يصادف ذكرى الحزام العربي الثامن من تموز 1973وليس 24 حزيران 1974

*سردار بدرخان

   قرأت بياناً منشوراً على صفحات الأنترنت بخصوص ذكرى الحزام العربي العنصري الذي قامت الشوفينية بتطبيقه في منطقة الجزيرة يحمل توقيع الأخوة في لجنة التنسيق الكردية، ورد فيه، أن المشروع تم تطبيقه في 24 حزيران 1974، بناءً على قرار القيادة القطرية لحزب البعث رقم 521.
إن ذكرى تطبيق مشروع الحزام العربي العنصري في الجزيرة يقع في يوم الثامن من شهر تموز 1973، حيث نشرت جريدة البعث في العدد 3170 تاريخ 8 تموز 1973 نبأ تشكيل لجنة من المسؤولين الحكوميين ووضعت تحت تصرفهم مبلغاً من المال للمباشرة في تنفيذ ذلك المشروع الاستيطاني البغيض.
وأصدرت حينها قيادة الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا(البارتي) بياناً شديد اللهجة يندد بالمشروع وموقف الأكراد الرافض لهذا المشروع العنصري، وورد البيان في الصفحة الأولى من الجريدة المركزية للحزب (دنكي كرد) العدد 15 تاريخ أواخر تموز 1973.

وعلى أثر صدور ذلك البيان، وفي 1 آب 1973، تم اعتقال مجموعة من قيادة البارتي ومنهم سكرتير الحزب العم دهام ميرو، والأستاذ محمد نذير مصطفى وغيرهم، حيث زُجّ بهم في السجون سنوات عديدة.
   هنا، أرفق نص البيان الذي صدر بخصوص مشروع الحزام العربي بالجريدة المركزية العدد 15 تاريخ أواخر تموز 1973، مع صورة عن الجريدة الأصلية.
   فعذراً للأخوة على هذا التوضيح الذي لا نبتغي منه سوى صيانة الحقيقة التاريخية.
مع الاحترام 
 

الحزام يدخل مرحلة التنفيذ النهائية

{ نشرت جريدة البعث في العدد 3170 الصادر يوم الأحد الموافق للثامن من الشهر الحالي نبأ تشكيل لجنة من
بعض المسؤولين، ووضع تحت تصرفهم مبلغ عشرة ملايين ليرة سورية لبناء مسكن وقرى في محافظة الجزيرة وضمن منطقة الحزام (مزارع الدولة) لإسكان ممن ستغمر مياه سد الفرات أراضيهم وقراهم.

وباتخاذ هذه الخطوة، يدخل مشروع الحزام مرحلة التنفيذ النهائية، حيث لم يبق منه سوى تهجير الفلاحين الأكراد من قراهم التي شيدوها بعرق جباههم، وعاشوا فيها منذ مئات السنين مطمئنين.
إن الأكراد لم يكونوا وخلال تاريخهم الطويل حجر عثرة في وجه أية هجرة جماعية كانت أم فردية حينما تكون حركة طوعية وعملية طبيعية لتفاعل السكان داخل القطر أياً كانت صفة القادمين وهوية المهاجرين.

ولكن الإسكان الجماعي تمهيداً لهجرة جماعية قسراً ولدوافع عنصرية، لا يرفضه الأكراد فحسب، بل جاءت كافة الشرائع السماوية وميثاق الأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان وجميع الدساتير الدولية تستنكر وتحرّم مشاريع التهجير والتشريد الجماعية القسرية، لأنها تتنافى وروح المنطق والعصر والكرامة الإنسانية وحقوق المواطنة، لأن التاريخ أثبت عفونة وفشل هذه المشاريع والأساليب، فأية فوائد اقتصادية سيجلبها مشروع يقضي بنقل آلاف العوائل من منطقة الغمر ومنحهم الأراضي والامتيازات في منطقة مأهولة سابقاً وتشريد فلاحيه الأصليين وتهجيرهم إلى جهة أخرى بعد أن ظلوا محرومين من حق الانتفاع بالأراضي المستولى عليها بموجب قانون الإصلاح الزراعي بعد تطبيق مشروع الحزام تحت ستار إنشاء مزارع الدولة؟!….فأي منطق إنساني أو اشتراكي يقبل بتفضيل فلاح على آخر بسبب العرق أو اللغة أو الدين دون اعتبار الكفاءة؟… إن مشروع السد الذي سيروي أكثر من 600 ألف هكتار في مراحله النهائية يحتاج إلى عشرات الألوف من العائلات لاستثمار هذا المشروع الحيوي بشكل يحقق المصلحة والغاية المتوخاة من هذا السد العظيم.
فمشروع الإسكان هذا والتهجير الذي سيليه عدا عن خلوه من أية مصلحة اقتصادية، لن يجلب على المنطقة وسكانها بكافة فئاته بشكل عام، والطبقة الفلاحية على وجه الخصوص سوى الخسائر المادية الجسيمة ويثير الأحقاد و النعرات العنصرية بين الطبقات الكادحة بسبب التمييز المقصود بينهم، فهم أحوج إلى التكاتف والتعاون منها إلى الفرقة والتنافر.

إن الأكراد الذين عاشوا مع أشقائهم العرب منذ مئات السنين ولم يبخلوا يوماً بتقديم كل غال ونفيس للدفاع عن تراب هذا الوطن ضد كل مغامر طامع أو معتدي أثيم في التاريخين القديم والحديث، بدءاً بالعهد الإسلامي ومروراً بصلاح الدين وثورات الاستقلال وحروب فلسطين المستمرة، يرفضون اليوم بكبرياء أن يُنظر إليهم نظرة المشكوك في وطنيتهم ووفائهم لهذا البلد إنْ كان القصد من هذا المشروع سد الثغرات بوجه الطامعين بثروات هذا القطر، فقد أثبتوا خلال تاريخهم ونضالهم المشترك مع الشعب العربي أنهم ليسوا أقلّ جدارة من غيرهم لتحمل هذه المسؤوليات.

إن الأكراد وحزبهم الديمقراطي الكردي(البارتي) يناشدون كافة الأحزاب والقوى الوطنية والتقدمية ويخصون منها حزب البعث العربي الاشتراكي وقائد مسيرته الفريق الأسد للعدول عن هذا المشروع العنصري البعيد عن روح العصر والنزعة الإنسانية والنهج الإشتراكي.

إن الفلاحين الأكراد يناشدون أشقاءهم الفلاحين العرب ممن ستغمر مياهُ السد أراضيهم برفض الإسكان في قرى وبيوت إخوانهم الأكراد البؤساء ومطالبة المسؤولين بأراضي مشروع الرائد أو التعويض العادل، لأن السكن في أكواخ حقيرة مجبولة بالعرق والدموع لم ولن تجلب أي خير وسعادة.

والجماهير الكردية….مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى التكاتف ونسيان الخلافات ونبذ الأحقاد والالتفاف حول الحزب وقيادته وعدم المشاركة في بناء الدور وترميمها وعدم النزوح عن بيوتهم وقراهم تحت تأثير التهديد والوعيد أو بدافع الفقر والحاجة.

وإننا إذ نهيب بالطبقة الكادحة عمالاً وفلاحين، عرباً وأكراداً وجميع القوى والأحزاب التقدمية لمشاركتنا والمساهمة معنا في أبعاد وخطورة هذا المشروع حاضراً ومستقبلاً على القطر من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، والوحدة الوطنية التي يجب أن تكون هدف الجميع في المرحلة الحساسة من تاريخ البلد لمواجهة التحديات المستمرة، ويحدونا الأمل بأن نضالنا المشترك سيحول دون تنفيذ هذا المشروع العنصري البغيض.}.

 

صورة عن العدد 15 من جريدة (دنكي كرد)- تاريخ أواخر تموز 1973

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…