عبدالرحمن مهابادي *
دعايات النظام الحاكم في إيران تستدعي المشاهدة هذه الأيام. ونادرا ما يكون كل وسائل الإعلام في الحكومة خالية عناوينها أو نصوصها لتنقل عن مصادر تابعة لزمرالنظام العبارة التالية: «لايجب مقاطعة الإنتخابات». كتبت تلك الوسائل نقلا عن «علي خامنئي» تقول: «ليس مهما إلى من تصوت المهم مشاركتكم في التصويت».
ويعتبرهذا الأمرظاهرة جديدة في دعايات النظام بحيث تتمايزمسرحية الإنتخابات للعام الجاري عن السنوات الأخرى ويظهر مدى الحالة التدافعية والضعف التي يعيشها النظام واصبته بالهلع من مقاطعة الإنتخابات التي دعت اليها المقاومة الإيرانية. وعلى هذا الأساس نرى أن المسأله الأهم لدى الولي الفقيه ليس جلوس أحد من المرشحين الستة المؤيدين على المقعد الرئاسي للملالي بل هو كم من الناس سيذهبون إلى صناديق الإقتراع وهل ستتم مقاطعة الإنتخابات أم لا!
وبما يعود الأمر إلى حقائق المشهد فان من المسلم به سيتم مقاطعة المسرحية من قبل المواطنين ولا شك في الأمربأن النظام يفشل حتما لان المواطنين لديهم مشاعرالإشمئزاز والكراهية من هذا النظام برمته أكثر من أي وقت آخر وصرخوا مرارا وكرارا ارادتهم لتغييرالنظام.
فيما يلي نتطرق إلى وجوه آخرى من مسرحية الإنتخابات للنظام:
اولا: في الحقيقة رغم عدم وجود إنتخابات حرة في إيران وتقوم الزمرة الحاكمة(علي خامنئي) في كل دورة انتخابية بعمل هندسة نتائج الانتخابات مسبقا وفي بعض الأحيان يتم بتلميعها بصيغة الاعتدال والاصلاح لخداع المواطنين والعالم الا أن المواطنين لا يبالون كل مرة بالإنتخابات ويتعاملون معها ببرودة بحيث لم يتجاوز الحد الأقصى لعدد الناخبين من 10ملايين. الا ان النظام عن طريق أعمال الغش والتزويرالواسعة وإختلاق الأصوات والكذب يعلن في كل مرة عدة أضعاف في محاولة للتستر على عدم شرعيته. وفي غيرها كان من المفروض قبول على الأقل مرة واحدة حضورالمراقبين الدوليين على صناديق الإقتراع.
ثانيا: يمكن أخذ مسرحية إنتخابات النظام في هذا العام بمثابة استفتاء عام بحيث يظهر المواطنون بمقاطعتهم وعدم توجههم الى صناديق الاقتراع ارادتهم القاضية بطرد النظام والمطالبة بنظام جديد وديمقراطي.
ثالثا: أعدت المسرحية مسبقا مثل ما كان عليها في الدورات السابقة بالعمل الهندسي من قبل زمرة خامنئي وتم تحديد الأرقام لجميع الناخبين حتى يتم بعد إعلانها وبعد إقامة المسرحية القول كذبا بأن المواطنين قد شاركوا فيها فلذلك يمتلك النظام الشرعية!
رابعا: هناك إتفاق مبدئي بين كلتا الزمرتين الرئيسيتين للنظام بشأن بقاء النظام وللحيلولة دون خروج الناس في إنتفاضة شعبية ولديهم وحدة النظروالعمل للقمع الدامي للمواطنين بإي طريق ممكن.
ان ترديدة عبارة «أمن الإنتخابات» على لسان مسؤولي النظام هذه الأيام، ليس الا اصطفاف النظام مقابل المواطنين الذين يريدون تغييرالنظام. فلهذا قام النظام بوضع قواته المسلحة في حالة التأهب القصوى منذ أيام وتم إصدار أوامر للقمع الدامي لاية إنتفاضة شعبية محتملة. وتعرف كلتا الزمرتين للنظام جيدا بوجود مشاعر السخط والإشمئزاز لدى المواطنين الإيرانيين حيال النظام برمته منذ سنوات وعند وقوع اية شرارة يغتنمها المواطنون عندئذ سيكون احتواءها مستحيل وسيتم انهاء دور النظام.
خامسا: أي من المرشحين الرئيسيين الاثنين(اي رئيسي او روحاني) سيجلس على مقعد الرئاسة الجمهورية غير الشرعي فلن يطرأ أي تحسن في مصير المواطنين. لان منصب الرئاسة في نظام ولاية الفقيه ليس الا أداة بيد الولي الفقيه. وإضافة إلى ذلك سيكون موقف النظام بعد الإنتخابات أضعف مما كان عليه سابقا وسيدخل اصطفاف المواطنين ضد النظام الدكتاتوري الحاكم صفحة جديدة بحيث سيبدد أحلام البقاء من أذهان النظام.
سادسا: أظهرت المناظرات التلفزيونية الثلاث بين المرشحين الستة المنتقين من قبل ولاية الفقيه جيدا سجل النظام المليئ بالفساد الشامل و الجرائم الواسعة التي كانت و مازالت جميع الأجنحة تساهم فيها. رغم أن كل ما طرحه هؤلاء في المناظرات كان غيضا من فيض وكما أكد اللاعبون الستة للمسرحية هناك العديد من الملفات تعمدوا في عدم فتحها. لان «علي خامنئي» قد حذر مرارا وكرارا من فتحها ومنها ملف حقوق الإنسان ومجزرة السجناء السياسيين عام 1988 و…
سابعا: المرشحان الرئيسيان في المسرحية هما الملا الجلاد«ابراهيم رئيسي» والملا المحتال«حسن روحاني» والمرشحون الآخرون ليسوا الا بيادق صورية وتجميلية وضعوا من منطلق الحملة الدعائية وسيتم إمحائهم من الساحة واحدا تلوآخر.
الكلام الأخير:
اذا كان يريد أي مراقب دولي يحصل على تقييم صحيح ومضبوط من موقف النظام والمواطنين والمقاومة الإيرانية جراء مسرحية الإنتخابات فمن الضروري ان ينظرمن منظار واقعي يرى إيران يحكم فيها نظام دكتاتوري ديني مطلق قد حطم الرقم القياسي للإعدام في العالم ويرد على كل صوت معارض عن طريق الإعتقال وممارسة التعذيب والإعدام. كما في قبضته ثروات أبناء الشعب الإيراني العظيم وتثير شبكته العنكبوتية أجواء الخوف والموت على كل عائلة. ويتطلب كل هذه ألا يولي المواطنون أي اهتمام بمزاعم النظام قبل مهزلة الإنتخابات وبعدها لكونها لا تساوي شروى نقير .
ومن جانب آخركتبت بعض لوسائل الإعلام الإخبارية تقول:« النظام الإيراني تهتز أركانه من إنتفاضة المواطنين جراء الإنتخابات الرئاسية». ورغم التدابير الأمنية المشددة المفروضة من قبل نظام الملالي خلال مسرحية الإنتخابات «الا ان المعارضة الإيرانية تخترق استحكامات الملالي» بحسب وسائل الإعلام الغربية.
غيرأن الأيام اللاحقة ستظهر من هو الفائز والخاسر في مسرحية الإنتخابات؟
@m_abdorrahman
* كاتب ومحلل سياسي