أيقونة كردية تحفل بالإباء والحياة…!. إلى فصلة يوسف ومحسن طاهر وأمين حسام وكل أسرى معتقلات وأقبية وسجون ب ي د

إبراهيم اليوسف
لم أصدق- يوماً ما- أن يستطيع كردي- أياً كان وأينما كان- التطاول على أية امرأة كردية، على خلفية موقف سياسي، يبدر منها، مهما كان هذا الموقف متضاداً، مع موقفه، أية كانت هوية هذا المتطاول: جاهلاً، أو واعياً، على حد سواء. وذلك، لأن للمرأة قداستها في المجتمع الكردي، ولقد قيل لنا الكثير من القصص في بيئتنا الكردية عن نساء كان لهن دورهن العظيم في أصعب المواقف والمواجهات، التاريخية، بما يذكر بالأسطرة، ومن بينها استسلام أحد الفرسان النبلاء أمامها وهو قرب جثة ابنه، أو أبنائه وذويه، عندما تتدخل لتحمي قريباً لها قاتلاً، مرجئاً المواجهة إلى وقت آخر، من دون أن يتنازل عن حقه، ولا أريد أن أمضي-هنا- وراء هذه السرديات التي تشكل فضاء ذاكرة أي امرىء أصيل..!.
لقد اخترقت الأنظمة الحاكمة لأجزاء كردستان: البعثان السوري والعراقي بالإضافة إلى الطغم الحاكمة في تركيا وإيران هذه القاعدة، إذ عمدت إلى سجن المرأة الكردية وقتلها تحت التعذيب- كما حدث لليلى قاسم حسن التي مرت ذكرى رحيلها يوم أمس، وهو ما بات يتكرر-للأسف- في المناطق الكردية، بعيد استحواذ تنظيم ب ك ك عبر اسم فرعه السوري “ب ي د” على السلطة المحلية التي سميتها: سلطة الأمر العابر، وبتنا نسمع الكثير عن خطف القاصرات، وسجن الفتيات، أو أسر صاحبات الرأي، كما حدث مع المناضلة فصلة يوسف كأنموذج- فحسب- وله دلالاته الخطيرة..!
إذا كانت الأنظمة الحاكمة في أجزاء كردستان استطاعت أن تعتقل المرأة الكردية، بعيد نشوء خرائطها الاصطناعية، على خلفية رأيها السياسي، فلأنها أنظمة لا أخلاق لها البتة، كما أنها لم توفر أية امرأة، مهما كانت هويتها، حتى وإن انتمت لجلداتها أيضاً. إذ تحفل سجلات الاعتقال السياسي بأسماء نساء كثيرات، لدى هذه البلدان، ليس بسبب جناية ما ارتكبنها، وإنما لأن لهن مواقفهن من هذا النظام أو ذاك. هذا الإرث القذر كان على تنظيم كردي ينتمي  أرومة إلى ” ب  ك ك”  ألا يعيد إحياءه، وتبنيه، وتمثله، وذلك لأسباب كثيرة: مكانة، وحرمة المرأة في المجتمع الكردي، بالإضافة إلى  أن هذا التنظيم- بفروعه كلها- ذاق مرارة اعتقال المناضلات الكردستانيات اللواتي دخلن صفوفه بهدف بناء كردستان العظمى التي نادى بها، وكان هذا النداء، وحده، سبب التفاف كوكبة المناضلات والمناضلين من شباب جزئنا-كردستان سوريا-  في أقل تقدير، حوله، والانضمام إليه، وتم استشهاد  الآلاف منهن ومنهم، على ذروات جبال كردستان الشماء، أو تمت تصفيات أبعاضهم، بطرق بشعة، على أيدي بعض الجلاوزة الدمويين، الجهلة، من بينهم. إذ يتحدث عن بعض هذه الحالات بعض الشهود من الناجين، الخارجين عليهم، بما تقشعر له الأبدان..!.
 لقد حصل ذلك، بالرغم، من أنه تم طي صفحة دماء هؤلاء جميعاً، من خلال التحول الخطير في أيديولوجيا هذا التنظيم الذي صار يدعو إلى أخوة الشعوب- بعد أن تكبد آلاف الأرواح البريئة كما قلنا- وهو أمر آخر، من الممكن تناوله نقدياً. بيد أن ما لا يمكن إخضاعه إلى خانة الرفض، والشجب، والإدانة، هو محاولة هؤلاء إعادة إنتاج مظالم الأنظمة المستبدة التي عانينا منها، وتحت يافطة كردية ولو اسماً، انطلاقاً من عقدة ما، وفي محاولة عبثية لفرض سطوة الذات المرفوضة….!
لم يترك هذا التنظيم موبقة سياسية إلا وارتكبها، بما فيها: الاغتيال بحق المختلفين معه” ولن أعدها في هذا المقام فهي تحتاج إلى معجم خاص بها” وهنا لن ألجأ إلى المظنة بل إلى ما هو معترف به من لدنه فحسب مما ارتكبته أياديه- إلا أن مداهمة مقر تجمع سياسي كردي- مكتب المجلس الوطني في قامشلي ناهيك عن حرق الكثير من المكاتب من بينها بعض مكاتب المجتمع المدني وإلخ –   هذا المكتب الذي هو مقر مجموعة أحزاب هي صاحبة البيت المكاني الكردي، بالإضافة إلى بعضها من خارجها- ما خلا ب ك ك وفروعه- من لدن جهة دخيلة  كردياً حتى وإن تزيت باللباس الكردي، ومن ثم تشميع باب هذا المكان، واعتقال من فيه من مناضلين مكتوين بمعاناة أهلهم، على عكس الدخيل الذي نذر نفسه لأداء مهمات  لا شأن له بها، ودافعه إلى ذلك: إلغاء ومحو هوية المختلف معه، ومطالبته بالانصياع لسياساته الهمجية الرعناء، من دون أن يرتدع بكل ما ارتكبته أياديه، ليتجاوز ذلك لخطف وأسر سيدة مناضلة كردية مثل فصلة يوسف هو أمر في منتهى القبح، والرذيلة السياسية، والفكرية، والسلطوية المدانة، والمرفوضة.
أجل. إن اعتقال امرأة مناضلة كفصلة يوسف وقد تحولت إلى -أيقونة- مختلفة. أيقونة كردية تحفل بالحياة. تحفل بالإباء. تحفل بالرمزية. تحفل بالشهامة. تحفل بالنبل. تحفل بالطهارة، وذلك لأنها تقول كلمتها في مواجهة أعتى، وأشرس، وأغبى عقل متسلط، يعيش بين ظهرانينا، حقق لأعداء الكرد، ما أخفق فيه أعداؤهم من الأنظمة الحاكمة في كل أجزاء وطنهم الجريح….!
تحية إلى المناضلة الأبية فصلة يوسف ورفيقيها المناضلين: محسن سيد طاهر وأمين حسام، وكل أسرانا. كل الأسرى في معتقلات ب ي د واحداً واحداً لاسيما هؤلاء الذين يؤكد ذووهم أن لديهم معلومات تؤكد وجودهم في قبضة هذا التنظيم منذ سنوات وإلى الآن، من دون أن يتم فك اسرهم بعد، وهم- في التالي- صورة عن شعب أسير لدى هذا التنظيم. صورة عن حلم أسير. صورة عن وطن أسير، إلا أن أسر كل هؤلاء لن يطول، لأن هذا التنظيم “الأسير” قد نسف كل العرى التي تربطه بحاضنته -المفترضة- الحاضنة التي لايزال يتاجر بخزان دم أبنائها، وهو يؤدي دوراً حزبياً، أيديولوجياً، على حساب قضية شعب ووطن وقيم..!.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…