حاوره: عمر كوجري
قال أنس العبدة رئيس الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة إن تطور الصراع خلال ست سنوات تقريباً، ووصل إلى عتبة الصراع الإقليمي والدولي الذي بات من غير الواقعي، ولا أقول غير الممكن، أن يحل دون حضور الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة.
وهذه ليست معادلة مستحيلة، بل ممكنة، ونضال الشعب السوري وجهود كوادره ستستمر لغاية تحقيق هذا الحل.
وقال في حوار خاص مع صحيفة” كوردستان” لقد حذر الائتلاف الوطني من أي محاولة لتشكيل كيانات أو مناطق أو إدارات تصادر إرادة الشعب السوري.
وأكد أن مبادئ الثورة السورية تقوم على ضرورة التخلص من الاستبداد وإقامة دولة مدنية تعددية ديمقراطية تحفظ حقوق جميع السوريين على اختلاف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم. وركز على الانضمام إلى الثورة ودعمها لا يتم من خلال تنفيذ مشاريع منفردة أو استباقية، تحاول تمرير أجنداتها مستغلة انهماك السوريين في استعادة حقوقهم الأساسية. حول هذه المواضيع المثارة وغيرها، كان لصحيفة” كوردستان” هذا الحوار مع الأستاذ العبدة.
بعد قرابة ست سنوات من الحرب في سوريا، كيف تقرأ لوحة سوريا المستقبل؟
سورية ذاهبة نحو الديمقراطية والحرية والكرامة، رغم الدمار والحرب التي طال أمدها، فإن سورية لطالما كانت ميداناً للتجاذبات والصراعات، وكما حصل في كل مرة منذ بدء التاريخ، فإن سورية وشعبها يعود لينتصر، نعلم أن الأكلاف كبيرة، لكنها فاتورة الحرية.
ندرك أن هذه المنطقة لم تكن مهد الحضارة عن عبث ولا بالصدفة، لكننا ندرك أيضاً أن هناك صعوبات، ولن تتم النهضة من جديد من تلقاء نفسها، هناك واجبات علينا.
سوريا صارت ملعباً للقوى الاقليمية والدولية، هل يمكن أن يحل المشكل السوري سورياً، وكيف؟
تطور الصراع خلال ست سنوات تقريباً، ووصل إلى عتبة الصراع الإقليمي والدولي الذي بات من غير الواقعي، ولا أقول غير الممكن، أن يحل دون حضور الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة.
وهذه ليست معادلة مستحيلة، بل ممكنة، ونضال الشعب السوري وجهود كوادره ستستمر لغاية تحقيق هذا الحل.
الكثير من الأوساط الإعلامية تعتبر أن الائتلاف السوري يمرُّ بأزمة بنيوية، ولم يعد يمثّل المعارضة السورية في المحافل الدبلوماسية، ماذ تقول في هذا الصدد؟
مؤسسة الائتلاف، مؤسسة سياسية ثورية، وليست دولة، ولذلك فهي تمارس العمل السياسي، وتتابع دعم الثورة والحراك الشعبي بمواجهة منظومة إجرامية، دون أن تمتلك ما يكفي من موارد ومقومات لذلك، إلا إرادة الشعب وقوة الحق. وفوق هذا فالائتلاف مطالب بالتعاطي مع أزمة محلية إقليمية دولية تكاد تكون الأعقد منذ الحرب العالمية الثانية.
الائتلاف يتطور، ويتقدّم، ويواجه تحديّاتٍ كبرى ومصاعبَ جمة، نحن لا نرفض النقد، ونتقبل النقد دائماً، بل نتطلع للتجديد وتحسين تموضعنا حسب المستجدات، دون أن نتخلى عن مبادئ الثورة وحقوق الشعب السوري العظيم.
اسألك عن موقفك من النظام المستقبلي في سوريا، وهل ترضون أنتم كمعارضة سورية بفيدرالية للكرد في سوريا؟
لقد حذّر الائتلاف الوطني من أي محاولة لتشكيل كيانات أو مناطق أو إدارات تصادر إرادة الشعب السوري.
مبادئ الثورة السورية تقوم على ضرورة التخلص من الاستبداد وإقامة دولة مدنية تعددية ديمقراطية تحفظ حقوق جميع السوريين على اختلاف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم.
الانضمام إلى الثورة ودعمها لا يتم من خلال تنفيذ مشاريع منفردة أو استباقية، تحاول تمرير أجنداتها مستغلة انهماك السوريين في استعادة حقوقهم الأساسية.
إن استغلال الظلم الذي تعرّض له جميع السوريين، من أجل تمرير مشاريع ضيقة، هي محاولة خاطئة ومضللة تسعى لإيهام الناس بأن هذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على حقوقهم. لكن وكما نرى اليوم، فإن الجهات المسيطرة في مناطق شمال شرق سورية تمارس القمع والاعتقال والتشبيح ضد المدنيين والنشطاء.
إن تحديد شكل الدولة السورية، سواءً أكانت مركزية أو فدرالية، ليس من اختصاص فصيل بمفرده، أو حزب أو فئة أو تيار، وإنما سيتقرر ذلك بعد وصول المفاوضات إلى مرحلة عقد المؤتمر التأسيسي السوري الذي سيتولى وضع دستور جديد للبلاد، ثم من خلال الاستفتاء الشعبي.
لا يمكن للائتلاف القبول بأي مشروع يقع خارج هذا السياق.
من وجهة نظري، لا مكان في العالم اليوم، ولا غداً لمزيد من التفكك، ولمزيد من التشرذم.
البعض يحاول الركوب على شعارات قومية وطائفية من أجل جمع الناس خلفه وتعبئتهم لتحقيق مكاسب سياسية ومادية ضيقة، وأنا متفائل أن الشعوب في طريقها لكشف حقيقة هذا النوع من المشاريع التي تستغل حاجات ثقافية واجتماعية حقيقية وإلباسها لبوساً سياسياً لتحقيق أهداف شخصية ومصلحية سواء جرى ذلك عن وعي أو عن جهل.
هل تستطيع اقناعي أن الائتلاف السوري له يد طولى على الجيش الحر؟
عملياً على أرض الواقع، فإن كل فصيل يرفع راية الجيش السوري الحر هو يحترم تطلعات الشعب السوري، ولا تختلف بالتالي أجندته عن أجندة الائتلاف والثورة، وعلاقته العسكرية هي علاقة مرتبطة بتطورات الوضع على الميدان، فيما يبقى الوضع السياسي والقضايا المتعلقة بالمفاوضات والحل النهائي شؤوناً خاصة بالائتلاف والهيئة العليا للمفاوضات.
الجيش الحر متوزّع ومتشظٍّ بين فصائل وأسماء ومُسميّات كثيرة، وكل فصيل يولي اهتماماً بالجهة الإقليمية والدولية التي تساعده، كيف يمكن التأسيس لجيش وطني معارض موحّد للنظام السوري، وذي قيادة عسكرية موحّدة؟
الجيش السوري الحر، يضمُّ فصائلَ وكتائبَ كثيرة حسب المناطق، وهي فصائل تخضع للقرار السياسي للثورة والذي يصدر بناء على تطلعات الشعب السوري، حالياً التنسيق يتم بناء على متطلبات الميدان.
جميع فصائل الجيش السوري الحر، مستعدة لإلقاء السلاح أو الانضمام إلى الجيش السوري الوطني فور الوصول إلى حل سياسي مرض للجميع.
أما الفصائل المقاتلة الأخرى، التي ترفض العمل تحت الجيش السوري الحر، وترفض مبادئ الثورة فلا غطاء سياسياً أو شعبياً لها وعاجلاً أو آجلاً ستخضع لإرادة الشعب السوري.
ما هو انطباعكم عن “بيشمركة روج” الذين يتدرّبون في كوردستان العراق، ويقاتلون تنظيم داعش الارهابي في محاور الجبهات؟
وحدات “البيشمركة” السورية التابعة للمجلس الوطني الكردي يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً ضمن الجيش السوري الحر من خلال المساهمة في حماية المدنيين والوصول إلى أهداف الثورة في الحرية والكرامة، وهي عامل مهم تساعد على الاستقرار في سورية.
المعارضة السورية المسلّحة تخسر المواقع حالياً، ماالسبب برأيك أستاذ أنس؟
الكلام عن الخسارة هنا نسبي جداً، فالثورة بدأت ولا رصيد لها سوى إرادة الناس في الحرية وحناجر تصدحُ بالمطالبة بالحقوق، وكان لبعض وسائل الإعلام دورٌ سلبيٌّ في تضخيم هذه الخسارة، فمثلاً ما حصل مؤخراً في حلب تم تسويقه على أنه نصرٌ عظيمٌ، لكن الواقع لا يقول ذلك، فقد اجتمع على محاربة أحياء حلب المحاصرة قوات الأسد وميليشيات إيرانية لا حصر لها وطيران ثاني أقوى جيش في العالم مع استخدام 160 سلاحاً روسياً جديداً حسب تصريح وزير الدفاع الروسي، فماذا كانت نتيجة هذه الحملة الوحشية على الأرض؟ لقد سيطر كل هؤلاء على أقل من 20% من كامل محافظة حلب فقط.
الكرد بشكل عام غير راضين عن تصريحات بعض قيادات المعارضة السورية، كيف يمكن توفير أجواء التناغم في المجتمع السوري بشكل عام؟
يجب أن نتفهم الاختلافات في وجهات النظر، ويجب أن نميّز بين التصريحات الفردية وبين المواقف الرسمية للمؤسسة.
بالمحصلة، لا يوجد مجتمع في العالم، ولا حتى منظمة أو حزب، يصل إلى انسجام كامل في الرأي والمواقف، لكن هناك فسحة لإدارة الخلافات، وهذا ما يجب أن نصل إليه.
نحن في الائتلاف ملتزمون باستحقاقات وطنية جرى الاتفاق عليها بيننا وبين المجلس الوطني الكردي ضمن وثيقة بيننا وهي إحدى وثائق الائتلاف
حزب ب ي د يعتقل قيادات وكوادر من المجلس الوطني الكردي، ومنها قيادات حزبنا الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، والمجلس منضو في الائتلاف، ماذا قدمتم لهؤلاء المعتقلين؟
المجلس الوطني الكردي في سوريا جزء من الائتلاف، وجزء من الشعب السوري، نحن نتعاملُ مع قضايا جميع المعتقلين والأسرى والمختطفين بنفس الدرجة من المساواة ، وهذا الملف هو على رأس أولوياتنا في كل المحادثات والمفاوضات التي ستتم مستقبلاً أيضاً.
وثيقة لندن لاقت استنكاراً شعبياً وسياسياً كبيراً في الوسط الكردي، وشعرَ الكردُ بالغبن منها، لمصلحة مَنْ توتير الأجواء؟
الإطار التنفيذي الذي قدّمته وثيقة لندن، جاء من وحي ثوابت الثورة الأساسية. وهي وثيقة حية قابلة للتطوير والتحسين بما فيه مصلحة راجحة للشعب السوري.
الوثيقة في عمومها تتمسك بوحدة سورية أرضاً وشعباً، وترفض أي مكان لبشار الأسد في المرحلة الانتقالية وفي مستقبل سورية.
وقد تم تشكيل لجنة من الهيئة العليا للمفاوضات للتواصل مع الجهات التي لديها تحفُّظات من أجل استلام تعديلات جدية مقترحة على الوثيقة.
لماذا لا تصل المساعدات الإنسانية التي يوزعها الائتلاف السوري في بعض المناطق المحاصرة في الداخل السوري الى المنطقة الكردية أيضاً؟
ليس هناك مساعدات إنسانية تصل للائتلاف أو مساعدات يوزعها الائتلاف، لكن هناك مؤسسة وحدة تنسيق الدعم، بالإضافة للحكومة السورية المؤقتة، وكلاهما يعمل على توزيع ما يصله من مساعدات بشكل عادل ومنصف لجميع السوريين.
كيف تقرأ التدخل التركي في الشمال السوري؟ وأنتم في الائتلاف السوري ألا تتخوفون من ” مطامع” تركية في الأرض السورية؟
رغم محورية الدور التركي في عملية درع الفرات إلا أنها تتم بمعظمها بأياد سورية، والمقاتلون في صفوف الجيش السوري الحر هم الذين يقومون بالجهد الأكبر.
الموقف التركي كان ولا يزال الى جانب حقوق الشعب السوري. ونحن نتفهّم تماماً صعوبة الوضع في تركيا وحاجتها لمحاربة الإرهاب الذي بات يهدّدها في الداخل.
هل تتوقع نجاحاً للدبلوماسية الدولية في حلّ المشكل السوري، جنيف مثلاً.
لا تزال الدبلوماسية الدولية بعيدة جداً عن الواقع السوري ولا ترقى بأي قدر لتلبية حاجات السوريين..
المشكلة الحقيقية تكمن بأنّ الأضرارَ التي تترتبُ على الشلل والسلبية الدولية لن تقتصر على سورية ولا حتى على المنطقة.. ولا شك أن المماطلة في التحرك الفعال لإيجاد الحلول المفضية للانتقال السياسي في سورية ليست في صالحنا، ولا صالح المنطقة والعالم.
أكثر من مرة التقيتم مع رئيس إقليم كوردستان مسعود بارزاني، وآخرها قبل حوالي الشهر، هل لك أن تضعنا باختصار في صورة اللقاءَيْن؟
الرئيس بارزاني صاحبُ مواقفَ شجاعةٍ في مناصرة ثورة الشعب السوري، ونحن شخصياً، وفي الائتلاف نقدّر لسيادته مواقفه النبيلة، ونقدّر، ونثمّن وقفة شعب إقليم كوردستان معنا واستيعابه مئات الآلاف من اللاجئين السوريين وتقديم العون لهم.
وقد تحدثنا في لقاءاتنا عن المشتركات الكثيرة والهامة بين إقليم كردستان وقوى الثورة السورية في مواجهة الإرهاب، والصلة الوثيقة بين الشعبين الشقيقين، وعن سبل دعم اللاجئين السوريين في الإقليم.
صحيفة «كوردستان» العدد 551 تاريخ: 1-1-2017