دهام حسن
استئناسا بعدة معاجم للتعريف بـــ(الحزب) فجاء من أن الحزب بمثابة تنظيم سياسي طوعي يضمّ الفئات الأكثر نشاطا وفعالية وتنظيما، يرتبط وجودها بانقسام المجتمع إلى طبقات غير متماسكة، ومكونات فئوية تتعارض مصالحها، ومن هنا تأتي الأحزاب كأدوات نضالية تستخدمها هذه المكونات في سبيل مصالحها الطبقية، والأحزاب بالتالي تنظيم اجتماعي طوعي تهدف لبلوغ أهداف سياسية محددة عبر تبوّئها مركزا قياديا في المجتمع، والأحزاب تتنوع وتتوزع بين الحالة الثورية وأخرى إصلاحية، والحزب كما أسلفنا تنظيم طوعي، هو بمثابة تحالف بين أناس تجمعهم أفكار واحدة أو متقاربة، والأحزاب تقتضي بالتالي وجود أناس جديرين بالمهام النضالية الموكلة إليهم، والكادر الضعيف الذي يشغل موقعا رفيعا يضرّ بالحزب والعملية النضالية، وعن هذا يقول ديمتروف في المؤتمر السابع للأممية الشيوعية عام 1935 يقول :(إن أفضل قراراتنا ستبقى حبرا على ورق إذا لم يتوفر لها أناس جديرون بتطبيقها في واقع الحياة) ولهذا يجب عند اختيار الكادر أو ترقيته ألا تأتي الاختيار أو الترقية عفويا أو لاعتبارات حزبية ضيقة كما يرى أحدهم..
لابد من إيلاء أهمية كافية للتنظيم، فلا وجود لحزب دون تنظيم حيث يرى إنجلس أن (لاحزب سياسي دون تنظيم) فلا بد أيضا من (أصول تنظيمية، ونظام داخلي للحزب يخضع غليه الجميع دو استثناء) أما الذين يأتون بعدة أسماء، عناصر بعيدة عن التنظيم وجهل تام بالسياسة من حيث النهج والثقافة كما في الحالة القومية الكوردية للأسف، فتية أمّعة دون ماض سياسي، وجهل تام بالسياسة وبطبيعة الحالة الحزبية، ثمّ يدخلون في بوتقة التنظيم، هؤلاء اهل المصلحة و(الكيف) جاؤوا يستجدون، ما يتصدق عليهم المسؤول النافذ، دون أن يعلموا أو يختبروا من أن الحزب يستدعي وعيا وعملا نضاليا، كان لينين ينادي الحزبيين بقوله :(تعالوا إلى الحزب نحن لا نعدكم بمنافع من هذا الأمر، نحن ندعوكم إلى القيام بعمل صعب)..
إن أحزابنا القومية الكوردية فعلا بحاجة إلى قيادة إلى كوادر متمرسة، ولكن دون تأليه للقادة إذا ما وجد بيننا من يرى نفسه فوق الحزب، أو هو الحزب كلّه، وبالتالي لا وجود للكوادر بحضوره، يجمع في نفسه السمة المذمومة (عبادة الفرد) وهذه السمة تأتي في حالتين، إما الخوف أو المحبة، وبالتالي ضعف العضو الذي يظهر بمحبته وولائه روح الانتهازية والوصولية، وفي أحزابنا القومية الكردية لم يبلغ منهم من الأحياء هذا الموقع الذي يمكن الإشادة بتاريخه المتواضع من جانب والملتبس من جانب آخر.. وقد أنكر لينين هذه السمة عقب محاولة اغتياله بقوله (إني ألاحظ مع عدم ارتياحي الشديد، إن شخصيتي بدأت تغدو محلّ تبجيل وتعظيم، عن هذه الظاهرة مؤسفة ومضرة…) وكان ماركس وإنجلز من قبل ضد هذه الظاهرة وكان يعنفان من يكيل لهما الثناء..
من جانب آخر أقول فالحزب الجاد لا يخشى إذا ما اعترف بأخطائه لكي يقوم الحزب ذاته بإصلاحها وبالتالي تجاوزها، وكان إنجلز يرى من أن نقد الأخطاء عند الأحزاب الجادة يؤهل الأعضاء ليعمل بالتالي بشكل أفضل..
إن الكلام الذي يدور حول بعض هؤلاء من مثالب، علينا أن ندرك من أن أي حزب مهما أوتي من عدد (لا تتوصل إلى السيطرة إذا لم تقدم زعماء سياسيين ممثلين طليعيين قادرين على تنظيم وقيادتها) بتعبير لينين ..
مما يؤسف له أن نقول قد خرجت إلينا الأحزاب كالفطر دون منهج يقتدى به، ولا نهج نضالي، فبعضهم وما أكثر هذا البعض رائدهم البر والإحسان وبالتالي أقول لهم فحوى الآية الكريمة (فبأيّ آلاء ربكما تكذبان).. للحديث صلة..!