الفقر والتجارة المؤلمة في إيران

عبدالرحمن مهابادي *
راجعني أخيراً أحد أصدقائي وكان مرتبكاً جيداً من ناحية الوضع الظاهري فتفاجأت من هذه الحالة وسألته هل حدث شيئ لك في حياتك جديداً؟فأجاب قائلاً: “ قرأت في إحدى وسائل الإعلام خبراً انتابنتني هذه الحالة : «رمى والد طفله تحت السيارة لدهسه حتى يأخذ من السائق ديته» وقال ” رأسي راح ينفجر بعد ما قرأت هذا الخبر …“.
كان يقول بعد سماع هذا الخبر «إن اتساع الفقر في إيران تحت وطأة ملالي جنوني جداً» لا شك أن الجميع يعرف أن سلطات هذا النظام الخبيث، يصرفون ثروات الناس وبلدنا في الحروب والمجازر والإرهاب ومساعدات خارج الحدود لأمثال بشارالأسد وحزب الله والحوثيين والحشدالشعبي و…بينما الفقر راح يدمر إيران حيث يدفع شعبنا أن يلتجئوا إلى محاولات غريبة لكن لم أسمع ولم أقراً هكذا خبر نهائياً(في إشارة إلى هذا الخبرالذي قرأه أخيراً.. ) حيث وصل الوضع إلى حد حتى يتم نشر هكذا خبر في وسائل الإعلام بدون استحياء.
وفي هذا النطاق نشرت جريدة اعتماد الحكومية بتاريخ 18/يونيو 2017هذا الخبرالمروع نقلاً عن سائق السيارة عندما راجع هذه العائلة
حيث يقول:
” كانت هذه العائلة تعيش حالة مزرية فقراً، هذا الرجل بدون شغل يذكرحيث يعجز عن تأمين أبسط حاجات العائلة فاضطر أن يدفع طفله تحت السيارات العابرة من هناك لعل يجد ممراً للرزق نتيجة أخذ الدية . في هذا البيت لا تتوافر أبسط مقومات الحياة حتى لإقامة مراسيم ترحيم لطفلهم كما لم تشبه مراسيمهم لأي مراسيم فاتحة عاديه في المجتمع وفقط بيت كان يعيش عدد من أفراد هذه الأسرة وكلهم عاطلون“.
نعم ، في إيران تحت وطأه الملالي ليس للفقر حدود حيث نشاهد كل يوم أشكال جديدة من الفقر والبطالة وتصعيد عدد العاطلين بصورة خيالية وحتى الوقوع في فخة المخدرات او اللجوء إلى جيش العتالين حتى بثمن خسران حياتهم نتيجة رمي عناصر الحدود وحتى اللجوء إلى المبيت في الكراتين والقبور وحتى الدعارة أو بيع أعضاء البدن ومن بيع الأطقال إلى الانتحار أواللجوء إلى قتل الأولاد خشية إملاق و…
إن مدى اتساع نطاق الفقر المدقع وسائر الأضرار الناتجة من هذا الورم السرطاني الخبيث والذي ليس إلا الوجه الآخر لعملة نهب أموال الناس وتوزيع الثروات بصورة غير عادلة من قبل عصابات اخطبوط ولاية الفقيه قد أثار جرحاً عميقاً على هيكيلة المجمتع من الهوة الطبقية في شرائح الشعب حيث نستطيع القول أنه لم نكن نتصور سيأتي يوم نشاهد هذا الوجه من الفقر في إيران بالذات.
لو كان هناك إمكانية أمنية للإنسان يوماً بتجول في طهران وسائر المدن الإيرانية ليقرأ الإعلانات على الجدران سيستغرب حيث كل عبارة مكتوبة على كل حائط له دلالة إلى مشكلة من مشاكل الناس في المجتمع الإيراني: رقم الهاتف في كل جملة لبيع أعضاء البدن بسبب احتياج ملح لبيع الكبد والعين والقرنية وبيع أكبادالعائلة (أقصد الأطفال) ليتمكنوا من مواصلة العيش لمدة أيام فقط ومعالجة مرض من أحد أفراد العائلة كما لو مررتم على المقابر المحفورة يعيش فيها عوائل متعففة ومسكينة اختاروا القبور بدلاً من السكن .. نعم هناك أطفال يعملون بأعمال شاقة خارج طاقاتهم لتأمين ما تحتاجه العائلة مقابل أجور زهيدة للحصول على رغيف خبز أو معالجة مرض أم أو أب وما شابه ذلك..حيث نستطيع القول بأن هناك من يبيع أعضاء بدنه وهناك أطفال يبيع عنفوانه لأن هؤلا وبسبب الإرهاق الشديد يشيبون قبل شبابهم ..
نعم ، في إيران تحت وطأة الملالي الخبثاء لقد قتل الفقر التعاطف الإنساني والعائلي حيث نستطيع القول إن في إيران ، بيع العواطف والضمائر البشرية يهدد المجتمع . ياترى في بلد يعتبر أحد البلدان الثرية في العالم كيف آضاقوا العيش على الناس المحرومين في حالة مثيرة للاشمئزاز عندما نسمع أن نقرأ هذه الأخبار فما بالك عندما نرى عن كثب.
نشرت جريدة ”إيلنا“ الحكومية يوم 26/ حزيران – يونيو 2017خبراً بعنوان : جرح النفس“ و” الاصطدام المصطنع “ و قطع العظم بالمنشار لاستلام الدية نقلاً عن المديرالعام للطب الشرعي في محافظه خراسان حيث تقول:
« خلال العام المنصرم كان لدينا أكثر من 1011 حالة حيث بادروا بجرح النفس و بغية استلام الدية واختلاق الاصطدام وحتى قطع عظم الترقوة للكتف.كما كان نماذج من قطع الأسنان بمقص الحديد وهذا في السنة الجارية أصبح أكثر من العام المنصرم بنسبة 14%»
”كما كان هناك نماذج من تخدير الجلد ومن ثم جرح النفس على الأرض لجرح الجلد ومن ثم حك النفس بالدراجات النارية على إطار السيارات بهدف أخذ الدية “..
نعم ، هذا ما يجري يومياً في بلدنا إيران التي كانت يوماً في مكانة عالية ثقافياً وسياسياً واستراتيجياً لكن وبعد رضوحها تحت وطأة دكتاتورية خميني ونظامه العائد إلى عصور الظلام، حيث باتت متخلفة من الحضارة البشرية في العالم بل تحولت إلى تهديد للحضارة الإنسانية بالذات.
نعم وهو نظام حسب توقعات ساسة الخبراء البارزين في العالم سيسقط قبل بلوغ عمره الأربعين على يد الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية وسيحل محله بديله الديمقراطي الحاضر لطي صفحة الإعدام وارتكاب المجازروالفقر والعوز ، وبيع الأعضاء البشرية وما شابه ذلك بإذن الله.
* كاتب ومحلل سياسي
@m_abdorrahman
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مصطفى منيغ / تطوان تأجيل المُنتُظر لا يجُوز، ومِن المُنتَظر التأجيل بالواقع ممزوج، بالتمعن في الجملتين نصل لمدخل معرفة دول تائهة كتلك البلهاء لا تفكر إلا أن يحتَلَّها زوج وإن قارب أعمال يأجوج ومأجوج ، و تلك العالمة لما تقدِّمُه من معقول لكل مَخْرَج لها معه نِعْمَ مَخْرُوج ، المكشوفة رغم تستُّرها وراء سَدٍّ يقِي وجودها دون تقدير إن تردَّ…

د. محمود عباس   يعوّل الشعب الكوردي على المؤتمر الوطني الكوردي في غربي كوردستان بوصفه لحظة مفصلية، لا لمجرد جمع الفاعلين الكورد في قاعة واحدة، بل لتأسيس إرادة سياسية حقيقية تمثّل صوت الأمة الكوردية وتعبّر عن تطلعاتها، لا كفصيل بين فصائل، بل كشعبٍ أصيلٍ في جغرافيا ما تزال حتى اللحظة تُدار من فوق، وتُختزل في الولاءات لا في الحقوق. إننا…

ماهين شيخاني في عالم تُرسم فيه الخرائط بدم الشعوب، لا تأتي التحوّلات العسكرية منفصلة عن الثمن الإنساني والسياسي. انسحاب نصف القوات الأمريكية من شرق الفرات ليس مجرد خطوة تكتيكية ضمن سياسة إعادة التموضع، بل مؤشر على مرحلة غامضة، قد تكون أكثر خطراً مما تبدو عليه. القرار الأميركي، الذي لم يُعلن بوضوح بل تسرب بهدوء كأنّه أمر واقع، يفتح الباب أمام…

لم يعد الثاني والعشرون من نيسان مجرّد يومٍ اعتيادي في الروزنامة الكوردستانية، بل غدا محطةً مفصلية في الذاكرة الجماعية لشعبنا الكردي، حيث يستحضر في هذا اليوم ميلاد أول صحيفة كردية، صحيفة «كردستان»، التي أبصرت النور في مثل هذا اليوم من عام 1898 في المنفى، على يد الرائد المقدام مقداد مدحت بدرخان باشا. تمرّ اليوم الذكرى السابعة والعشرون بعد المئة…