ما جرى في استانة 4 ايجابي لكنه غير كاف

اكرم حسين 
شهدت الاسابيع الماضية سلسلة من اللقاءات والاحداث المهمة فقد التقى الرئيس الامريكي في واشنطن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، كما عقد لقاء أخر بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و التركي رجب طيب اردوغان ،وانتهى اجتماع استانة 4 بين السلطة والمعارضة  – لتي طالبت في وقت سابق بإقامة مناطق امنة-  بالتوقيع على مذكرة ” لتخفيف حدة التصعيد في سوريا ومستوى التوترات الامنية وتوفير الامن للمدنيين ” والتي شملت اربع مناطق تم تحديدها في ادلب وشمال محافظة حمص والغوطة الشرقية وبعض مناطق الجنوب بضمانات روسية ايرانية و تركية وبحضور المبعوث الدولي ستيفان ديمستورا ومساعد وزير الخارجية الامريكي ستيوارت جونز بصفة مراقب،  مما عكس عودة الدور الامريكي في الملف السوري 
 وقد تزامن كل ذلك مع طرد داعش من مدينة الطبقة من قبل قوات “قسد” ومن قبله قصف تركيا لمواقع وحدات الحماية الشعبية والبشمركة في كل من قره جوخ وشنكال ، الامر الذي ادى الى قتل وجرح العشرات وتسيير دوريات مراقبة امريكية على الحدود التركية درءا لمنع الاشتباك بين الحليفين المتصارعين، وقد ترافق ذلك مع ازياد حدة التهديدات التركية برفضها وجود قوات حزب الاتحاد الديمقراطي ” الارهابي” الى جوارها ومنعها من قيام أي “كيان كردي” تحت قيادتها ، لا بل دعا الرئيس التركي الولايات المتحدة الامريكية للاستغناء عن قوات “قسد” في معركة تحرير الرقة ، لان واشنطن وانقرة قادرتان ان تجعلا من الرقة مقبرة لداعش لكن موافقة  ترامب على تسليح “قسد” خيب امال اردوغان  في استبعاد هذه القوات من معركة  الرقة وعزز من تحالفها مع التحالف الدولي .  ورغم ان ما جرى في الاستانة خطوة ايجابية قد تثير لدى البعض مخاوف “التقسيم ” الا أنها غير كافية ، فما يطمح اليه السوريون هو فرض  مناطق امنة وبحماية دولية وبقرار اممي تحت الفصل السابع ، الا ان الانظار لا زالت تتجه الى اللقاء المرتقب بين ترامب واردوغان في اواسط ايار/مايو  ، والذي كان يأمل منه السلطان التركي الجديد الكثير ، وخاصة استغناء الولايات المتحدة عن قوات “قسد” في معركة الرقة والاعتماد على قوات درع الفرات المدعومة تركياً ،  وعودة العلاقات الامريكية التركية الى سابق عهدها ، لكننا نعتقد منذ الان بان ما يطمح اليه اردوغان قد لا يتحقق منه الكثير ، خاصة بعد ان اعلنت امريكا بعد قصف قره جوخ بان “قسد” شريك رئيسي في محاربة الارهاب وعلى كل حلفاء امريكا العمل معاً من اجل محاربة داعش ، بالاضافة الى تصريحات البنتاغون على موافقة ترامب بمواصلة تزويد “قسد” بالاسلحة والذخائر وانطلاق معركة الرقة بعد يوم من لقاء ترامب- اردوغان ،لاسيما ان  مجلس مدينة الرقة الذي تم اختياره بتنسيق امريكي لإدارة المدينة بعد طرد داعش منها يعكس الطيف الاجتماعي ومكوناتها ، رغم كل المآخذ التي يمكن ان تسجل على بعض الشخصيات ، في ظل ارتفاع بعض الاصوات التي تطالب بتحرير المدينة من قبل قوات عربية واحيانا سنية ، وهو ما يعكس خطابا قومياً بعيدا عن الواقع الموضوعي العياني ، لأنه خطاب طائفي مقيت لا يعكس وحدة السوريين وحقهم في محاربة الارهاب اينما كان ، لانه من حق الكردي ان يقاتل في درعا كما ان من حق العربي ان يقاتل الارهاب في القامشلي وهكذا لبقية المكونات التي يحق لها ان تقاتل الارهاب في أي مكان على الارض السورية ، ان كنا لا نزال نصر ونتمسك بوحدة سوريا ارضا وشعبا.
 ان اولوية المجتمع الدولي اليوم هي محاربة الارهاب، فلنعمل على طرد داعش اولا وعلى اخراج كافة القوات الاجنبية الغازية وخاصة الميليشيات الايرانية وحزب الله اللبناني وكافة الدول التي لا زالت تشارك في قتل الشعب السوري وكانت سببا فيما نحن عليه ، وهذا الهدف لا يلغي في الوقت نفسه العمل بجدية على تطبيق القرار الدولي 2254 واجراء عملية الانتقال السياسي وتحقيق اهداف الشعب السوري في الحرية والعدالة والمساواة في دولة المواطنة المتساوية بإطلاق بغض النظر عن العرق او الجنس او الدين والتي تكفل حقوق كافة المكونات.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…