التّواجُد الأمريكي في كوردستان سوريا

عمر كوجري
سوريا.. الدولة والكيان والاعتزاز الوطني انتهت فعلياً، وصارت بلداً مستباحة الأرض والسماء، يهدرُ كرامتها جميعُ الأطراف، النظامُ ومعارضوه، وأضحت مكاناً لتفريخِ كيانات القتل والإجرام، والتّصفيات المحلية والإقليمية والدولية. 
وأظهرت القيامة السورية مدى هشاشة النسيج” الوطني” الذي لطالما نادى به الجميع، في ترديد ببغاوي لبطش المؤسسة السياسية” البعث” التي أدارت سوريا ومازالت بقوة العسكر، حيث كانت تطالب الجميع بتواشج “اللحمة” الوطنية. 
ولأنّ النظامَ المسؤولُ الأولُ عن رخاوة خاصرة الوطن، وبيعه للميليشيات الطائفية، والتسلط الدولي” طهران- موسكو” في العلن، وعشرات الذمم في الخفاء، والحالة هذه، لم تبق دولة إلا ولحست بإصبعها على “عسل” الدم السوري.
الولايات المتحدة أعلنت ومنذ العهد الأسود لأوباما أنها بصدد ضرب داعش في سوريا، مرجئة تغيير النظام، ولا صلاحيته وأيامه المعدودة للمزاد الإعلامي” الرخيص” وبدأت بنشر القطعات العسكرية ضمن نطاقٍ محدودٍ في كوردستان سوريا، وأعادت ترميم بعض المطارات الزراعية الصغيرة في كوباني والرميلان، وأسست قاعدة عسكرية للدعم اللوجستي هدفُها مشاركةُ قوات التحالف الدولي في معارك منبج شمال شرق حلب، كما أن هذه القوات بدأت باستخدام مطار “رميلان” قاعدةً جويةً للطائرات المشاركة في المعارك ضد تنظيم داعش في سوريا.
لقد تبيّن أن الوجودَ العسكريَّ الأمريكيَّ باعتباره مُتواجداً في المنطقة الكردية ليس بذي أهمية كبيرة إن اُعتُبِرَ هذا الوجودُ حمايةً للكرد، فقد حدثت اختراقات عديدة لقوات النظام وحتى من جانب النظام التركي دون أي اعتبار للتواجد الامريكي.  هذا ما يعني أن لا اتفاقات رسمية بين هذه القوة والقوات التابعة للإدارة الذاتية التي وضعت العداء للديمقراطي الكوردستاني والرئيس مسعود بارزاني نصب أولى اهتماماتها، وهذا ما اشتمّ منه باللغة الأقرب” للقذارة” في بيان الإدانة لجنوبي كوردستان أكثر مما كان إدانة لقصف الطيران التركي قبل أيام في جبل قره جوخ غربي كوردستان، وجبل شنكال جنوبي كوردستان. 
قبل أيام لاحظ المواطنون في المدن والبلدات الكردية في منطقة الجزيرة وقبلها في عفرين التواجد العسكري الأمريكي على مستوى المدرّعات والعربات المصفحة، فابتهل الناس خيراً، واستقبلت هذه العربات استقبال” البطولة الخارقة” 
وأصدرتِ المؤسسةُ العسكريةُ الأمريكيةُ بيانا مقتضباً على أن الوجود الامريكي “الواضح” في المنطقة لفضّ النزاع  بين القوات التركية والكردية!!
التواجُد الأمريكي الأخير إن مَهّد الطريقَ لمصالحات سياسية في كوردستان سوريا، وبرعاية الرئيس بارزاني، وفتحت المجال لدخول بيشمركة روج للدفاع عن أرضهم سيغدو ذا أهمية، وإلا سيكون المنسوب الدعائي للحديد الأمريكي هو الأبلغ. 
صحيفة كوردستان – العدد 559 – زاوية ” العدسة ” 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…