ماذا يفعل النظام الإيراني في العراق؟ الحرس الإيراني بقناع الحشدالشعبي

عبدالرحمن مهابادي*
الاحداث و التطورات الاخيرة في العراق والتي کان لقوة القدس الارهابية التابعة للحرس الثوري الايراني الدور الرئيسي فيها، لها أهمية کبيرة جدا لأنها جاءت بعد إدراج الحرس الثوري ضمن لائحة الارهاب لوزارة الخزانة الامريکية.
تعود خلفية تدخلات نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران في العراق إلى السنوات الأولى لاستيلاء هذا النظام على الحكم، عندما إمتطى مٶسسه خميني على صهوة الاحاسيس الدينية لشعب هذا البلد، وفرض دکتاتورية أسوء بکثير من الدکتاتورية التي سبقته على الشعب الايراني.
من ضمن تدخلات هدا النظام في الشٶون الداخلية للبلدان، يمکننا الاشارة الى تدخلات هذا النظام في علاقة أکراد العراق بالحکومة المرکزية في العراق. هذا النظام الذي له عداء شديد يصل للنخاع مع قضية الاقليات الدينية و العرقية في داخل حدوده، وقام لمرات عديدة بسفك دماء آلاف الاکراد الايرانيين ولحد اليوم يقم بشنق و إعدام الشباب الاکراد ولکل هذا علاقة بفتوى الخميني التي أباح فيها قتلهم و إبادتهم، ولازالت تدور في الذاکرة ذکريات تتعلق بالدور الفعال لهذا النظام الارهابي في العراق يعود الى اعوام ماقبل 2003، عندما قام بقتل مئات من أعضاء المعارضة الايرانية وللأسف البالغ لم يتم لحد الان التقصي عنه دوليا.
إن اعتماد الغرب لسياسة و استراتيجيتة خاطئتين تجاه الشرق الأوسط وبشکل خاص بالنسبة لإيران، منحت دکتاتورية الملالي مکاسب جمة هيأت الارضية بعد سقوط النظام السابق في العراق، کي يکون له نفوذ في هذا البلد عندما قام فرض دكتاتورية تابعة لولاية الفقيه على العراق، ولم تمض سوى فترة قصيرة حتى دارت في العراق أحداث شبيهة بما جرت في إيران، عندما أضحت الاقليات الضحية الاولى لظلم و جور نظام ولاية الفقيه، وها قد شهد العالم کله قمع السنة في العراق و صار الاکراد أيضا معرض تهديد لهذا النظام الذي يسعى و تحت حجج و ذرائع مختلفة لسلب المکتسبات التي حصل عليها الاکراد.
من هنا، فإنه من الخطأ التغاضي عن تدخلات النظام الإيراني في العراق. إذ إن هذا النظام قد غرز مخالبه كأخطبوط رهيب على أساسيات سيادة هذا البلد الى الحد الذي إعتبر فيه العراق خاضعا لسلطانه!
 بناءا على ذلك فإنه من الخطأ جدا أن نختصر ما حدث أخيرا في العراق بتلك الاحداث التي وقعت في دائرة محصورة بين أربيل و بغداد .. كما إن المشهد و الحالة نفسها تنسحب على ما يحدث من تدخلات هذا النظام في سوريا والعراق واليمن ولبنان أيضا.
لم تکن رغبة و مطلب شعوب هذه البلدان أن تواجه الى جانب النظم الدکتاتورية الحاکمة هناك، قوات أخرى، لکن النظام الايراني هو من تدخل في هذه البلدان و عقد الامور فيها و تسبب بسفك دماء الشعوب. الذي لاشك فيه أبدا إنه لولا هذه التدخلات من جانب النظام الإيراني في العراق لکانت مشاکل هذه البلدان تبدو بشکل أبسط ولم تسفك کل هذه الدماء ويقينا فقد کانت القسم الاکبر من تلك المشاکل قد تم حلها أو على الاقل لم تصل مشکلات هذه البلدان الى حد الافکار الانفصالية و الدموية.
هناك في العراق حاليا قوة تسمى ” الحشدالشعبي“، والتي هي إستنساخ و إستلهام لميليشيات الحرس الثوري، وتابعة لها، ويسعى النظام الايراني من خلالها فرض السيطرة العسکرية له على سائر أرجاء العراق. لاشك أن النظام الإيراني لو کان قد فرض سيطرته على الحکومة المحلية لإقليم کردستان، لما تحملها، مايسعى النظام الايراني الى تطبيقه، هو سيناريو خطير ولو سنحت له الفرصة لبادر الى الشروع به.
جدير بالذكر أن حضور قوات وقادة الحرس الإيراني في العراق وسوريا ليس بذلك الامر الذي بإمکان المسٶولين الکبار في النظام الإيراني إنکاره و إخفائه، وقد سارت سياسة الغرب لحد الان وللأسف لصالح النظام الإيراني. كما أثبت بأن له باع طويل في تصديرالإرهاب وخلق الأزمات خارج الحدود حيث تمكن طيلة السنوات الماضية ومن خلال استخدام تجاربه الممزوجة بأنواع اساليب الخداع و التمويه، من حرف الأفكار العامة لإطالة عمره غير المشروع. لكن عكس زعمهم وخلافا للمراحل المنصرمة وبعد الشروع في المرحلة الجديدة التي بدأت منذ حوالي سنة، أصبح هناك إجماع عالمي يرى بأن الحل الوحيد لمعالجة الأزمات والمعضلات في هذه المنطقة من العالم يکمن في تغيير دكتاتورية ولاية الفقيه الحاكمة في إيران، وهذه حقيقة دفعت النظام لکي يجن جنونه و يجعله يقدم على إجراءات هستيرية بحيث أثر على توازنه في داخل و خارج إيران، إذ إنه يدري تماما أن المقاومة الإيرانية وبزعامة الرئيسة السيدة مريم رجوي تترصد به من أجل التمهيد لإسقاط هذا النظام من خلال منازلتها الكبرى قريبا.
المقاومة الإيرانية إذ تعلن عن تضامنها مع أهالي كردستان العراق وفضح وكشف جميع تحركات حرس النظام الإيراني المستجدة في منطقة كركوك ، تدين إعتداء واحتلال نظام الملالي خلال الأحداث الأخيرة كما تطالب بتشكيل جلسة طارئة لمجلس الأمن لإدانة هذه الاعتدائات والاحتلال و التصدي لنظام الملالي في كردستان العراق والتأكيد على ضرورة قطع دابره في المنطقة وطرد الحرس الثوري وميليشياته العميلة من العراق وسوريا واليمن وأفغانستان ومنع إرسال الأسلحة و القوات التابعة له إلى هذه البلدان .
 *کاتب و محلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
Abdorrahman.m@gmail.com
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…