من يداوي الجرح الكُردي النازف في كركوك؟

حسين جلبي
تثبت الأحداث في العالم، وبالتحديد في الشرق الأوسط منذ سبع سنوات على الأقل، بأن العالم ليس أكثر من غابة، يلتهم فيها القوي الضعيف دون رحمة، أو يعمد الأقوياء فيها، الذين يتقاسمون السيطرة عليها، إلى بناء الفخاخ للايقاع بين المغلوبين على أمرهم، أو انتظار وقوع خلافات بين هؤلاء، لصب الزيت على نيرانها، ليدخلوا في صراع وحشي وجودي، ليستلم الكبار جثة من يسقط منهم، جاهزة للالتهام.
لا أعلم صلة المقدمة أعلاه بما حدث في كركوك، فقد تصلح مدخلاً لموضوع أدبي، يلف ويدور دون أن يصل إلى نتيجة، لكن الحقيقة هي أنها تشكل محالوة للهروب من الواقع، فأنا ككُردي فقدت توازني اليوم، وأشعل بآلام لا تطاق، وأبحث طوال الوقت عن بارقة أمل، عن تبرير مقنع لما حدث، وبالنتيجة عمن يمكنه أن يشفي جرحي الكبير.
إن ما حدث يحمل عنواناً واحداً هو الخيانة، فماذا يعني أن تظهر عائلة جلال الطالباني، زوجته هيرو إبراهيم وابنها بافل وأعوانهما دعم استفتاء الاستقلال، ويشاركون فيه، ويوقعون مع قيادة كُردستان على بيان اللحظة الأخيرة، الذي صدر قبل ساعات من تقدم  الحشد الشعبي، والذي نص على التزامهم بالاستفتاء والدفاع عنه، في الوقت ذاته الذين يجلسون فيه في أحضان قاسم سليماني للتآمر على كُردستان، فيضعون أيديهم في أيدي الحشد الشعبي بقيادة العبادي، وعندما تقع الواقعة، ينفذون تعهداتهم لسليماني بكل اخلاص، على حساب ما أظهروه طوال الوقت؟
الخيانة كبيرة دون شك ولا يمكن تبريرها، وحتى إذا كانت صغيرة، فهي أقسى من تلقي هزيمة كبيرة من العدو، فإذا كانت جماعة هيرو إبراهيم حريصة على حقن دماء البيشمركة كما تدعي، والتي يحرص عليها كل كُردي دون شك، وإذا لم تكن قواتهم قادرة على المواجهة، ألم يكن الأفضل إعلان ذلك منذ البداية، بدلاً من طعن الكُرد، كل الكُرد في قلوبهم، وانتظار ساعة المواجهة لفتح ممرات للحشد الشعبي للدخول إلى كركوك، وكسر عزيمة الكُرد، وتدمير حلمهم، واعطاء صورة قبيحة عنهم، وقلب المعادلة رأساً على عقب؟
الكُرد الذين يشعرون بالمرارة الآن، بحاجة إلى ظهور زعيمهم مسعود البارزاني ليشرح ما حدث، وللقيام بتسمية الأشياء باسمائها، كما هو معروف عنه، وهو الذي قاد الكُرد في ظروف أكثر صعوبة. و في نهاية المطاف، فإن كركوك والكُرد باقون، والخونة والغزاة زائلون.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صبري رسول دخل السّيد أحمد الشّرع مدينة دمشق في السّابع من ديتسمبر كرجلٍ سياسيّ قبل أن يكون عسكرياً بعد إن زحفت قواته من إدلب أقصى الشّمال الغربي إلى عاصمةٍ تُعَدّ من أكثر المدن تحصيناً في سوريا، حيث قوات حزب الله والحرس الثّوري الإيراني وقوات الحرس الجمهوري تحيط بها، وإحدى العواصم التي اختلف عليها العالم كلّه. سوريا التي حكمها وجهٌ واحد،…

صلاح بدرالدين قد تضيع اللحظة التاريخية ولكن لن يفوت الأوان دائما هناك لحظات تاريخية في حياة الشعوب خصوصا عندما يلتقي الذاتي والموضوعي في الزمن المحدد الذي قد لايطول الى الابد ، عن الأسبوعين الأخيرين مابعد التحرير اتحدث ، والفرصة السانحة لنا نحن الكرد ، لنعيد ترتيب بيتنا الخاص عبر المؤتمر الوطني الكردي السوري الجامع ، والمقصود نعيد…

نارين عمر تعتبر المعارضة في أية دولة ولدى الشّعوب الطريق المستقيم الذي يهديهم إلى الإصلاح أو السّلام والطّمأنينة، لذلك يتماشى هذا الطّريق مع الطّريق الآخر المعاكس له وهو الموالاة. في فترات الحروب والأزمات تكون المعارضة لسان حال المستضعفين والمغلوبين على أمرهم والمظلومين، لذلك نجدها وفي معظم الأحيان تحقق الأهداف المرجوة، وتكون طرفاً لا يستهان به في إنهاء الحروب…

محمد زيتو مدينة كوباني، أو عين العرب، لم تعد مجرد نقطة على الخريطة السورية، بل تحولت إلى رمز عالمي للصمود والنضال. المدينة التي صمدت في وجه تنظيم داعش ودفعت ثمنًا غاليًا لاستعادة أمنها، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍ جديد وأكثر تعقيدًا. فالتهديدات التركية المتزايدة بشن عملية عسكرية جديدة تهدد بإعادة إشعال الحرب في منطقة بالكاد تعافت من آثار النزاع، ما…