هوشنك أوسي
“للتاريخ: حقيقة الجيش الحرّ، وحقيقة وحدات الحماية الشعبيّة – YPG) (4/5/2017). “تحضيرات موسم القطاف في عفرين ومنطقة الشهباء” (4/5/2017). “سياسي كردي: على الاحزاب الكردية التضامن في مواجهة السياسة التركية” (4/5/2017). “حلب: الاحتفال بيوم اللغة الكردية” (6/5/2017). “وحدات الحماية المرأة في عفرين ترفع من مستوى نشاطها في مواجهة الهجمات التركية” (7/5/2017). “جيش الاحتلال (التركي) تمنع الفلاحين من حصاد محاصيلهم” (7/5/2017). “إذاعة عفرين أف.ام تعاود البث” (8/5/2017). “تأسيس اتحاد المرأة الإيزيدية في أوروبا” (8/5/2017). “الجولة التاريخية في غرب كردستان – 2” (8/5/2017).
هذه عناوين أخبار وتقارير ومقالات، يظن قارئها بأنها منشورة في إحدى المواقع الالكترونيّة التابعة أو المقرّبة من “حزب العمال الكردستاني” أو فرعه السوري “الاتحاد الديمقراطي”، كوكالتي “هاوار” و”فرات نيوز” للأنباء، على سبيل الذكر لا الحصر. لكن هذه المواد منشورة في القسم الكردي في الموقع الرسمي لحزب “الاتحاد الوطني الكردستاني” بزعامة السيدة هيروخان إبراهيم أحمد وملا بخيتار. طبعاً هذا الموقع (PUK Media) في قسمه العربي والكردي، على حدّ سواء يعجّ بأضعاف ما ذكرته من عنوانين مماثلة، تثير الدهشة والاستغراب، وتفتح قوساً لأسئلة لحوحة وكثيرة: منذ متى، وبهذه الدرجة من الحماس المثير للشبهة، بات “الاتحاد الوطني الكردستاني” يولي الاهتمام الكبير والكثيف بالقضيّة الكرديّة في سوريا وتركيا، حتى أكثر من اهتمامه بكردستان العراق، وبل حتى بمدينة السليمانية التي يعتبرها معقلاً له؟!. هل يمكن أن نفهم من هذه المتابعة اللصيقة والحيثية التي يبديها “الاتحاد الوطني” بمجريات الاحداث في كردستان تركيا وسوريا، والدعم الاعلامي والسياسي الذي يؤمّنه لـ”العمال الكردستاني” وفرعه السوري، هل يمكن ان نفهم منه، أن عزل أو فصل “الاتحاد” للسلمانيّة عن كردستان العراق، الهدف منه ضمّ هذه المحافظة إلى آمد (دياربكر)؟ أو قامشلو أو كوباني وعفرين، مثلاً، وصولاً لتحرير وتوحيد كردستان؟!. منذ متى بدأت هذه القناعة تتشكّل لدى مدام “هيروخان” والاستاذ ملا بختيار؛ أن طريق تحرير وتوحيد كردستان، وطريق خدمة مواطني السليمانية وهولير وكركوك وسنجار…الخ، يمرّ من آمد وقامشلو وعفرين؟!. أوليس مام جلال الذي كان يصف الشعب الكردي في سوريا على أنهم “جالية”؟!.
الحقّ أنني لم أصدّق حديث أحد الأصدقاء عن مدينة السليمانيّة، بعد تجواله فيها، على أن هذه المحافظة، وبفضل تيّار السيدة هيروخان – ملا بختيار، ضمن “الاتحاد”، أوشكت على أن تصبح “قانتوناً” من كانتونات “العمال الكردستاني”. و”قانتون” ليس خطأ مطبعي، لأن اخوتنا في كردستان تركيا يقلبون الكاف قافاً، بحيث يلفظون كانتون؛ قانتون. ولكن، حين طالعت وتصفّحت الموقع الرسمي لحزب “الاتحاد الوطني الكردستاني” تأكّدت من صحّة كلامه. ذلك أنه إذا كان حال الموقع الرسمي للحزب، يظهر وكأنّه أحد المواقع الالكترونيّة الرديفة لإعلام “العمال الكردستاني” فماذا عن حال مدينة السليمانيّة إذاً؟!. وثم أعدتُ طرح السؤال على نفسي: منذ متى دخلت العلاقة بين “الاتحاد الوطني” و”العمال الكردستاني” شهر العسل؟!. وهل هو شهر عسلٍ زائل؟ أم بحر عسلٍ آبد؟!.
بالعودة إلى تاريخ العلاقة بين “الاتحاد” و”العمال الكردستاني”، سيخلص المرء إلى نتائج لافتة، ربما تكون مدخلاً لفهم حقيقة وخلفيّة “شهر العسل” هذا.
سنة 1983، حاول “العمال الكردستاني” التوسّط بين “الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني” لطي صفحة الصراع والاقتتال بين الطرفين، وأرسل وفداً برئاسة أحد مؤسسي (PKK)، والقيادي البارز وعضو اللجنة المركزية في الحزب، ومسؤول الملف العسكري فيه؛ محمد قره سُنغور (1947-198)، لكنه اغتيل في 2/5/1983 بمنطقة جبال قنديل، حتى قبل ان يلتقي بقيادة “الاتحاد الوطني”. وثمّة شبهات تحوم حول نيشيروان مصطفى بأنه هو من أصدر أوامره بقتل قره سُنغور، ورفيقه إبراهيم بيلكين.
الجريدة الرسميّة لـ”العمال الكردستاني” والناطقة باسمه “سرخوبون” نشرت في صفحتها الأولى من العدد 18، حزيران 1983، خبر اغتيال قره سُنغور، واتهمت “الاتحاد الوطني” بارتكاب ذلك. وفي الصفحة الأخيرة من نفس العدد، نشرت الجريدة حواراً مع زعيم “الحزب الديمقراطي الكردستاني” مسعود بارزاني. بينما نشرت نفس الجريدة، في العدد 19، تموز 1983، نشرت خبر لقاء جرى بين زعيم (PKK) عبدالله أوجلان وقيادات من جبهة “جود: الجبهة الوطنية الديمقراطية” التي كانت تضم (PDK-Î, PKÎ, PSK, PASOK)، وبحسب الخبر فأن اللقاء جرى في 6/7/1983. وفي الصفحة 10 من نفس العدد، تنشر “سرخوبون” نص الاتفاق المبرم بين “العمال الكردستاني” و”الديمقراطي الكردستاني” والذي وقّعه زعيما الحزبين عبدالله اوجلان ومسعود بارزاني في دمشق. وسبق أن نشرت بعض بنود ذلك الاتفاق في مقالتي المنشورة في صحيفة “باسنيوز” وصحيفة “الحياة”.
المقصد من هذه المعلومات، أنه بعد اغتيال “الاتحاد الوطني” محمد قره سُنغور، القيادي في “العمال الكردستاني” تقرّب الأخير من “الديمقراطي الكردستاني” ووقّع على تحالفٍ معه. وبعد مضي 5 سنوات على هذا الاتفاق، أي سنة 1988، أبرم “الاتحاد” بروتوكولاً للتعاون والتنسيق مع “العمال الكردستاني”، وقّعه من الجانبين مام جلال وعبدالله أوجلان في دمشق، ونشرت جريدة “سرخوبون” في صدر صفحتها الأولى من العدد 77، أيار 1988، خبراً عن هذا الاتفاق. ولكن، بعد مضي 4 سنوات على هذا الاتفاق، أيّ سنة 1992، خطب مام جلال في أوّل جلسة لبرلمان إقليم كردستان العراق، موجّهاً انتقادات شديدة لـ”العمال الكردستاني” داعياً إلى رحيل الأخير من كردستان العراق إلى كردستان تركيا. ومطالباً الاحزاب الكردية العراقية الانخراط في أي عمل عسكري يحقق هذا الهدف، حتى ولو كان هذا العمل العسكري بالتعاون مع الجيش التركي. ومعلوم أنه في خريف 1992، اجتاح الجيش التركي كردستان العراق، وتعاون معه الحزبان الكرديان الرئيسان في كردستان العراق. ولكن، سرعان مع أخرج “الاتحاد الوطني” نفسه من هذه الحرب، ووقّع بشكل منفرد اتفاقاً مع “العمال الكردستاني” وأبقى “الديمقراطي الكردستاني” وحيداً إلى جانب الجيش التركي، في مواجهة (PKK).
سنة 1993، وبطلب من الرئيس التركي الراحل تورغوت اوزال، توسّط زعيم “الاتحاد” مام جلال بين تركيا و”العمال الكردستاني” وكادت هذه الوساطة أن تثمر عن حلّ شامل للقضية الكردية في تركيا، لولا موت أوزال المفاجئ، وهجوم “الكردستاني” على جنود أتراك عزّل، عائدين من الإجازة، وقتل 33 جندي رمياً بالرصاص، لتنهار الهدنة بين الطرفين، وتعاود دوامة العنف والدماء دورانها. وفي 26/8/1995، وبدعم من “الاتحاد الوطني”، شنّ “العمال الكردستاني” هجوماً على “الديمقراطي الكردستاني”، حين كان الاقتتال محتدماً بين الأخير و”الاتحاد”. وقتذاك، أصدر الجناح العسكري لـ”PKK”؛ (الجيش الشعبي لتحرير كردستان -ARGK”، ونشرت جريدة “سرخوبون” نص هذا البيان في الصفحة 15 من العدد 164، آب 1995، وصف “العمال الكردستاني” في بيانهِ هجومهُ على “الديمقراطي الكردستاني” على انه “قفزة 15 آب ثانية في جنوب كردستان”. وغنيٌّ عن البيان أن “العمال الكردستاني” بدأ الكفاح المسلّح ضدّ تركيا في 15 آب 1984، ويصف هذا اليوم في أدبياته، على أنه “قفزة 15 آب”. ما يعني أن “العمال الكردستاني” يساوي هجومه المدعوم من “الاتحاد” على “الديمقراطي الكردستاني” بهجومه على الدولة التركيّة!. بيد أن ذلك الهجوم أيضاً باء بالفشل الذريع.
سنة 2000، وبعد ان أذعنت قيادة “العمال الكردستاني” لأوامر زعيمها المسجون اوجلان، لجهة الانسحاب العسكري من كردستان تركيا، وتبنّي الحزب طروحات أوجلان ومشروعه للحلّ، وإرسال مجموعات سلام من المقاتلين إلى تركيا…الخ، ازداد عدد مقاتلي (PKK) في كردستان العراق. وبدأت تظهر بوادر تململ وامتعاض ورفض احياناً بين كوادر الحزب للتغير الحاصل في استراتجية وشعارات واهداف الحزب، بعد اعتقال اوجلان. وكان الحزب بحاجة إلى افتعال حرب، تلهي المقاتلين عن الخوض في نقاشات تنتقد أفكار وطروحات اوجلان. فشنّ “العمال الكردستاني” هجوماً على مناطق نفوذ “الاتحاد الوطني” وسقط ما يزيد عن 500 مقاتل من جانب “العمال الكردستاني” وضعفهم من “الاتحاد” في تلك المعارك العبثيّة. بمعنى آخر، حين بدأ “العمال الكردستاني” مرحلة هدنة وسلام مع تركيا، افتعل حرباً مع “الاتحاد الوطني” راح ضحيتها المئات من الجانبين!.
سنة 2004، ومع ظهور بوادر الشقاق ضمن “العمال الكردستاني”، دعم “الاتحاد” هذا الانشقاق على كافة الاصعدة، ماليّاً وأمنيّاً وإعلاميّاً. ولجأت مجموعة عثمان أوجلان إلى السليمانيّة. كذلك مجموعة “الوفاق” بزعامة الراحل كمال شاهين.
للحديث بقيّة.
===========
المصدر: موقع قناة كردستان 24