أردوغان إلى أمريكا.. وترامب إلى السعودية.. زيارتان مختلفتان في الهدف والمآل.

أحمد قاسم
رجب طيب أردوغان الرئيس التركي سيتوجه في الأسبوع القادم إلى الولايات المتحدة بعد ترتيبات مُحْكَمة للزيارة قام بها وفد أمني وعسكري تركي سبق زيارة أردوغان لمناقشة الخلافات على المستوى العسكري والأمني مع مسؤولي الولايات المتحدة تمهيداً لوصول أردوغان إلى واشنطن للقاء دونالد ترامب حاملاً معه ملفاً قد يكون الأهم لدى الحكومة التركية والتي تختصر بالعلاقة الأمريكية على المستوى الإستراتيجي مع وحدات الحماية الشعبية العائدة إلى حزب الإتحاد الديمقراطي ( الجناح السوري ) لحزب العمال الكوردستاني والذي في حالة حرب مع الجيش التركي منذ ما يقارب 35 سنة, والذي يحمل مشروعاً قومياً كوردياً يسعى إلى تحقيقه بكل الوسائل, مستفيداً من التناقضات الإقليمية والدولية مع إستمرار الأزمات الساخنة في المنطقة وتوظيفها خدمة لإستمرارية ” ثورته ” التي إنطلق بها مؤسس الحزب عبدالله أوجلان المعتقل لدى تركيا منذ عام 1999. 
يحمل أردوغان معه ملفاً مكثفاً, يحتوي العديد من المسائل المهمة بالنسبة لتركيا, العلاقة مع ” وحدات الحماية ” على رأس جدول لقائه مع ترامب, تتبعها المطالبة بتسليم ” عبدالله كولن ” المتهم بمدبر عملية الإنقلاب العسكري في تموز من العام الفائت, وكذلك دور تركيا في ” تحرير رقة “, ورؤيته ” لمستقبل سوريا..”  من خلال حل هذه الملفات يرى رجب طيب أردوغان يكون قد تم إزالة الخلافات بين الطرفين الحليفين التاريخيين ووضع العلاقات على مسارها للحفاظ على تلك العلاقة وتحديد دور تركيا ومشاركتها في رسم مستقبل المنطقة في ظل الأزمات الساخنة التي تهدد المنطقة برمتها, وقد لاتنفذ تركيا من شظاياها. 
مرفقة مع زيارته البدائل من العلاقات التي قد تغير شكل المحاور والإصطفافات في المنطقة, كون تركيا تحتل موقعاً إستراتيجياً, إضافة إلى دورها التاريخي في المحافظة على المنظومة الدولية, مما قد لاتساوم أمريكا على أهمية تركيا في بقائها كحليف إستراتيجي, وبالتالي, أعتقد أن الطرفين سيتوصلان إلى الإتفاق على المشتركات التي تشكل أهمية كبيرة لدى الطرفين أهم من الخلافات الآنية, وخاصة أن المحور الآخر لا يعوض تركيا ما ستخسره مع إنفكاكها عن المحور الأمريكي. وخاصة أن أمريكا حسمت أمرها مع وحدات الحماية الشعبية في تقديم الدعم لها لتحرير رقة قبل زيارة أردوغان, وهذا يعني أن الوفد العسكري والأمني التركي لم يتوصل مع الطرف الأمريكي إلى ما كان يهدف إليه في زيارته لواشنطن ( وهي الكف عن دعم الوحدات الكوردية والقبول بالبديل المطروح من قبل تركيا لتحرير رقة ).
 أعتقد أن زيارة أردوغان ستنتج المستجدات في المواقف والمتغيرات في الأولويات التي من الضرورة بمكان أن تتفق تركيا مع أمريكا. أما زيارة دونالد ترامب إلى السعودية كأول زيارة له بعد توليه رئاسة الإدارة في أمريكا تشكل أهمية بالغة, وخاصة سيلتقي مع العديد من الرؤساء من خلال تواجده في الرياض. وهذا بحد ذاته يحمل إشارة واضحة على أن زيارته تحمل في طياتها ملفاً مهماً, وعلى رأسها ملف محاربة الإرهاب والحد من التمدد الإيراني في المنطقة بالإضافة إلى تأمين تدفق الطاقة مع ضمان الإستقرار والأمن المتلازمان في العلاقات بين أمريكا ومنطقة الخليج. وستكون ملف الأزمة في سوريا الشغل الشاغل على جدول العمل, وكذلك أمن إسرائيل الذي ترى فيه الجانب الأمريكي من الضرورات الإستراتيجية لأمن القومي الأمريكي في المنطقة.
 أعتقد أن زيارة ترامب إلى السعودية ستنتج مقدمات حقيقية لمعالجة الأزمات في المنطقة, وتحديد تصورات واقعية لوضع خارطة الطريق للولايات المتحدة في تعاملها مع الأزمات من جهة الحل وليس الإدارة وإستمرارية الأزمات, كون المنطقة برمتها أصبحت مستهدفة, وأن من توسيع مساحة الأزمات قد تنهار المنظومة الدولية في المنطقة, وقد تطول عشرات السنوات وسط لهيب من النار, وبالتالي ستنتج مزيداً من القتل والتدمير, ومزيداً من التهجير بالملايين, وكذلك المزيد من تهديدات التنظيمات الإرهابية على المستوى العالمي.. مما تضفي إلى وقف إنتاج الطاقة وإيصالها إلى الدول الصناعية, والتي ستضرب بالعمق الرأسمال العالمي وإنهياره.
إذاً, المنطقة وكأنها في مفترق الطرق, إما الإنهيار الكامل, وبالتالي ستنهار معها المنظومة الدولية, أو معالجة مناطق الأزمات تحت الوصاية الدولية إن استحال الأمر بمعالجتها من خلال المصالحات بين المعارضات والأنظمة مع دفع الأنظمة الحاكمة نحو إجراء تغييرات على المستوى السياسي والإجتماعي والإقتصادي والصحي بنفس ديمقراطي يعزز الحريات والكرامات لدى الناس.
11/5/2017

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…