كاوار خضر
حسب استقرائنا للأحداث وما يفرزه الإعلام، نتوقع تدرج سوريا نحو الفدرالية، الآن، أقرب من أي وقت مضى، لاسيما بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية؛ وذلك لإمكانية تفاهمه مع روسيا أكثر من كلينتون. كما يبدو أن دول العالم ومعها الدول الإقليمية تتقبل هذه الفكرة (الفدرالية). رغم جهود مؤيدي المركزية بإعطائهم رؤية مشوهة عن النظام الفيدرالي وترويجهم أن الفدرلة هي تمهيد لتقسيم سوريا.
بمجرد النظر إلى المشهد السوري يلاحظ أن الحل المركزي لن يجدي نفعا إثر ما أريق من الدماء وتشريد الملايين وتدمير المدن وغيرها، كل هذا راكم الانتقام والثارات والأحقاد في نفوس المواطنين، ففي ظلها يزداد الاقتتال والتناحر بين السوريين بشكل عام، وتتوسع الهوة بين الأقليات والأكثرية، كلتاهما تدعيان بمظلوميتهما ، وفي الحقيقة كل الشعب السوري انظلم من النظام المركزي الذي يحكمه منذ عقود. وانضر الجميع منه، أقلية كانت أو أكثرية على حد سواء. هذا ما يرجح الفدرالية لسوريا المستقبلية لدينا.
إذا جئنا على تصريح دونالد ترامب الصريح أنه لا مشكلة له مع شخص بشار الأسد، هذا يعني بالنسبة لنا أنه سيتفق مع روسيا على سوريا، ليس كما كان في عهد أوباما، واستراتيجيته ستقتصر على قتال تنظيم الدولة الإسلامية. وما يقوي لدينا ما أسلفناه آنفا عدم اعترافه بالمعارضة السورية المعتدلة وثوارها، وهذا ما نعتمده في استقرائنا أنه من المعقول جدا ألا تكون هناك خلافات بين أمريكا “ترامب” والروس من أجل الملف السوري.
ما نستقرئه من الجاري أن ترامب نفسه لا يعارض فدرلة سوريا؛ وذلك حين نستعرض التعاون القائم بين أميركا وحزب الاتحاد الديمقراطي، وهذا ما يجعلنا أن نتكهن أنه قد تكون في شمال سوريا فدرالية كردية، ومعارضة روسيا لها، حتى الآن لا تشي بالحدة، بل ما يلاحظ هو صمت يكاد يكون مطبقا من جانبها. وهي أي روسيا ميالة إلى تكوين فيدرالية الساحل؛ لكي تؤمن لنفسها قاعدة واسعة في المياه الدافئة، وليس مستغربا أن تصرّ على بقاء بشار الأسد في سدة الرئاسة. ومن جهة أخرى يلاحظ أن إسرائيل تسعى إلى تأمين فيدرالية للدروز، وفي خضم هذه التكوينات من الممكن أن تكون هناك فيدرالية كردية بدعم أمريكي.
كرديا: حيث سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي بالتنسيق مع النظام السوري على المناطق الكردية، قد تنتهي وبالتالي ينتهي تعاونه مع الأمريكان بعد الانتهاء من داعش. ونعتمد في رؤيتنا هذه، تعاونه مع أميركا بشكل غير معترف به دوليا؛ حتى يكون ضمانا له بعد انتهاء أميركا وحلفائها من داعش، وأيضا ما قام به هذا الحزب من مضايقات للشعب الكردي من جهة، ومن جهة أخرى نزاعه مع الإقليم الكردستاني في العراق الفدرالي، وعلاقة الأخير مع الأميركيان هي علاقة رسمية موثقة دوليا وبينهما تعاون على درجة عالية كالتعاون العسكري وإنشاء قواعد عسكرية في الإقليم عدا امتيازات البترول وغيرها؛ في حين تعاون حزب الاتحاد الديمقراطي مع نفس الجهة لا يستند على أية وثيقة رسمية دوليا. لكي يؤمن مكانته لدى الأمريكان. راهنا، لا زال لديه متسع من الوقت في تدارك المتوقع، حسب وجهة نظرنا؛ وذلك إذا شارك في وحدة كردية شاملة دون أي امتياز لأحد على غيره، حينها من الممكن ألا ينتهي بانتهاء داعش.
وهذه الأمور ستتوضح أكثر بعد ستة أشهر من ولاية ترامب، وكل ما نتوقعه الآن، ربما يكون الغد، بخلافه. فترامب شخصية ليست لديها خبرة سياسية، وقيادة دولة مثل أميركا تحتاج إلى دهاء سياسي على درجة عالية. هل سيكون ترامب قادرا أن يفعل ما فعله رونالد ريغين، عندما قيل له أنه غير سياسي وافق على ذلك، ولكنه أضاف، بما معناه: بطاقم سياسي جدير سنكون أهلا للسياسية. وفعلا استطاع ريغين إنهاء الاتحاد السوفيتي. هنا هل سيعيد ترامب مكانة أميركا أم أنه سيغادر البيت الأبيض كما حصل مع ريتشارد نيكسون في ولايته الثانية أم أنه سيدق آخر مسمار في نعش أميركا. هذا ما سنراه في القادم من الأيام.
———————————————
كاوار خضر، كاتب كردي من غربي كردستان
kawarkhidir@gmail.com