صراعٌ على السلطة … أم اختلافٌ في الرؤى والبرامج

  بير رستم*

شاهدنا في الفترة الأخيرة العديد من المقالات التي تناولت مسألة (عودة الرفاق وانسحابهم) من (البارتي) وذلك بين مؤيدٍ، وهم الأغلبية، ومشككٍ في مسألة التوقيت والآلية؛ أي أنه كان هناك – وما زال – اهتمام إعلامي وجماهيري بصدد هذه المسألة؛ مسألة عودة الرفاق (القدامى) والذين كانوا قد تركوا صفوف الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) نتيجة الانشقاقات التي تعرض لها الحزب أو بأشكال فردية عائدة لأسبابهم الخاصة ولحالة اليأس والقنوط من الواقع الحزبي والسياسي الكوردي عموماً وتحديداً من واقع (البارتي) في مراحل سابقة.

وإننا هنا نستطيع القول بأن هذا الاهتمام الإعلامي والجماهيري إنما يدل على حضور وحيوية (البارتي) الجديدة في المرحلة الراهنة وبالتالي يمكن اعتبارها (انطلاقة جديدة) له؛ أي للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) وهو يعود إلى سابق عهده من ناحية المد والزخم الجماهيري وقيادته له وللمرحلة الراهنة من نضال الشعب الكوردي في هذا الإقليم وذلك من خلال برنامج سياسي ينسجم مع روح العصر ومتطلبات المرحلة من جهة ومن الجهة الأخرى مع واقع الشعب الكوردي على أنه يشكل ثاني قومية في البلاد وبأن القضية الكوردية في سوريا هي قضية أرض وشعب محروم من حقوقه الدستورية الأساسية.
ويمكن القول أيضاً بأن البرنامج السياسي (للبارتي) اتسم بالواقعية السياسية عموماً وإن أصابه الصدأ والتآكل في جوانب منه بفعل الزمن والتقادم وافتقاره إلى الكادر السياسي الثقافي التخصصي للعمل عليه بحثاً ودراسةً بحيث يرتقي به إلى مستوى الخطاب السياسي الراهن وكذلك لحالة الخوف ومناخ الرعب الذي كونته هذه السنين الطويلة من هيمنة الأجهزة الأمنية على كل مفاصل الحياة في البلد؛ السياسية منها وغيرها من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، مما أنتج مجتمعاً ركودياً اتكالياً ومهمشاً حيث العطالة الفكرية والتنظيمية في كل مناحي الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية وحتى الاقتصادية منها وحيث الفساد هو سيد الموقف والأحكام.

وهكذا دخل المجتمع السوري برمته في حالة من العطالة الفكرية والسياسية، كما قلنا قبل قليل، وبالتالي همش المجتمع ودوره وفاعليته وتم استبعاده عن الحياة السياسية العامة وهكذا تعطلت مؤسساته الحزبية والسياسية والمدنية عن القيام بأي دور حقيقي في ظل تطبيق النظام لقوانين الطوارئ وحالة الأحكام العرفية وكان من بين تلك القوى والأحزاب التي دخلت في حالة السبات الفكري والسياسي وكذلك التنظيمي هو الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)، إلى أن كان الحراك الأخير للمجتمع السوري برمته وتحديداً فعالياتها الثقافية والحقوقية وأخيراً قواها السياسية ومن بينها تحرك (البارتي) والمؤتمر الأخير له؛ المؤتمر العاشر والذي عقد بين 17-1952007 حيث يمكن اعتباره المؤتمر الذي وضع (البارتي) على عتبة جديدة من النضال السياسي والجماهيري وأن يرتقي بخطابه وبرنامجه السياسي إلى مستوى المرحلة ومتطلباتها وما ينسجم مع الواقع السياسي للشعب الكوردي في سوريا.
وهكذا ونتيجةً لهذا التحول النوعي الذي طرأ على حالة الحزب؛ أي لواقع وحال (البارتي) وذلك من ناحية طرحه لبرنامج سياسي يتسم بالواقعية السياسية والشفافية وكذلك بالجرأة في طرحه لمسائل وقضايا سياسية كوردية وكوردستانية وأيضاً وطنية سورية كانت تعتبر من المحظورات السياسية وبالتالي جذبه لكتل سياسية من بين الجماهير الكوردية أو من أحزاب الحركة الوطنية الكوردية في سوريا – وقد رأينا العديد من أولئك الأخوة والرفاق وهم يعودون إلى صفوف الحزب – وكذلك التفاف نخبة ثقافية لا بأس بها حول جسد التنظيم السياسي وبالتالي المساهمة الفعالة في بلورة خطاب سياسي فاعل ومؤثر في الشارع الكوردي، إضافةً إلى الجانب الكوردستاني والعلاقة القوية والراسخة مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني العراقي والأخ مسعود بارزاني؛ رئيس إقليم كوردستان (العراق) وغيرها من العوامل: مثل قضية العولمة والمناخ الديمقراطي الجديد في العالم والتخلص من سياسية تقسيم المصالح والنفوذ بين قطبي العالم السابقين في ظل مناخ وأجواء الحرب الباردة وإلى ما هنالك من الأسباب والدوافع التي ساهمت وما زالت تساهم – إلى هذه الدرجة أو تلك – في انبعاث وانطلاقة (البارتي) الجديدة.
في هذا المناخ ونتيجةً للحالة التي أصبحت عليها (البارتي) رأت العديد من الكتل والجناحات وكذلك الأفراد بأن من مصلحتهم وكذلك المصلحة الكوردية وتطوير وتفعيل القضية الكوردية برمتها يتطلب العمل من خلال هذا الفصيل والطرف السياسي الكوردي في سوريا؛ أي العمل ضمن صفوف الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) وهكذا فقد توجهت تلك الكتل والأجنحة والأفراد بطلبات العودة والانتساب إلى صفوف (البارتي) والانضمام إليه وقد تعامل الحزب والرفاق عموماً بمرونة ودراية سياسية تتسم بالواقعية والبراغماتيكية مع تلك المسائل والكتل وقد كنا على إطلاع مباشر في عدد من تلك القضايا المتعلقة بعودة الرفاق إلى صفوف الحزب ورأينا حرص الأخوة والرفاق في القيادة على إنجاز ما يمكن إنجازه، بل تفوقوا على أنفسهم في الكثير منها، وهذه ليست بشهادة حسن سلوك لهم، بل إن واقع (البارتي) الحالي يشهد للرفاق قيادةً وقواعد حجم الإنجازات التي تحققت للحزب خلال فترة أقل من سنة.

ومن بين تلك الكتل والأجنحة التي طلبت العودة والانضمام إلى صفوف الحزب كان الرفاق والأخوة الذين عرفوا (بجناح الأستاذ عبد الرحمن آلوجي)؛ فقد رأينا وقبل المؤتمر وتحديداً بتاريخ 2842007 ببيان على مواقع الأنترنت تعلن عن (عودة الرفاق إلى صفوف الحزب) وبالطبع المسألة سبقتها اتصالات عدة، بل عودة العديد من الرفاق الذين كانوا مع الأستاذ عبد الرحمن حتى قبل إقراره هو بالعودة وإصداره لذاك البيان والذي أعلن من خلاله مسألة عودته (للبارتي)، وللعلم فقد بقي أولئك الأخوة والرفاق الذين انضموا إلى (البارتي) قبل صدور ذاك البيان في أماكنهم ولم ينسحبوا مع الأستاذ عبد الرحمن آلوجي وكتلته.
ولكن – وللأسف – لم يجف حبر البيان؛ (بيان العودة) وكذلك لم يفق الرفاق والأخوة من نشوة المؤتمر والإنجازات التي تحققت على الصعيد الفكري والسياسي والتي يمكن اعتبارها بحق بالمرحلة النضالية الجماهيرية الثالثة (للبارتي) بعد مرحلتي التأسيس في عام 1957 والتوحيد بعام 1970 فإن المؤتمر العاشر للحزب وعام 2007 يمكن اعتبارهما وتسميتهما بمرحلة القيادة؛ أي قيادة (البارتي) للمرحلة النضالية الحالية لشعبنا الكوردي في هذا الإقليم الكوردستاني وبالتالي العمل ضمن الأجندة السياسية التي تبنته في مؤتمرها وليكون الطرف السياسي الذي تُجمع عليه كل الأطراف والقوى والأحزاب الكوردية في هذا الإقليم بأنه المؤهل لقيادة المرحلة وبالتالي تجميع كل تلك القوى والأطراف ضمن إطار سياسي؛ (مرجعية كوردية، مؤتمر كوردي، جبهة أو تحالف سياسي كوردي..) ليقود شعبنا إلى تحقيق حقوقه القومية المشروعة من سياسية وثقافية واجتماعية وكذلك الاقتصادية في هذا الإقليم الكوردستاني.


نعم..

حيث ضمن هذه الظروف والمعطيات الجديدة كان بياني (العودة والانسحاب) لرفاق الأستاذ آلوجي، وبقراءة كل من البيانين السابقين بالإضافة إلى مجموعة التصريحات والتوضيحات التي رافقتها أو جاءت بعدها ومنها مقال الأخ محمد سعيد آلوجي والذي يعنونه بالتساؤل التالي “أين بات يكمن خط الدفاع عن البارتي” ويوجهه إلينا بشكلٍ مباشر، كوننا كنا قد وعدناه بأن يصل صوته إلى الأخوة والرفاق في المحافل الرسمية للحزب من كونفرانسات ومؤتمرات حزبية؛ وهكذا فيكتب إلينا بصدد ذلك ما يلي: (كان الأستاذ بير رستم قد طلب مني بعبارات صريحة أن أوقف إصدار الحلقات المكملة ل “دفاعاً عن (البارتي)” وكان قد قال “وما نأمله أن يكون دائماً ” أي أن أتوقف عن نشر تلك الحلقات المكملة بشكل نهائي” وليس فقط في ذلك الوقت” معللاً دعوته بجملة من الاعتبارات نتناول أولها والتي كانت قد صيغت كالتالي ” أولاً: إن الخلاف هو بين كادرين وليس مع نهج وسياسة (البارتي) وبالتالي يمكن بحث الموضوع من خلال الإجتماعات الموسعة للحزب من كونفرانسات وغيرها لحل الخلاف.

وإذا كان هناك عائقاً من حضور الأخ محمد سعيد آلوجي – قبل تقديم الإستقالة – وحالياً كونه خارج التنظيم، فيمكن أن يرسل بما لديه لمن يجده أهلاً لذلك ونعاهده بأن صوته سيكون مسموعاً في تلك المحافل الحزبية على الرغم من غيابه كحضور شخصي”).
لن نطيل في المسألة بحيث نقف عند كل النقاط التي طرحها كل من الأخوين عبد الرحمن ومحمد سعيد آلوجي، بل لم يكن في ودنا أن نقف عند هذه المسألة مجدداً لولا طلب الأخ محمد سعيد وبشكلٍ مباشر منا أن نجيب على تساؤله السابق؛ حيث باتت المسألة – برأينا – نوع من الخلافات الشخصية على الكرسي والزعامة أكثر مما تكون حول القضايا والمسائل الفكرية والسياسية وذلك على الرغم من بعض التصريحات الأخيرة لبعض الأخوة المنسحبون – والذين نكن لهم احتراماً ومحبة خاصتين – والتي تتهم فيها (البارتي) ونهجه بأنه “لم يبقى منه سوى الاسم” فنقول لهم وللآخرين بأن هذا إجحاف بحق (البارتي) والمؤتمر العاشر للحزب ولأولئك الرفاق وجهدهم في وضع برنامج سياسي مقبول ولا نقول هو المطلوب والمأمول تماماً.

ويمكن التأكيد من هذه النقطة؛ بأن الخلاف والصراع حول السلطة وليس البرنامج السياسي للحزب وذلك بالعودة إلى الأجواء والمناخات التي سبقت عملية (العودة) وكذلك ما جرى في المؤتمر ومن ثم ما تم طرحه من نقاط خلافية في بيان (الانسحاب)؛ حيث تخلو كل تلك البيانات والتصريحات والمقالات من مسائل سياسية خلافية بينهم وبين الحزب وكل ما في الأمر هو الخلاف على زعامة هذه المنطقة؛ حيث أن منظمة ألمانيا (للبارتي) لم تبقى تحت وصاية الأخ محمد سعيد، وفي الداخل (كتلة) الأستاذ عبد الرحمن لم تفز بأكثر من مقعد في اللجنة المركزية، فلو فازت تلك (الكتلة) بأكثر من مقعدين لما رأينا ما رأينا من بيانات (الانسحاب) مع العلم إن أكثرية الأخوة الذين كانوا لفترة مع الأستاذ عبد الرحمن آلوجي انضموا إلى الحزب حتى قبل أن يعلن الأستاذ عبد الرحمن بيان (العودة) وهؤلاء الأخوة والرفاق بقوا ضمن صفوف البارتي على الرغم من بيان (الانسحاب) وبالتالي خرجت (جماعة) الأستاذ آلوجي فقط، كما قلنا في فقرة سابقة.


النقطة الثانية والتي تؤكد على أن ليس هناك من قضايا فكرية سياسية خلافية مع الحزب لدى الأخوين آلوجي هو استمرارهم مع العملية السياسية إلى آخر لحظة وذلك قبل وخلال المؤتمر والدليل على ذلك؛ ترشح الأستاذ عبد الرحمن إلى عضوية اللجنة المركزية للحزب وفوزه به؛ وهكذا نستنتج بأن الأستاذ عبد الرحمن لم يعترض على النهج والبرنامج السياسي على الرغم من بعض التحفظات لكل منا على بعض القضايا والمسائل السياسية حيث كما له بعض الملاحظات على التقرير السياسي العام والمنهاج السياسي لنا أيضاً ملاحظات وربما تفوق ملاحظاته وهو يعلم ذلك.

نعم اعترضنا على بعض النقاط ولكن وأخيراً تم الاتفاق على الصيغة الأخيرة لمنهاج الحزب وهو برأي خطوة جد متقدمة بالنسبة للبرنامج السياسي السابق للبارتي، وإذا كان الأستاذ عبد الرحمن يعترض على ادعاءنا هذا فإننا نسأله سؤالاً واحداً فقط؛ لما ترشح لعضوية اللجنة المركزية للحزب وهو على خلاف سياسي مع البارتي ونهجه، بل لما لم يقم بعملية الانسحاب خلال المؤتمر كما فعلها مع الأستاذ نصر الدين وبالتالي كان أثبت لنا جميعاً بأن للرجل مواقف سياسية تجبن عنها القيادة الحالية للبارتي، أما أن تترشح لعضوية اللجنة المركزية فهذا يعني شيئاً واحداً فقط؛ إنك تتفق مع هذا البرنامج ولو في حده الأدنى وبالتالي فإن انسحابك الأخير ليس إلا لخلافٍ على عدد المقاعد في اللجنة المركزية وهكذا فإنك تخرق قاعدة اللعبة السياسية ومسألة الانتخابات والأكثرية والأقلية.
وتأكيداً على أن المسألة برمتها لا تتعدى الجانب التنظيمي في الحزب وبعض القضايا الإدارية فإننا نورد المقطع التالي من بيان (الانسحاب) للأستاذ عبد الرحمن آلوجي حيث يؤكد بأنه وبعد جهدٍ كبير تكللت العملية السياسية “بإعلان بيان الوحدة في 28/4/2007 والذي أنجز بفضل تنازلات كبيرة من قبلنا – أي من قبل الأستاذ عبد الرحمن و(كتلته) والتوضيح من عندنا –, وقبولنا بشروط تعجيزية , إضافة إلى الرضى برئاسة الطرف الآخر ..

وقد عد إعلان الوحدة حدثا تاريخيا هاما , كان بمثابة بشرى الى جماهير شعبنا وكوادر حزبنا ورفاقنا , واصدقائنا في كل مكان , ولكن هذه البشرى وئدت في المهد , إذ جاءت الممارسات الاقصائية والتصفوية , وأساليب مفاجئة في الانتقاء والتهميش في الانتخابات التحضيرية ضربة في الصميم , ومفاجأة لرفاقنا , ولكنا وجدنا في الوحدة هدفا أكبر من كل اعتبار , فدعونا رفاقنا إلى القبول بكل النتائج , رغم بروز ظاهرة مندوبي المؤتمر من الوطنيين وغير الحزبيين , عازمين أن نخرج إلى المؤتمر كفريق عمل , وهو ما وعدنا به من قبلهم , كما بذلت وعود سخية أخرى , ولكن ما حدث قبل وأثناء المؤتمر , جاء مرة أخرى مخيبا للآمال , حيث توالت اعترافات رفاقنا من القياديين في الطرف الآخر لتكون اعترافاتهم سيدة الأدلة بارتكاب أخطاء فادحة ومتعمدة , قوامها الإقصاء والشطب والإبعاد .

كما ظهرت بوادر تضير بالعملية الوحدوية من خلال: إبعادنا عن إدارة جلسات المؤتمر وعدم إشراكنا فيها ..

عدم تلاوة البرقيات المهنئة والمباركة للوحدة ..

وعدم الإشادة بهذه العملية المتميزة ..

الا من رسالة قيمة أشاد فيها السيد السكرتير العام بالوحدة وأحسن تقييمها.

الركون إلى قوائم محضرة وجاهزة, يعتمد أسلوب الشطب لكل رفاقنا ما عدا واحد من أصل واحد وعشرين قياديا”.
إننا لن نقف عند النقاط واحدة فواحدة ولكن فقط سوف نقوم باستبيان بعض المسائل والنقاط الواردة في البيان السابق ليرى القارئ مدى التخبط الذي يعانيه الأخوة المنسحبون من الحزب؛ بدايةً البيان الذي رأيناه في 2842007 كان بيان (العودة) وليس (الوحدة) وأعتقد بأن الأستاذ عبد الرحمن ليس بحاجة إلى التعريف بهما وبمدلولهما.

المسألة الثانية والتي تدل على الدوامة التي يعيشها الأخوة من خلال بيانهم هذا هي مسألة التناقض والازدواجية؛ فهم من جهة يقولون بأن عملية العودة – وليس الوحدة – جاءت نتيجة “تنازلات كبيرة من قبلنا , وقبولنا بشروط تعجيزية , إضافة إلى الرضى برئاسة الطرف الآخر..” أي أنهم هم؛ الأستاذ عبد الرحمن وجماعته قبلوا بتلك “الشروط التعجيزية” ليستكمل عملية بناء (البارتي) – وهم مشكورون على ذلك، إن كان صادقاً في ادعاءه – ولكن وبعد ثلاث أو أربع جمل يعود ليقول لنا في بيانه (الانسحابي) ذاك “ولكن هذه البشرى وئدت في المهد , إذ جاءت الممارسات الاقصائية والتصفوية , وأساليب مفاجئة في الانتقاء والتهميش في الانتخابات التحضيرية ضربة في الصميم , ومفاجأة لرفاقنا..”.

حيث إننا نتساءل كيف استقام الأمر مع الأستاذ عبد الرحمن آلوجي بين تقديمهم لـ”تنازلات كبيرة” وذلك قبل وأثناء المؤتمر وكذلك في فترة التحضير لعودة هؤلاء الأخوة والرفاق للحزب من جهة وبين تلك الـ”وعود (الـ)سخية” التي قطعت لهم من قبل الحزب؛ حيث الواحدة تنفي الأخرى.
بقيت نقطتان نود أن نوضحهما للقارئ؛ الأولى قضية رئاسة المؤتمر و(استبعاد) الأخ عبد الرحمن كما يدعيه في بيانه الأخير.

إننا لن ندعي بأنها غير صحيحة ولكننا سوف نقول بأنها غير دقيقة؛ حيث ترشح أكثر من ثلاثة أعضاء لرئاسة المؤتمر ومن ثم تنازل البعض للآخر وكان من بين المتنازلين الأستاذ عبد الرحمن آلوجي وبالتالي فلم يكن استبعاداً كما ذُكِر في البيان.

أما النقطة الأخرى فهي قضية (التكتل والقوائم الجاهزة) ومسألة “الإقصاء والشطب والإبعاد” فإننا نستطيع أن نؤكد للأخوة والرفاق بأن هذه المسائل والقضايا واردة في كل انتخابات العالم وليس عند البارتي فقط، وإن كنا لا نتفق مع بعض هذه الأساليب أو تلك من التي جرت في مسألة انتخابات أعضاء اللجنة المركزية ولكن يجب أن نعي مسألة جد مهمة وأكدنا عليها قبل المؤتمر وأثناء انعقاد جلساته أيضاً؛ بأنه على الأقلية أن تلتزم بقرار الأكثرية، أما أن نخرج عن الإجماع كونه لم يقر ما نريده فتلك ليس بعقلية سياسية مدنية، بل نوع من عقلية الخروج على القبيلة وزعيمها.

وأخيراً نود أن نقول للأخ محمد سعيد بأننا وعدنا أن يصل صوته إلى الأخوة والرفاق وقد وفينا به إلى حدٍ كبير وما المنهاج السياسي الجديد للحزب إلا تأكيداً لذلك، أما إن كان القصد أن نسحب الكرسي من تحت الأخ عبد الحكيم بشار لنضعه تحته أو تحت من يراه (أهلً) لذلك فهذه ليست بيدنا وإنما هو قرار المؤتمرين وليعمل هو والآخرين (المقتنعين) بعدم (أهلية) الأخ عبد الحكيم وذلك من خلال مؤسسات الحزب بحيث يكونون هم قادة (البارتي) المستقبليين.


وآخراً نقول ونؤكد بأننا لسنا راضين إلى الحد المطلق عن وضع الحزب؛ (أي الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا – البارتي) السياسي والفكري وكذلك التنظيمي – الجماهيري وسوف نعمل معاً مع الأخوة والرفاق لأن نرتقي به وبنضاله – وحسب قراءتنا ورؤيتنا وإمكانياتنا – وذلك من خلال مؤسسات الحزب وليس من خارجه ليصبح أداة نضالية حقيقية لشعبنا الكوردي في هذا الإقليم ولن نرهن صوتنا لهذا الزعيم أو ذاك؛ فلنا قضية وهدف وإننا ما زلنا مقتنعين بأن (البارتي) هو خير وسيلةٍ وأداة لتحقيق ذاك الهدف والغاية وعندما نقتنع بأن هناك بدائل ووسائل أفضل سوف نغير بدائلنا تلك من أجل تحقيق الأهداف والغايات وليس من أجل نيل مقعدٍ في الصف الأمامي من (الباص الكوردي) وعذراً لاستعارة العنوان من الأخ ديار سليمان.
——
 (*) عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا – البارتي (بصفة احتياط).

جندريسه – 2007

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…