كفاكم ضغوطاً على البرزاني

توفيق عبد المجيد 
جولة خسرناها ولم نخسر معركة ، معركة خسرناها ولم نخسر حرباً ، والحرب ليست قتالاً وعراكاً ، إنها دبلوماسية هادئة ، وسياسة حكيمة كانت ومازالت من سلوكيات وأخلاق ساستنا وقادتنا ، لا أخفيكم أخوتي أن الصدمة كانت قوية وصاعقة ، مذهلة وصادمة ، أفقدتنا جميعاً التوازن النفسي ، لم نكن أبداً نتصور وقوعها ، لم نتهيأ ونتأهب ونتأهل لتلقيها ، فكانت كارثة بكل المعاني ، ما أريد أن أدخل به بعضاً من الطمأنينة على أنفسكم المحبطة وربما المنهارة وباختصار :
– يعلم حيدر العبادي قبل غيره – ومن المفروض أن يعلم – ويصرح لوسائل الإعلام وكأنه انتصر فعلاً على البيشمركة عسكرياً ، وأستهجن وأستغرب تصريحه ” استفتاء الأكراد انتهى وأصبح من الماضي ) يعلم العبادي أن دستور العراق كتب بإشراف مستشار وزارة العدل الأمريكية نوح فيلدمان ولمرحلة انتقالية محددة تبدأ ( من فترة الحاكم المدني بول بريمر …حتى إعلان أنفصال كردستان) ثم يكتب دستور جديد للعراق بدون الكرد، والدولة الكردية سوف تعلن في آذار 2018 ، استناداً لما أورده الباحث العراقي سمير عبيد في مقالة له بعنوان ( أسرار ولادة دولة كردستان في نوروز 2018 ) وبناء عليه فأنا لا ألوم السطحيين والغوغاء والمسعورين المتباهين بنشوة نصر هو مقدمة لولادة دولة كردستان ، وجميع المرجعيات السياسية والدينية لمختلف المكونات والحكومات العراقية السابقة والحالية تعرف هذه الحقيقية لكنها ( كانت ولازالت تكذب على الشعب العراقي ) والكلام للباحث سمير عبيد .
أما السطحيون الكرد والذين لا يستطيعون فهم ما جرى ويتخذونه ذريعة للانتقام من البرزاني والدعوة لاستقالته مثل رئيس البرلمان الكردستاني محمد يوسف فعليه ألا يستعجل في إطلاق أحكامه وتصريحاته ، فهل من المعقول أن ينسحب البيشمركة ويسلموا المناطق الكردستانية للجيش العراقي دون ثمن ؟ أما البرزاني المطعون في كبريائه ، والذي يتحمل المسؤولية الكبرى قبل غير، ه وتنهال عليه الضغوط والاتهامات من جهات عدة يؤكد ( سنحافظ على مكتسبات الكرد رغم انتكاسة كركوك ) وأطمئن الجميع أن ثمن هذه الانسحابات من كركوك وكل المناطق الكردستانية المتنازع عليها هو ولادة دولة كردستان ، ولن تذهب دماء آلاف البيشمركة هدراً ، والقوات العراقية لم تأخذ تلك المناطق بالقوة العسكرية لكنها سلمت لهم تسليماً .
– رغم أن الهلال الشيعي قد ترمّم بعد أن تحطم ، وظهر في كبد السماء من جديد ، لكن تأكدوا أن هذا الهلال الذي يمتد من طهران إلى البحر المتوسط لن يكتب له النجاح ، وأن دولة الإرهاب الأولى في العالم لابد أن تتلقى الضربة القاتلة إن لم يكن اليوم فغداً ، وإن غداً لناظره قريب ، وكل الأنظار تتركز الآن لدى الدول العظمى على دولة ولاية الفقيه وتأديبها ومن ثم تفكيكها .
أما أولئك العنصريون الذين تضاعف منسوب التعصب القومي والحقد على القوميات الأخرى لديهم ، فلن يهنأوا بهذه الفرحة المؤقتة ، وكردستان ليست حلماً ومات هذا الحلم كما يحلو لأولئك الذين يسمون أنفسهم محللين سياسيين ، وأؤكد لهم أن كردستان لم تعد حلماً بل صارت حقيقة يرونها بأعينهم ، ولابد للمعادلة السياسية أن تتغير، وسينتصر الكرد على الغوغاء والمسعورين القومويين الهمج ، وليعلموا أن الصف الكردي اليوم أكثر تراصاً ووحدة ، وأن الجماهير الكردية أكثر التفافاً حول قيادتها الحكيمة ، ولن يضيع حق وراءه مطالب .
18/10/2017 .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…