ابراهيم محمود
ها قد تجاوزت الستين عاماً، وليس لي حتى الآن، ولو شبر واحد من أرض كردستان الكبرى، فأي كردية تليق بي؟ فالمساحة الضئيلة تلك التي خصت ” بيتنا ” في القرية ذات يوم، لم يصدّق جيراننا” ملاك الأراضي هناك”، أننا غادرناها إلى المدينة محاولين ضمها إلى عقارهم تأكيداً على تعلق الكردي بأرضه، بزعم أننا لن نرجع، وحين كنا نطالب بلزوم منح الأرض لمن هو محروم منها، كانوا يظهرون ضروباً من العداء أكثر من عداء حكومة ” محمد طلب هلال ” البعثية، بزعم أن قسمتنا هي هكذا، أي كما هو حديثهم السخيف ومن مثلهم عن القدر الكردي البائس.
وبدوره فإن” بيتي ” المزعوم في قامشلو المنكوبة حتى الآن لم يسجَّل رسمياً باسمي، وكوني ” قصير اليد واللسان ” فهو تحت رحمة المصادفات، وهنا، في إقليم كردستان، في دهوك يمكن أن ” أقلَع ” خارجاً في أي لحظة، لأنني لا أحسن تنميق الكلام الشعاراتي لمن يهمه الأمر، ومغايرتي لهم تغيظهم، وذلك القبر الذي ينتظرني لا أدري أين يكون، وكيف سيسجل باسمي ولقاء ماذا سأحظى به، في حال دفني بـأرض ” كردية ” طبعاً ؟!
كما لو أنهم وفي ظل الكردية الهدارة، خلقهم ” الله ” بأفواه كبيرة وألسنة على مقاسها، وخلافهم ممن يرونهم خارج دائرة الأفواه الكبيرة، في نطاق العبودية الحزبية وغيرها، فهم خلِقوا بأيد طويلة وأرجل متمكنة من العمل وخبط الأرض بقوتهم لخدمتهم، ولا بد أنني من النوع الذي ولِد في لحظة مصادفة بلسان طويل ويد طويلة، وهما يمارسان تعدياً على حقوق أولئك “* “.
كذابون، وألف ألف ألف كذابين أولئك الذين يزعمون أن الكردية هي أن تكون مخلصاً لكرديتك، لأن تاريخ الكردية” الكردايتي كما يتفقه متحزبونا ومتحرّبونا ومتحربنونا “، أثبت ويثبت أن حصة الكردية هذه تذهب لصالح من يقيسونها حسابياً وما يمكنهم أن يحصّلوا من مكاسب، ومن يكونون خلاف الجاري على الأرض، كما أرى بأم أم عيني.
وكذابون، وألف ألف ألف كذابين، من يشددون على أن الأكثر وفاء للكردية هو المرتبط أكثر بأرضه وبيته، وأنا ليس لي أرض ولا بيت فعلي، وثمة من هم بالآلاف المؤلفة من ” سدنة الكردوارية ” أمَّنوا على أولادهم وأولاد أولادهم، وباسم الكردية يتشدقون خارج حدود أرضهم أوربياً وغيرها، ودائماً باسم الدفاع عن الكرد وكردستان، والذين يزعمون أنهم باسم الكردية يناضلون ويكافحون، تشير الوقائع إلى خلاف المردود جرّاء التحول الكارثي في الكردايتي.
كذابون، وألف ألف ألف كذابين من يزعمون أن شرف الكردية محصور في من يعبّر عنها أكثر من سواه، والجاري يثبت أن هناك من يزعمون أنهم سلالات كردية، وأنهم معروفون بأصولهم ولهم مكانتهم، كما كنا نسمع في جوارنا أو محيطنا، بمعنى أننا، وكوننا مجردين من كل ذلك، فلا أصول لنا، أي حين تصبح الأرض أباً وجداً وأماً وجدة وطوطماً، ولهذا غدر ويغدر هؤلاء بـ ” شرف ” النسب الأرضي، وقد تركوا أرضهم وراءهم بزعم الزاعم أنهم لمصلحة الكردية يعملون، وهم أنفسهم على بينة من أنها كذبة تاريخية، أن عليهم ألا يخدعوا الكرد الغلابة من حولهم بذلك، ولهذا تكون أنسابهم محفوظة، وأكون ابن من كان يعمل في كذا وكذا، أي مجرد عامل، ولهذا يكون إيماني الكردي ضعيفاً، وأن لا بد من أن يتبناني متعهد كردية تمَلين وتمَلير حديثاً ” صار من أصحاب الملايين والمليارات “، فيكون مولى لي كما هو وضع أحزا…بنا الكردية وتعهداتهم اللاكردية، حتى لو تمثّل فيما يسمى بـ” المجلس الوطني الكردي السوري “، كما لو أن الوطنية محصورة “طابو” في أعضائه الذين لا يعدَّون ولا يحصون بسهولة.
أقول كل ذلك، فقط للتاريخ، وتمثُل أمام ناظري القوائم الاسمية لهؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم ممثلي الحركة الكردية وزعاقي الكردية، وليس لأنني أطلب منهم مغفرة في القومية الكردية، أو براءة ذمة، وهم في ضوء المصاب الكردي الجلل وفي ضوء المستجدات في الفترة الأخيرة، يحتاجون إلى طلب العفو من كل كردي يخرج مقهوراً من حيث كان، ويطق مقهوراً حيث يكون، ومن الذين ماتوا كمداً، لإثبات أنهم بالفعل ينتمون إلى خانة الكردية.
أقول ذلك، وأنا أردُّ أو أوضح لأولئك الذين يتفقهون في شأن الكردية ويشربون الأنخاب باسمها عن أن الارتباط بالأرض ليس بالأمر السهل، وأن الأرض ” الكردية ” المغدورة بأولي أمرها لو تنطق لتبرأت من جل الذين يديرونها ويستثمرونها وبها يؤكدون سيادتهم وعنطزتهم وفنطزتهم، وأن الأرض هذه إذا كانت شرف الإنسان، فأين يكون موقع هؤلاء الذين يتركونها وراءهم، ممن يزعمون دائماً أنهم لمصلحة الكردية يعملون وأرضهم تنتهك على مدار الساعة، أم تراني، وكوني لا أملك ولو حتى شبراً واحداً من أرض كردستان الكبرى، تكون شهادتي بحق الكردية وهؤلاء مرفوضة، وربما أجرَّد من كل كردية جرّاء قول كهذا، وهم يدخرون جهداً في ذلك ؟!
م-*: هنا أذكّر بمقولة لابراهام لنكولن وهي أنه لو شاء الله تبعاً للمزاعم الدائرة، لخلق أناساً بأفواه دون أيد، وآخرين بأيد دون أفواه لخدمة أولئك. أكان فيه عرق كردي ليقول ذلك ؟
دهوك، في 3-7/ 2017