من خلال المراحل المتعاقبة للثورة السورية عبر ما يقارب الست سنوات من عمرها حيث عسكرتها من قبل النظام وأعوانه ، وبعد المعارك الأخيرة الدامية والمدمرة خلال الشهر الجاري والتي مكنت النظام من السيطرة على حلب ومحيطها بقوة حلفائه الروس والإيرانيين وميليشيا حزب الله ( وبتوافق روسي – تركي ) ، بعد كل ذلك يبدو أن الأزمة السورية قد دخلت طورا جديدا من عمرها ، تجلى ذلك في اللقاء الثلاثي الذي حصل في موسكو بين وزراء خارجية كل من روسيا وإيران وتركيا وما نتج عنه من ترتيبات جديدة في هذا الصدد ، والذي تكلل بإعلان موسكو ، وكان اللقاء على ما ظهر بعلم أمريكا وبعض الدول الأخرى ذات الشأن ، حيث أعلن سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي أنه وضع نظيره الأمريكي جون كيري بصورة اللقاء ،
وأعقب ذلك بالإعلان عن لقاء أوسع في أستانا عاصمة جمهورية كازاخستان خلال شهر كانون الثاني من عام 2017 وعلى أن يضم هذه المرة إلى جانب الدول الثلاث المذكورة أعلاه كل من النظام السوري والمعارضة السورية ، بعد أن يتم الإعداد له من الجهات والأطراف المعنية الممكنة ، وبالفعل بدأت تلك الجهات والأطراف بالتحرك السريع للالتفاف حول القضايا الأساسية ولاسيما النظام ، وكأن لا أحد سواه ، واعتبر سيطرته على حلب هي نهاية المطاف وفشل لكل ما هي معارضة وبالتالي حقق النصر المؤزر على الثورة وأهدافها في الحرية والكرامة ، هذا ما يحلو للنظام ومن يدور في فلكه ، بل هذا الذي يرونه ولا سواه .
الواقع أن المعارك الأخيرة قد عززت دور النظام وقوت ورقته التفاوضية ، لكن ليست هي النهاية بالتأكيد ، فكل ما جرى عسكريا وسياسيا على أرض الواقع ليس سوى تمهيد لاستئناف عملية الحوار والتفاوض في جنيف من أجل الحل السياسي السلمي المنشود والمحدد موعده في 8 شباط 2017 بعد أن كان في طي النسيان طوال الفترة الزمنية الماضية ، لأن اللقاءات التي تمت والتي ستتم لا تستند على أرضية الشرعية الدولية بما هي وثيقة جنيف 1 ولقاءات نمسا وقرارات هيئة الأمم المتحدة ذات الشأن ، كما أن الدول المعنية باللقاءات المذكورة أعلاه لها أهداف وأجندات مختلفة ، فروسيا تسعى لإثبات دورها الدولي ومصالحها في الأزمة السورية ، وإيران يهمها بقاء النظام السوري واستمراريته لأن في ذلك تكمن مصالحها الحيوية وحتى الاستراتيجية ، أما تركيا فهي تسعى جاهدة لاتقاء ما يحدق بها من مخاطر جراء سياساتها الخاطئة وخصوصا الداخلية ، وعليه فمن المتوقع أن تفقد ( تركيا ) مصداقيتها مع كل حلفائها وليس مستبعدا أن تتخلى حتى عن المعارضة السورية بشكل واضح وصريح ، فهي الأخرى بنت مصالحها أكثر من غيرها حتما ، والجدير ذكره أن لقاء أستانا لن تتم بالشكل الذي تريده الدول المعنية ويريده النظام السوري كما هو متوقع ، ومن المهم ذكره أن أي اتفاق أو توافق بشأن الأزمة السورية لا يعنينا إذا لم يضمن حل عادل للقضية الكردية حلا يرتضيه الشعب الكردي ..
وعلى الصعيد الإقليمي يبدو أن هناك بوادر قلق لدى كل من إيران وتركيا الأولى جراء بوادر عقد العزم على إعلان استقلال إقليم كردستان العراق ، لأنها تلاحظ التقدم المضطرد للمشروع القومي الكردستاني الذي يقوده المناضل مسعود بارزاني ، والثانية تخشى من عودة المجتمع الدولي إلى إلغاء اتفاقية لوزان لعام 1923 وإعادة إقرار معاهدة سيفر لعام 1920 التي أقرت للشعب الكردي حقه في تقرير مصيره بنفسه ، لاسيما بعد أن اثبت هذا الشعب بالدليل الفعلي أنه يمتلك قوة التفاعل مع المستجدات ليكون جزءا فاعلا في عملية التغيير والتحول الديمقراطي ، كما أكد بما لا يدع مجالا للشك مناهضته للتطرف والإرهاب وخصوصا في مواقفه العملية وفعالياته العسكرية ضد داعش وأشباهه وأتباعه ..
وعلى الصعيد القومي الكردي في سوريا ، واضح أن حزب الاتحاد الديمقراطي ( p.y.d ) في حيرة من أمره ، لأن العلاقة بينه وبين النظام غدت ضبابية أو باهتة أي أنها غير واضحة بعد الاتفاقات التي جرت بين أطراف إعلان موسكو ، وعليه يستبعد مشاركته في اجتماع أستانا المنتظر ، ومن المفيد ذكره أن النظام لا يلغيه من الحساب نهائيا في الوضع الراهن لأنه مازال بحاجة إلى ورقته التي يستخدمها في الشأن الكردي على وجه التحديد ، كما يراعي الاهتمام الأمريكي في دعمه لمحاربة داعش والاستفادة من إمكاناته القتالية في هذا الصدد ..
وفي سياق الوضع الكردي ، من الواضح أن هناك محاولات محمومة من جانب النظام وبالتنسيق مع ( p.y.d ) وأطراف كردية أخرى للضغط على حزبنا ( الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا ) والمجلس الوطني الكردي في سوريا بغية عزلهما ، تارة بالدعوة للانسحاب من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ، وأخرى بدعوة أحزاب من المجلس الوطني الكردي دون غيرها إلى لقاءات خلبيه مستهدفا النيل منه أو تفكيكه ، وعلينا أن ندرك تماما أن كل تلك المحاولات والمساعي ليس لخير حزبنا ومجلسنا بل لضربهما معا أو حرفهما عن مسارهما السياسية ومشروعهما القومي الكردستاني الذي يقوده المناضل مسعود بارزاني ، وعليه فإننا نمتلك نهج سياسي متكامل هو نهج الكر دايتي نهج البارزاني الخالد و رؤية سياسية مشتركة وواضحة وممارسات عملية وطنية وقومية متكاملة ينبغي حمايتها والحفاظ عليها بكل اهتمام ، لأن الحيد عنها أو بعضها إنما هو فقدان للبوصلة وبالتالي ضياع في المتاهات يصعب التعويض عنها بسهولة ..
في الختام ، ومع حلول العام الجديد عام 2017 ، يسر المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني –سوريا ، أن يتقدم بأسمى آيات التهنئة والتبريك إلى عموم أبناء وبنات شعبنا الكردي في سائر أجزاء كردستان وفي الشتات والمهاجر ، وإلى عموم الشعب السوري بكل مكوناته القومية والدينية ، وإلى كل الشعوب المكافحة من أجل الحرية والديمقراطية ، متمنيا أن يعم السلام ربوع المعمورة ، وأن تنتهي الأزمة السورية لما فيه خير شعبنا السوري وبما يضمن تطوره وتقدمه ، و يتحقق لشعبنا الكردي مشروعه القومي الكردستاني الذي يقوده المناضل مسعود بارزاني ادامه الله ذخرا لشعبنا . ( كل عام والجميع بألف خير ) ..
في 3 / 1 / 2017
المكتب السياسي