منطقة حظر الطيران بوابة الفدرالية بمباركة دولية و دائرة أخرى من الصراع بين الكرد و تركيا

جهاد كورو
دون شك أن جملة القرارات التي إتخذها الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب قد فاجأت الجميع 
أما على مستوى الأزمة السورية كان للرئيس الجديد قراران أو مشروعا قرار أدخل الجميع في الصدمة و هما بطبيعة الحال مشروعات غير مكتملان حتى الآن
المشروع الأول كان طلب ترامب من البنتاغون وضع خطط جديدة لإنهاء تنظيم داعش و إخراجه من معقله في الرقة في فترة أشهر فقط و هي فترة زمنية قياسية مقارنة بخطط الرئيس أوباما و الذي كان مستشاروه يؤكدون أن الحرب على داعش ستستمر لسنوات هي على الأقل ثلاث سنوات
المشروع الثاني هو المنطقة الآمنة أو منطقة حظر الطيران التي أوعز ترامب إلى عسكرييه لإنشاء خطة لفرض و إنشاء تلك المنطقة و هذا الأمر هو سابقة في الأزمة السورية لأن هذا المشروع هو طرح تركي و تنادي به تركيا منذ ثلاث سنوات لكنها لم تجد مستجيباً في واشنطن و حتى الجانب الروسي الذي كان يعارض هكذا مشروع جملة و تفصيلاً لم يعلن رفضه للمشروع كعادته بل إكتفى بالقول : أن المشروع الأمريكي مايزال قيد الدراسة و هو غير مكتمل الملامح بعد
ما الذي تسعى إليه الإدارة الأمريكية من خلال هذا الطرح !
إن كان هدفها هو جعلها مركز إيواء للهاربين من مناطق النزاع فهذا أمر غير ممكن و هو ما صرح به اليوم رئيس مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة فيليب غراند حيث قال : إن تركيبة و طبيعة الصراع في سوريا و تعدد قوى النفوذ سيجعل تلك المنطقة غير آمنة على الإطلاق .
• لو كان الهدف من المشروع هو بالفعل إيجاد مناطق آمنة لإحتواء اللاجئين فيوجد بالفعل في شمال سوريا مناطق آمنة منها المنطقة التي تتحكم بها تركيا من جرابلس حتى إعزاز و جنوبا حتى مدينة الباب و هي مناطق شاسعة فيها مئات القرى قادرة على إحتواء مئات آلاف النازحين فلماذا لا يتم إيواء النازحين فيها و هي منطقة مؤمنة من قبل تركيا
و أيضاً هناك مناطق كردستان سوريا و التي أيضاً تعتبر بمثابة مناطق آمنة بحكم الأمر الواقع و قادرة على استيعاب ملايين النازحين فلماذا لا يتم التفاوض مع الجانب الكردي بخصوص هذا الأمر !
• مشروع المناطق الآمنة إن هو تم فهو ليس سوى إعطاء صبغة قانونية شرعية دولية لحالة التقسيم الإداري المناطقي الموجودة حالياً باعتبارها أمر واقع 
و لنا في التجربة العراقية خير مثال 
عندما تم فرض منطقة حظر للطيران في شمال العراق/ كردستان العراق في عام 1991 أدى ذلك إلى نشوء منطقة الحكم الذاتي الكردي هناك بشكل تلقائي ، لكن الأمر هناك كان اسهل كونه يوجد طرفان متصارعان فقط و هما الجيش العراقي السابق و قوات البيشمركة 
لكن في سوريا الأمر أكثر تعقيداً بسبب كثرة و إختلاف القوات التي تحكم سيطرتها على الأرض و إختلاف أهدافها و توجهاتها و إختلاف ولاءاتها الخارجية أيضاً / النظام و حزب الله و داعش و التيارات الإسلامية مثل هيئة تحرير الشام و أحرار الشام و درع الفرت و فصائل سورية معارضة و أخيراً القوات الكردية متمثلة بوحدات حماية الشعب و مظلتها الأشمل قوات سوريا الديمقراطية / و هذه النقاط كان قد أكد عليها المسؤول الأممي في حديثه من بيروت اليوم
لكن إذا تم إتخاذ قرار من قبل الإدارة الأمريكية بضرورة إنشاء مناطق آمنة في سوريا و خاصة في شمالها فسوف نشهد فصولا جديدة من الصراع بين الدولة التركية و حزب الإتحاد الديمقراطي ، حيث ستسعى الإدارة التركية إلى جعل المنطقة تحت إدارة دولية و يكون لتركيا نصيب الأسد منها و ستسعى تركيا إلى إصباغ تلك المنطقة الغير معروفة التفاصيل بعد بطابع إنساني أممي بعيد كل البعد عن التأثيرات السياسية و بعيدة عن التمثيل الكردي
أما حزب الإتحاد الديمقراطي فسيحاول خلق مظلة سياسية لتلك المنطقة و جعل نفسها صاحبة الركيزة و صاحبة الكلمة الأولى فيها و في هذا تشبيه بمنطقة حظر الطيران التي تم إقامتها فوق كردستان العراق بعام 1991 كما قلنا سابقاً 
حيث سيكون وجود الحزب القوي في تلك المنطقة بمثابة مكسب سياسي داخلي يفرض نفسه كأمر واقع و من جهة أخرى سيكون بوابة العلاقات السياسية الخارجية بين الحزب و المجتمع الدولي و كما أن شمولية مناطق الحزب / كردستان سوريا / في تلك المنطقة يعني بالضرورة أن الحزب و المنطقة بكل عام أصبحت بمأمن من خطر بشار الأسد حيث يتفق الجميع أن الأسد لن يرضى بأي شكل من الأشكال قيام أي سيادة كردية مهما كان طابعها و توجهها على الأرض و أنه سيبدأ بتطويق تلك الإدارة شيئاً فشيئاً بغية إنهائها أو على الأقل إرضاخها إلى شروطه المتمثلة بالحقوق الثقافية و حق اللغة فقط ، لكن المظلة الدولية إن تم إنشاؤها سيكون رادعاً لمحاولات بشار الأسد تلك 
لكن بطبيعة الحال فإن كل هذه الإستفسارات و التكهنات ستجد طريقها إلى التفسير بعد أسابيع من الآن عندما تكون خطة ترامب في هذا الصدد جاهزة و خاصة أنها ستكون بالضرورة بالتوافق مع موسكو لإنجاح المشروع لأن موسكو هي صاحبة القرار السياسي و العسكري و الميداني في سوريا اليوم .
جهاد كورو: الناطق بإسم جمعية الحياة ” جين “

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…