نظام الملالي أسوأ مئة مرة من نظام الشاه

عبدالرحمن مهابادي *
تسلّم جيمي كارتر عام 1977 سلطة الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية تحت شعار ”حقوق الإنسان“. وكان اعتماد هذا الشعار نتيجة خطوط اللجنة الثلاثية التي تأسست عام 1974والتي شارك فيها أهم رجال الأعمال من أوربا الغربية واليابان والولايات المتحدة. وحسب تقييم اللجنة الثلاثية وصل برجينسكي رئيس ومخطط اللجنة المذكورة إلى القناعة بأن نضال الشعب الإيراني من أجل الحصول على حقوقه سيؤدّي إلى تفجير الأوضاع، وبهدف احتواء هذا الخطر المرتقب هناك ضرورة لتمهيد الأرضية لوصول خميني إلى إيران كشخصية مقبولة.
هناك مقابلة صحفية أجراها موقع ”نداي آزادي“ بتاريخ 28فبراير 2014 مع الدكتور إبراهيم يزدي الأمين العام لحزب ” حركة الحرية “ الذي توفي أخيرا وكان من المقربين من خميني. وفي رده على سؤال بخصوص سبب رفض خميني الكفاح المسلح للشعب الإيراني ضد نظام الشاه يقول يزدي:
« أنا سافرت إلى النجف في يونيو 1977وناقشت كثيراً مع خميني. إنه كان يرفض الكفاح المسلح ويستدل بأنه في أي معركة مسلحة ستتقدم المنظمات السياسية العسكرية إذ لهم تنظيمات تشكيلية فلو ندفع النضال إلى هذه النقطة فإنهم هم الفائزون فمعناه نحن نتابعهم لامحالة… ».
اذًا كان خميني يدري تماماً بأن كفاح الشعب الإيراني المسلح ووجود المنظمات الثورية آنذاك للإطاحة بنظام الشاه يخوف الغرب وسيما آمريكا لكونه يعرّض مصالحهم في إيران والمنطقة للخطر. فلا يضيع الخميني أية فرصة لطمأنة الولايات المتحدة بشتى الأساليب واستخدام مختلف أنواع الحيل. على سبيل المثال مع أنه كان ينوي القضاء على الجيش النظامي المتبقي من زمن الشاه من خلال بناء قوات الحرس كرديف لهذا الجيش، لكنه أظهر للغرب ولأمريكا بشكل خاص بأنه يريد أن يبقى الجيش دون مساس. لأنه كان مطلوباً للغرب خاصة لأمريكا. وفي الوقت نفسه أسّس أجهزة أخرى لقمع الحريات ورفض مطالبات الشعب والمنظمات السياسية أشرسها فيلق الحرس. ومن هنا أصبحت لخميني ونظامه سياسة الإعدام وإبادة المعارضة ومنذ البداية الركيزة الرئيسة للبقاء حيث بُنيت سياسة واستراتيجية نظامه عليها وتم القضاء على الحريات وسجن الأحرار وقمع طلبات الشعب، السياسة التي تستمر ليومنا هذا على قدم وساق ..
وفي مقارنة بسيطة بين نظام الشاه الذي طال 57عاماً ونظام الدكتاتورية الدينية لخميني الذي عمره 38عاماً نرى بأن نظام الخميني ليس أسوأ بكثير من نظام الشاه في ممارسة القمع فقط وإنما أسوأ من الكثير من الأنظمة الدكتاتورية في العالم. وعلى سبيل المثال هناك إعدام ثلاثة آلاف من أبناء الشعب الإيراني خلال 4سنوات من ولاية روحاني الأولى. كما تم ارتكاب مجزرة ضد 30ألفاً من السجناء السياسين بفتوى خميني في عام 1988. وبالرغم من إدانة هذا النظام كل عام ولحد الآن 63مرة في أعلى الهيات الدولية بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان لكنّه لم يتخلَ عن هذه السياسة المشينة لإنه يرى بقائه في إعدام وإبادة المعارضة، ويدري تماماً بأن التخلي عن هذه السياسة سيؤدّي إلى أن يكون مصيره أسرع إلى منحدر السقوط بالمقارنة بنظام الشاه.
في النظر إلى سجل هذا النظام الأسود طيلة 38عاماً مضى، تجب الإشارة إلى اعتماده سياسة الإرهاب والقتل خارج الحدود الإيرانية. ونحن الآن نعيش الذكرى الرابعة لارتكاب مجزرة ضد اللاجئين الإيرانيين في العراق من قبل هذا النظام في أول أيلول 2013خلال عمليات إرهابية بالتعاون التام مع رئيس وزراء العراق آنذاك نوري المالكي المجرم حيث تم قتل 52 من اللاجئين الإيرانيين في مقرهم في مخيم أشرف.
ومن المؤسف أن المجتمع الدولي غض طرفه على انتهاك حقوق الإنسان في إيران وارتكاب مجازر تعتبر جرائم ضد الإنسانية وإبادة النسل .
لكن وحالياً وبعد الاتفاق النووي قبل عامين بين النظام الإيراني والبلدان الغربية حان الوقت لفتح ملف انتهاك حقوق الإنسان في إيران والمقاضاة من أجل ارتكاب المجازر ضد السجناء السياسيين والاغتيالات ضد المعارضين الإيرانيين خارج الحدود الإيرانية وإحالة هذا الملف إلى مجلس الأمن الدولي لمعاقبة آمري ومنفذي هذه الجرائم في المحاكم الدولية الصالحة وبذلك يصل العالم إلى الحل الجذري لأزمات المنطقة.
وإذا كان العالم يعترف بأن الاتفاق النووي، وحسب ما أذعن به الشخصيات البارزة الغربية، كان نتيجة تثقيف وعمليات الكشف التي قامت بها المقاومة الإيرانية خدمة للمجتمع الدولي وإفشالا للنوايا الخبيثة لهذا النظام في الحصول على السلاح النووي، فعلى المجتمع العالمي التركيز على ضرورة فتح ملف حقوق الإنسان في إيران.
نعم مازال هناك سجناء مقاومون يعيشون في الإضراب عن الطعام منذ أكثر من 30يوماً، وقام أنصار المقاومة الإيرانية في الكثير من بلدان العالم بإقامة مظاهرات لمقاضاة مسؤولي النظام لجرائمهم ضد السجناء السياسيين الذين يمثلون صرخة الشعب الإيراني المطالب بإسقاط هذا النظام المستبد . مقاومة منظمة مستعدة لتحمل مسؤولياتها في إطار ديمقراطي لتحل محل هذا النظام الفاشي.
الحل الوحيد لجميع أزمات المنطقه وخلاص العالم من التهديدات التي لا مصدر لها إلا هذا النظام يكمن في تغيير هذا النظام والذي يتيسر بدعم الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية.
* كاتب ومحلل سياسي
@m_abdorrahman
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…