في الغاء الإستفتاء وتأجيله

وليد حاج عبدالقادر * 
مع إعلان إقليم كردستان عن موعد لإجراء إستفتاء على الإستقلال كممارسة لحقه في تقرير مصيره وفق ما أقرته المنظمات الأممية المعنية بهذا الشأن ، والتي طرحت – تلك المنظمات – ذاتها كضامن لممارسة هذا الحق والعمل على تنفيذه ايضا للحد من حقن الدماء والحروب المزمنة ، وفي العودة الى المعايير والشروط المستوجبة لهذا الإستحقاق ومدى تناسبها مع الخاصية الكردستانية والتي تراكمت كمطالب أساسية رافقت انطلاقة الثورات الكردية المتتالية لإنتزاع هذه الحقوق – خاصة تلك – التي تقاطعت مع الجغرافية العربية وبخاصية جزأين ألحقتا بدولتين عربيتين / سوريا والعراق / وعليهما تتالت ردود الأفعال العربية التي استندت على إنتقائية تاريخية منهجت لتعريف محدد كإنعكاس لمناهج التدريس والتعليم وخصائصهما اللتين أقرتا مع تأسيس جامعة الدول العربية ، ولتظهر مدى الإجحاف الممنهج الذي مورس بحق القضية القومية الكردستانية وتصويرها كمشكلة طارئة رسخت في الذهنية شبه الجمعية وكنتاج لتلك الثقافة التي تموضعت قوميا وكنفي وطني مرة أخرى ، 
وعليها تأسست المواقف المتراكبة مع تلك اللبنات – الأولى – فتتوافق ، أو أريد لها أن تتوافق في جبرية الغائية صارمة مع خطوط الجغرافيا التي تشكلت منها خرائط سوريا والعراق سايكس بيكو ولتنعكس في الهيكليات المعرفية الرئيسة وبنى الثقافة والتعليم من جديد ، ولتتنج مع الأيام شرخها وتؤجج صراعاتها ضمن تلك الأطر والخرائط التي قصقصت وشكلت ، وبدل أن تأخذ منحى البناء الدولاتي على أسس المواطنة المتكاملة من جهة والمقرة لحقوق تلك المجموعات التي ضمت لها من جهة أخرى ، وتطور كل مجموعة على مبدأ المساواة والتشارك الفعلي ، وفي السعي والحفاظ على تطوير الخاصيات ، ولكنها للأسف ! وكإنعكاس في التأثير والتأثر بعقلية الإستبداد التي برزت في خاصية العلاقة بين شعب كردستان العراق والحكومات المركزية المتتالية التي على ارضيتها انطلقت ثورات كردستانية عديدة ، وجوبهت بعنف شديد وصلت الى حد الإبادة الجماعية ، وفي عودة الى موضوع الإستفتاء والأحداث بتوافقاتها التي سبقت تحديدا مرحلة تشكل العراق الحديث والمقرركان من ولايتي البصرة وبغداد ، ولتضم اليهما الموصل لاحقا بعد صراعات – نفطية – كانت وانتزاع بريطانية الدولة المنتدبة قرار ضمها الى الدولة العراقية المحدثة ، وكان لتغييب الوقائع التاريخية ، السبب الأهم الذي أدى بغالبية النخب العربية الى اتخاذ موقف غير عادل بحق القضية الكردية في نطاقها العربي ، لابل وربطها بالموضوع الفلسطيني ووعد بلفور ، وعلى أرضيتها مورست ثقافة التشهير والتخوين واعتبار – تلك الثورات – في كتب التاريخ والتربية القومية ، مجرد جيوب عميلة داخل الوطن العربي ، تحركها أيادي الإمبريالية والصهيونية العالمية !! نخبة أغمضت عينيها عن حقائق التاريخ وتفصيلات السلطنة العثمانية المفيدة آنذاك للمنتصرين في الحرب الكونية الأولى ، ومآلات التقسيم سابقة الذكر ، ولتجنح – النخبة – الى ذرائع أوقعتهم في عصبوية قومية قابلها نسق من مثقفين وكتاب لهم بصمتهم الواضحة في إعادة تشكيل وعي عربي نقدي لكثير من القضايا المعرفية الشائكة ومن ضمنها المسألة الكردية وطرحها بتجاوز موضوعي للخاصية الإنتمائية من جهة والإرتكاز على الحقائق التي غيبت ، ولعل كتابات السادة صالح القلاب والحازمين صاغية والأمين والخفاجي وكثيرون غيرهم دليل على ذلك ، وباختصار ، وفي العودة الى رافضي الإستفتاء بالمجمل ك / مؤامرة استعمارية – صهيونية / تستهدف تجزئة … الخ وعلى أرضية هذه التوصيفات بررت كل الحروب والمجازر التي نفذت بحق كردستان وشعبها ، وفي موضوع الإستفتاء ، من المفترض ان تبنى الأحكام على النتائج التي ستفرزها صناديق الأصوات ، وعليه، أفلا يجدر بالحكومة المركزية وكل من يروج لمواقفها أن يستهدف الرأي العام الكردي ويسعى لإقناعهم في البقاء ضمن الدولة المركزية وبفاعلية ديمقراطية مترافقة بزيادة منسوب الجذب نحو المركز ؟ . ولكنه – العراق المركزي بحكوماته المتعددة – والذي فشل تاريخيا ولم يسع – مطلقا – لبناء دولة تشاركية فعلية ؟ ولو وجد هذا التوجه لما وجد خيار الإستفتاء أصلا ، ووسط هذه الأسئلة الشائكة بأجوبتها ونزوع المركز للإستبداد ، وكرد عملي على ذلك خاصة أن شعب كردستان خبر الأنظمة المتعاقبة ولا مصداقيتها ، يضاف لها ما تؤكده حوارات الأيام القليلة الباقية التي تفصلنا عن يوم الإستفتاء ومعها الجهود الكثيفة التي تبذلها الجهات التي تستهدف نسف الإستفتاء والغائها من الأساس كتركيا وإيران – الحريصتان !! – على وحدة اراضي الدول ، واللتان تتناسيان ممارساتهما كدولتين شاذتين ، تركيا في قبرص وإيران التي لم تتوقف في أية لحظة تاريخية عن صناعة دول ضمن الدولة الواحدة ! وهنا ، وبالتلاقي مع مواقف بعض من الكتاب العرب وعدائهم من الإستفتاء ، أفلا يتوجب عليهم أن يوقفوا حربهم الضروس على سايكس – بيكو وتبعاتها حتى لا يستخدمها الكرد ايضا كمبررات يمارسون عليها حقهم الطبيعي وكأمر مفروغ منه ؟! . وباختصار شديد : أن تدخلات إيران وتركيا في شؤون دول المنطقة وشعوبها لاتزال مكشوفة ولم تخرج مطلقا من شرنقة النزعة الإستعمارية بثوبيها الصفوي والعثماني ، هذا التوصيف الذي أشار اليه وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة بوضوح حينما طلب منهما الكف عن ممارسة دور دولتين استعماريتين في المنطقة ، و الكرد في هذه المرحلة المفصلية يعون هدف من يطالب بإلغاء الإستفتاء كحق يجب أن يشطب ، أو مطالب بالتأجيل مع الإقرار بهذا الحق ولكن في انتظار التوقيت الأنسب ومن جديد بشكل مبهم .
 ٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
* – كاتب كردي سوري مقيم بدبي 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…