماذا تقحمون أنفسكم مع من لا يشبهكم و بالكاد حاربكم و شيطنكم و تبرأ منكم ،جميعا كفروا على خطأ جدكم “صلاح الدين” ،فلا صديق لكم سوى الجبال.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…