وعود العبّادي «الكُردي» المنتظرَة لكركوك

ابراهيم محمود
لا أبلغ من رقة العبادي التمثيلية طبعاً، وهو في هيئة الكردي العطوف الرؤوف، إذ يظهِر حرصه على الكردي ولزوم الحفاظ على سلامة الكردي وغير الكردي في كركوك، وسوية الحياة في كركوك عند استردادها، وربما لا أصدق من وعود العبادي إذ يشدد على عراقية كركوك، وإرجاع كركوك إلى حضن الوطن ” الأم “، كغيرها من المدن العراقيات، لتشاركها، إن صدق وعده هذا، فيما هي عليه من تفجيرات وعمليات تفجيرية، واغتيالات، وفقدان الأمن والأمان، وتحوُّل لحظة الأمن الواحدة إلى سلعة نادرة.
ومن وعود العبادي، كما يستقرَأ من تصريحاته الدالة على مدى ثقته بحقيقة كونه بطلاً قومياً عراقياً، أنه سيهِب كركوك كما هي بقية المدن العراقية الأخرى التي تهنأ بحكمة السلطة الخرافية، ما يخلط بين ليلها ونهارها، ما يخرج المكان من مكانيته، ويتوه الكركوكي وهو في بيته على وقع انفجار تلو آخر، وتهديد تلو آخر، واغتيال تلو آخر بغتة .
ومن وعود العبادي أنه سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه، وقد أسلس القياد لأعداء عراقه بالجملة، وأنه لقّن بكلام مفارق لحقيقته، ربما منافساً بذلك غيره، وما أكثر أعداد هذا ” الغير ” في تسليم العراق ما لم يتوقعه إلا أن يبقيه عراقياً، كما يردد سدنة السلطة في العراق وهم يرفعون أنخاب من وهبوهم رقابهم.
تلك هي فلتة التاريخ التي سيسجّلها له كما لغيره، في هذا النشاط الحميم والذي أوحى إلى أن الأمان الذي ينعم به العراق على كركوك بدورها أن تنال حصتها منه: في المساواة في مشاهد الرعب والخراب.
من باب الاحتمال، فيما لو أن صورة العبادي هذا دخلت كركوك وميَّزت كركوك واستقرت فيها، بداية وخيمة لتاريخ سوف يوسّع دائرة أهواله وسوء أحواله الجلية للعيان، سوف يندم نزلاء كركوك وفي المقدمة من اعتبروا الكرد عنصريّين من عرب العبادي وتركمانه، وسوف يلعنون اللحظة التي حوَّلوا فيها  قِبلتهم الاعتبارية إلى بغداد، ومن يعتبر نفسه ” حكيم ” بغداد، حينها سيدرَك وجه الكردي الزلال أكثر من سواه، لحظة لا يفيد الندم أبداً أبداً !
دهوك- في 16-10/ 2017 
ملاحظة: هذه المقالة- أيضاً- كتبتها البارحة، ولم أتمكن من نشرها، لتعطُّل شبكة الانترنت.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…

ا. د. قاسم المندلاوي الكورد في شمال شرق سوريا يعيشون في مناطقهم ولا يشكلون اي تهديد او خطر لا على تركيا ولا على اي طرف آخر، وليس لديهم نية عدوانية تجاه اي احد ، انهم دعاة للسلام في كوردستان والمنطقة والعالم .. ويزيد نفوسهم في سوريا اكثر من 4 مليون نسمة عاشو في دهاليز الظلم و الاضطهاد ومرارة الاحزان…

د. منصور الشمري لا يُمكن فصل تاريخ التنظيمات المتطرفة عن التحولات الكبرى في أنظمة التواصل، فهي مرتبطة بأدوات هذا النظام، ليس فقط من حيث قدرتها على الانتشار واستقطاب الأتباع، بل كذلك من جهة هويتها وطبيعتها الفكرية. وهذا ما تشهد عليه التحولات الكبرى في تاريخ الآيديولوجيات المتطرفة؛ إذ ارتبطت الأفكار المتطرفة في بداياتها بالجماعات الصغرى والضيقة ذات الطبيعة السرية والتكوين المسلح،…

بوتان زيباري في قلب جبال كردستان الشاهقة، حيث تتشابك القمم مع الغيوم وتعزف الوديان أنشودة الحرية الأبدية، تتصارع القضية الكردية بين أمل يتجدد ويأس يتسلل إلى زوايا الذاكرة الجمعية. ليست القضية الكردية مجرد حكاية عن أرض وهوية، بل هي ملحمة إنسانية مكتوبة بمداد الدماء ودموع الأمهات، وحروفها نُقشت على صخور الزمن بقلم الصمود. ولكن، كما هي عادة الروايات الكبرى،…