لا تلوموا الكردي البسيط العالِم رجاءً

ابراهيم محمود
أن يضرب الكردي رأسه في الحائط، أن يهذر بكلام يقيَّم لا سوياً، كأن يشتم أو يلعن نفسه، أو يذم ما يصله بالكردية، وأن يسفّه ما حوله، ويشطب على حسبه ونسبه قهراً…الخ، لا بد أن يجد من يواجهه أو يشير إليه على أنه جاهل، أو أمّي، أو حتى ابن شارع، من باب السلب، سوى أن هناك حالات لا يشكّل تصرف من هذا النوع تعبيراً عن ” تخلف “، بقدر ما يمثّل احتجاجاً على ما يجري، وأكثر من ذلك، حين يكون ابن الشارع الأكثر إدراكاً بحركة الشارع والتفافاته، وما يجري راهناً، حيث يسهل سماع ورؤية سلوكات كهذه هنا وهناك، يكون المشهد جديراً بالدرس والتأمل والمناقشة.
لا يعود العدو في كل مرة بمثابة ” واحد باليد ” إنما ما هو خاف ٍ ومخفي في اليد، وما تمارسه اليد من إيذاء لصاحبها، على المستوى الأهلي، حيث المتابع لما هو معروض في قنوات التلفزة ” الكردية ” ولن أتحدث عن سواها، عند اعتبارها مغرضة من ألفها إلى يائها، تصدُمه التقارير المرفقة بالصور الحية، والتصريحات، وما تتفوه به العامة، وهذا الخلل القائم هنا وهناك، بحيث يصعب على أي معني ” حصيف ” حقاً، أن يستوعب حقيقته، وبالتالي، فإن الذين يتفقهون بالكلام، ويعطون لكل حركة مرئية تنفذ إلى قلب/ روح الكردي كالسهم السام، تفسيراً وتبريراً، من باب وضْع النقاط على الحروف، إنما يزيدون غالباً في سمّية هذا السهم، وبناء عليه، فإن سلوك العامي أو المعتبر أمياً وابن شارع هو الأكثر قرباً من الحقيقة، ونقداً صارخاً لما يجري، بقدر ما يكون الترموميتر لتحديد خطورة هذا المعروض والمتواصل في صدماته المباغتة .
سؤال: ماذا يجري؟ والذي تتلقفه ألسنة، والذي تكرره ألسنة، والذي يلجم ألسنة، والذي ييبّس ألسنة، يحمل جوابه المرير في تضاعيفه، وهو: لماذا هذا الذي يجري يجري هكذا؟ لا أبلغ من هذا السؤال: الجواب، لا أجرح من هذا السؤال : الاحتجاج، لا أكثر إيلاماً من مضمون هذا السؤال: الكشف، لا أحدّ في نفاذ صرخة محتج على ما يجري.
ما أكثر ما يتردد عن قول يطلقه إنسان غير مسكون ببلاغة الأقوال، ولا رصانة النظريات، أو طلاوة المنظّر هنا وهناك، ولا مقدمات الأكاديميين…الخ، على أنه غير ” مربَّى “، أو ” إنسان سفيه “، أو ” خذه على قدْر عقله”.. هذا لا يعني إطلاقاً تبرير ما يقوله ويقوم به، ولا رداً لكل ما يقال فيه وعنه، وإنما هو لفت النظر إلى أن هناك حالات هي فرص ثمينة للمعتبَر مثقفاً وسياسياً متماساً واسع الرؤية، ومن له علاقة بالأمور العامة وإدارة البلاد…الخ، ليتعلم كل منهم، بصورة معينة من هذا الإنسان البسيط بتكوينه العميق بروحه، والذي لا يعرَف بأقنعته كسواه، فهو يتلقى الجاري ويرد عليه في الحال، ويكون رد فعله في حالات وجود مستجدات لا تكون مفهومة، ليس لتعقيدها وإنما للتعتيم على حقيقتها، إنما هي الأقرب إلى الحقيقة، ومن ثم الاعتراف بخطأ حاصل، قبل استفحاله، وليس ” استهبال ” هذا العادي.
إنه لشرخ كبير هذا الموجَّه بين موقع العامي، وموقع ” العالِم “، أو من يعتبَرون دهماء دون تخصيص، وارتباطه بتصورات ذات خاصية سلطوية تزيد في انقسام المجتمع والحيلولة دون فهم أبسط الأمور فكيف بأعقدها؟
ما جرى ويجري تحدّ لمن يذمّون الإنساني العادي، ويتطلب ضبطاً للنفس ومصارعة بحقيقة ما يجري ويحدث ويقودنا إليه، أما تُرى هذا القول نفسه تجسيداً لمن أفسدت العامة عقله، وبلبلت وعيه وأخرجته عن جادة الصواب بالمطلق؟
دهوك، في 17-10/ 2017 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…