جنكيز حمدوش
ان الازمة السورية قد دخلت مرحلة حاسمة نتيجة تدخلات الاقليمية و الدولية بحيث بات موقف النظام اقوى من اي وقت مضى وخاصة بعد التدخل الروسي بشكل مباشر تمكن من حسم موازين القوى لصالح النظام واصبحت المعارضة في وضع لا يحسد عليه وتجري هذه التطورات ليست بمعزل عن الموقف الدولي مما انخفض سقف المطالب لدى المعارضة الى ادنى المستويات فبات مطلب وقف التهجير القسري اكثر الحاحا ولكن هل يملك المجتمع الدولي ارادة حقيقية على انجاز عملية الانتقال السياسي وتطبيق القرارات الدولية و خاصة القرار رقم 2254 الذي ينص على تشكيل جسم انتقالي لكن لقاءات استانا الاخيرة باتت تعكرصفوة مسار جنيف و بدا الغموض يلف هذا المسار و اصبحت السفينة تتجه نحو المجهول نتيجة عدم التحكم بالبوصلة الحقيقية ووضعها في مسارها الطبيعي
فاصبح الجميع ينظر الى القضية السورية من اجل تحقيق بعض الاجندات مع العلم انه ليس من المعيب التعامل مع الوقائع من باب الحرص على المصالح لكن العيب يكمن في الاستفراد بمقدرات الشعب الذي لا يتماشى مع قيم واخلاق المجتمعات التي تدعي انها ديمقراطية فليعلم الجميع بان اي لقاء او التفاوض في الازمة السورية لم يكتب له النجاح بمعزل عن الوالايات المتحدة مهما استفردت روسيا في شان السوري فان كلمة الفصل تعود لواشنطن اكان طوعا او رغما عنها وهناك امثلة كثيرة وتجارب مريرة لدى روسيا بتنا قضاتها مع واشنطن من يوغسلافيا ومرورا بالعراق حتى ليبيا لكن المشكلة في سوريا تعود جذورها الى ازمة فقدان الثقة اولا وموقعها الجيوسياسي الحساس مما يفرض على امريكا اتخاذ قرارات مصيرية بامعان وباعتقادي بان اميريكا تواجه صعوبات جمة في اختيار البديل المناسب لانها تلقنت دروسا في العراق و حاولت الادارة الامريكية السابقة في عهد اوباما مساعدة بعض الفصائل في جيش الحر لكن سرعان ما خابت الامال بعد ان اصبحت هذه المساعدات بحوزة الجماعات المتطرفة مما اضطرت الى تغير اسلوب تعاملها مع المعارضة فهي غير مطمئنة على سلوك النظام و تعلم علم اليقين ماذا يفعل من الجرائم الانسانية اخرها محرقة صيدنايا واحيانا تضطر بين فترة و اخرى الى قصف مواقعه لابعاد شبح تسليم الاسلحة الى المنظمات المتطرفة في ضواحي دمشق و كانت الضربة الصاروخية الاخيرة التي وجهت لمطار الشعيرات بمثابة سوبر انذار لكي لا يتخطى حدوده برغم من وجود القوات الروسية ولكن الى متى ستظل الولايات المتحدة تدورفي هذه الحلقة الفارغة مما يبدد بان السيناريو القادم لايبشر باختراقات حاسمة على الصعيد السياسي لان التركيز على اسيتانا يعكس عملية تعويم النظام بعد ان فرض النظام سيطرته على مواقع المعارضة ويحاول الان استبدال جنيف ب استانا باعتبار ان جنيف مؤتمرااعلاميااكثرمن ان يكون سياسيا مع العلم ان استانا كان لقاء عسكريا صرفا لايتطرق الى الحلول السياسية والكرة الان في ملعب المجتمع الدولي و خاصة امريكا بعد ان تعاظم الدور الاايراني و سيطرة ميليشياتها الطائفية على المنطقة امتدادا من العراق و اليمن وسوريا ولبنان وباتت هذه الميليشيات على وشك اقامة هلال الشيعي والسيطرة على المنافذ الحدودية السورية مما يشكل خطرا حقيقيا على المنطقة برمتها اذالم يبقى امام الادارة الامريكية الجديدة سوى التصدي لهذه المحاولات التوسعية اذاكانت فعلا جادة في تقليم اظافر طهران و الضغط على النظام لتملصه من القضايا الاساسية اي الانتقال السياسي ومحاربة الارهاب بان واحد اما الاحاديث الجانبية بين روسيا وايران و تركيا ما هي الا مضيعة للوقت لايمكن للعاقل ان يصدق بان هذه الدول اطراف ضامنة لانها مشاركة في القتل والمجازر في سوريا بشكل مباشر اوعبر الوكلاء ان تفشي الطائفية ظاهرة مستحدثة من قبل ايران لاستخدام الدين لاغراض سياسية بغيضة و بات يلقي بظلاله على الشعوب المنطقة وما زالت امريكا غيرمنخرطة بشكل الفعلي في الازمة السورية سوى اعطاء الاولوية لمكافحة الارهاب عن طريق شركائها في الارض وخاصة قوات سوريا الديمقراطية و نامل ان تتحول هذه الشراكة الى تحالف متين مع جميع فصائل الكردية دون استثناء لان الاختيار على فصيل بعينه مما يخلق حالة التشكيك والريبة والتشتت لذا يجب ان تكون الاجندات مكشوفة في مرحلة ما بعد داعش حتى لا نكون كبش الفداء مرة اخرى لان الاستفراد بفصيل على حساب الاخر يضعف الصف الكردي هذه النقطة في غاية الحساسية و على الكرد بجميع فصائلهم ان يبتعدوا عن لهجة التخوين والصراعات الجانبية التي تؤثر سلبا على موقفهم وان تكون امريكا حليفا قويا في اجتياز هذه العقبات كما فعلت مع اكراد الجنوب لنتمكن من الحصول على حقوقنا القومية كسائر الشعوب لان الحدود الدولية ليست مقدسة بل يجب احترام ارادات الشعوب في تحقيق رغباتها وليس بمصادرة الحقوق عبر استخدام فيتوفي غرف مغلقة فمن لايملك استراتيجية معينة لا يمكن ان يتبع تكتيكا مرحليا ان طرح المبعوث الدولي في الملف السوري مبادرته حول اعداد مسودة الدستور و ارتبط مفاواضات جنيف بالتطورات الميدانية مما يعيد الامور الى نقطة الصفر