عنايت ديكو
بعد أن سلَّمَتْ الحركة الكوردية السورية مفاتيح قَدَرها إلى المجهول. واستسلمت للواقع، باتت تمارس فقط لعبتها الأصلية والمفضلة ” الكومبارس “. والبقاء كلاعب سيركٍ احتياطي لا أكثر ولا أقل.
فما أن سيطرت جماعة ال”بي يي دي” على رقاب هذا الشعب وتحكمت بمصيره، حتى قامت وأسست لنفسها جماعات وأحزاباً وكياناتٍ موالية في صورة مقلّدة للبعث في تشكيل الجبهة الوطنية التقدمية. وعلى ضوء هذا، نرى ونشاهد بين كل فترة وفترة، وبين كل حادثة وأخرى، وبين كل جريمة وجريمة ، وكلما دقّ الكوز بالجرّة في كوردستان سوريا. نرى تصعيداً غير مسبوق في النعيق اللا متناهي من قبل تلك الجماعات وأحزاب الظل الأيكولوجية وعناصرها في الداخل والخارج . وتعلو أصواتها، وتقوم بالدفاع المستميت عن السياسات المتشددة لسلطة الأمر الواقع. ناهيك عن حجب الشمس بالغربال، وطمر الحقائق وطمس الجرائم التي تقوم بها هذه السلطة. وكأن الذاكرة الكوردية مثقوبة وبدون أبواب وحراسة. مثل الحدود المفتوحة بين سوريا وتركيا .
لكن ما يحزّ بالنفس ويبقى يُراود الكوردي السوري – دائماً- ويبقى كسؤالٍ بدون جواب، هو وضع أحزاب الظل هذه وسكوتها المطلق والمطبق و اللامنطقي، عما يجري لهذا الشعب على أيدي هذه الحكمدارية وميليشاتها المسلحة من قتل، وإرهاب، وسجن، وتنكيل، وتعذيب، واعتقال، وطرد، ونفي. فالسؤال هنا أيضاً، ما هو هذا الشيء الذي يدفع بهؤلاء المنحبكجيين … اللا آبوجيين و اللا أيكولوجويين إلى الارتماء في حضن البي يي دي والدخول معهم في التحالفات والتقاطعات والمساومات وبناء الجبهة الوطنية التقدمية التابعة للإدارة الذاتية ؟، وعلى رأس هذه الجماعات والأحزاب، جماعة الحزب الديمقراطي الكوردي العفريني ؟.
أجل. إذ ترى أعضاء هذه الجماعة يلعقون نهايات كل سياسةٍ آبوجية ويدافعون عنها في السرّاء والضرّاء، أكانت هذه السياسة ضد الكورد أم مع الكورد . على الكورد وفي الكورد … إلى الكورد ومن الكورد؛ ويَتسلقون بسياساتهم الرمادية هذه، أعمدة الجرائد وشاشات التلفزيون و يتعربشون صدارة الفيسبوك ويلتقطون الصور الضخمة والفخمة في قاعة المؤتمرات والبروتوكولات، ويزينون بها مَواطن النفس والعقدة الدونية المرافقة لهم، ويتكلمون من موقع ضبابي غير واضح. فتراهم يدافعون عن سياسات الأمر الواقع أكثر من الآبوجية أنفسهم … ويحاولون تبرير أعمال وجرائم سلطة الأمر الواقع أكثر من أولئك الأيكولوجيين أنفسهم، وتُشاهدهم وقد دخلوا بيت الطاعة الآبوجية بكل سلاسة وأريحية وبدون معوقات، وقد أصبحوا أشبالاً لهذه السلطة وسياساتها، وجزءاً مهماَ من منظومة العمل والتفكير والممارسات التابعة لها دون مشاكل ، وقد تحولوا في الأخير الى أداة رخيصة بيد حكمدارية الأمر الواقع والتي هي بدورها تابعة للمربع الأمني القامشلوكي.
فكلما كَتَبَ أحد المعارضين والمخالفين مقالاً ما مثلاً … أو بوستاً … أو نشر رسماً كاريكاتيريا، أو عبَّرَ في يوم من الأيام عن رأيه أو خرج في تظاهرة أو أي نشاط آخر ضد تصرفات وأعمال جماعة ال PYD ترى أولئك المنحبكجية وعبر جيشهم الجرّار التابع للحزب الديمقراطي الكوردي العفريني، يقوم بالهجوم الكاسح على كل من ينتقد سلطة الأمر الواقع بلا رحمة ولا اعتبار . بالرغم من أن سلطة الأمر الواقع نفسها لا تشتريهم” بنصف فرنك أو بقرشٍ مبخوش” . رافعين مقولتهم الشهيرة والتي تحولت أخيراً الى مشجب وإلى مسمار جحا، قائلين في صراخٍ وجعجعةٍ بلا طحين : (( لولا البي يي دي )) ؟ لكانت نسوانكم وبناتكم اليوم سبايا عند الدواعشة! فالمنطق يقول: قد نجد نوعاً من الصواب في هذه المقولة وفي هذه الكليشيه، لكن هذه الكليشيه الجاهزة لن تنطبق على عشرات المجازر والأعمال الإرهابية التي حدثت في كوردستان سوريا مثل ” مجزرة عامودا … وجريمة قتل عائلة حنّان في آفرازه بكورداغ ” التي قامت بها سلطة الأمر الواقع!، وإلى جانب المئات والمئات والآلاف من الجرائم المروعة من القتل، والذبح، والسجن، والتنكيل بالإنسان الكوردي، وهدر كراماته.
لقد قامت حكمدارية ال PYD بنزع كل مظاهر الكورد والكوردوارية من كوردستان سوريا، في المقابل، سكت هذا الحزب الديمقراطي الكوردي العفريني!.
لقد رمت هذه الحكمدارية بالعلم الكوردستاتي في المزبلة وداست عليه، فسكت أيضاً هذا الحزب العرمرم الكوردي الهائل والشامل.
لقد قضت هذه السلطة على كل تحركاتهم ونشاطاتهم وأغلقت جمعياتهم ومكاتبهم بالشمع الأحمر، فبقي هذا الحزب مقاوما شرساً ومدافعاً صلباً عن الآبوجية ووفياً لسلطتهم.
فضاقت بهم الحياة وهربت عناصر هذا الحزب الديمقراطي الكوردي العفربني إلى الخارج ، ومن الصف الأول مع أطفالهم وأولادهم وأقربائهم ، نتيجة الممارسات والمضايقات التي يشاهدونها على أيدي الآيكولوجيين … وبقي هذا الحزب أميناً في تبنيه سياسة مسح الجوخ والطبطبة على الظهر والدفاع عن سياسات سلطة الأمر الواقع!.
أليس من حق المتابع والمشاهد … أن يسأل هذا الحزب الديمقراطي الكوردي العفريني ويقول لهم : يا جماعة الخير … فإذا كنتم مقتنعين بهذه السياسات الحكيمة للبي يي دي ، ولا توجهون إليه أي نوع من النقد والمساءلة؛ وتسكتون سكوت أهل الكهف عن سياسة كم الأفواه، وتغضّون الطرف عن زجهم بالمعارضين في غياهب السجون والمعتقلات ولا تفعلون شيئاً؟؛ وتظهرون على شاشاتهم وتحضرون ندواتهم ومؤتمراتهم وتدافعون عنهم من الباب العريض!. فلماذا تتركون سوريا كأشخاص وكحزب … وتهجرون تباعاً واحداً تلو الآخر وتسلكون طريق الهروب والهجرة…! فمنكم من كان يتكلم قبل سنوات من الشرفة العالية ويصدح ويقول: ” ((الكوردي الأصيل لن يترك وطنه وقريته)) . وحزبنا العرمرم لم ولن يترك كورداغ لأحد. فهذه هي أرض الآباء والأجداد ولن نتركها…. فهنا ولدنا … وهنا سنموت.”
طبعا هذا الكلام كان يصدر من الصف الأمامي والصف الأول والثاني للحزب الديمقراطي الكوردي العفريني قبل هروبهم إلى أوروبا. لقد هرب ثلاثة أرباع هذا الحزب الى الخارج بشيبهم وشبابهم . لكن هذا الحزب العفريني لا يزال يدافع عن سياسات وسلطات الأمر الواقع في كوردستان سوريا وإلى اليوم . وهم يرفعون شعار : لولا ال PYD لما حافظنا على وجودنا في شمال سوريا .
نعم … وأنا سأقول لهم هنا ما يلي :
– فمع وجود ال PYD … هربتم أنتم بالدرجة الأولى في الحزب الديمقراطي الكوردي العفريني من سوريا الى أوروبا ؟
– فمع وجود ال PYD نشاهد هذا الذبح الكوردي الكوردي النازف… والذي سكتم عنه … وأنتم تتحملون أيضا جزءاً كبيراً مما وصلنا اليه من مآس وجراح ؟
– فبوجود ال PYD هاجر أكثر من ثلاثة أرباع الشعب الكوردي من سوريا بشيبه وشبابه وأنتم على رأس هؤلاء المهاجرين والهارببن ؟
– مع وجود ال PYD تحولت عفرين من مدينة كوردية خالصة 100% الى مدينة أصبح فيها الكورد أقلية ، الى حانب التغيير الديمغرافي الكبير الذي حصل في المدن والقصبات الكوردية … وأنتم شهود على هذه السياسات والممارسات ومسؤولون أمام التاريخ وأمام الشعب .!
– لقد صرّح المغوار ” صالح مسلم” ذات مرّة، بأنه التقى بالكورد هنا في أوروبا، والكل عازمون ويريدون العودة الى ربوع الوطن والى أحضان الكانتونات …. فهل ناقشتم أنتم كحزب في الجبهة الوطنية ، تلك السياسات مع أصدقائكم في ال PYD حول كيفية وماهية خطط الرجوع والعودة الى الوطن .
– فمع وجود ال PYD تحول اسم كوردستان سوريا الى روجآفا … ومن ثم إلى الإدارة الذاتية … ومن ثم الى كانتون …. ومن ثم الى فيدرالية الشمال … واليوم تُعَرَّف مناطقنا الكوردية … بالمناطق الشمالية من سوريا وبرعاية قوات سوريا الديمقراطية …؟
– بوجود الPYD بقي حزب البعث والمخابرات في المربع الأمني في القامشلو .
– مع وجود ال PYD شاهدنا كل هذه الإهانات للرموز القيادات الكوردستانية والعلم الكوردستاني وتمزيق صور شهداء الكورد في المدن والمناطق الكوردية … وكانت لحزبكم حصة كبيرة من هذه الإهانات والممارسات الإيكولوجية!
– فمع وجود ال PYD اخترتم ” دهام الحميدي ” ملكاً على عرش القامشلو…. فلماذا لم يصبح أحد أعضاء حزبكم محافظاً أو قائداً أو مسؤولاً سياسياً او عسكرياً أو رئيس بلدية مثلاً في مؤسسات الحكمدارية المثيرة والكبيرة على الأقل.؟
– ومع وجود ال PYD يتصاعد هذا الغلاء الفاحش والضرائب والأتاوات والنهب والسرقة والضرب والمحسوبيات بحق شعبنا في كوردستان سوريا، وأنتم شهودٌ على ما جرى وما يجري من مصادرة لقمة العيش لهذا الشعب!
– فبوجود ال PYD … يذهب الختيارية والكهالى والعجزة إلى خنادق الموت في الكاستيلو ومنبج وجرابلس … لأن الشباب هربوا ولم يبق أحدٌ منهم هناك .
– فمع وجود ال PYD تحولت كوباني إلى متحف جائع … وأين هي تلك الجولات المكوكية الحزبية من طرفكم ، لتقييم الأضرار الناجمة عن الحرب والقيام بالنهوض في كوباني وغيرها من جديد، وماذا حلَّ بمشروع المارشال عندكم؟
– فبوجود ال PYD …. ازدادت السجون والمعتقلات والسراديب والكهوف … فعدد السجون والمعتقلات في ظل الحكمدارية العتيدة الحاكمة في مناطقنا الكردية بات أكبر منها في فترة وجود النظام..؟؟!!.
– فبوجود ال PYD نشهد هذا الغلاء الفاحش والجنوني والذي يجتاح كل المناطق الكوردية، والمواطن الكوردي بدأ يلامس حدود المجاعة ، فالغلاء الموجود في عفرين مثلاً :هو الأعلى من بين كل المناطق السورية، بما فيها المناطق المحاصرة ومناطق الحرب والقصف.
– فهل لا زلتم مقتنعين بأن البي يي دي يحمي الأرض والعرض للكورد في سوريا يا أيها الأخوة.؟
– في الأخير سنقول … والله ثم والله ثم والله …. فلولا ” PYD ” لكان العلم الكوردستاني مرفوعاً ومرفرفاً فوق كل الأسطح والمنازل والبنايات والشوارع والأزقة والجبال في كوردستان سوريا.
– فحكمدارية ال PYD تتحكم برقاب هذا الشعب، ومن ضمنهم أنتم كحزبٍ كوردي ديمقراطي عفريني ، وتقوم هذه الحكمدارية بقطع الأرزاق والأعناق معاً وأنتم من بينهم، وتقوم هذه الحكمدارية بالتحكم بمصادر رزق هذا الشعب ولقمة عيشه، وأنتم من بينهم، وتُخَيّرهذه الحكمدارية الشعب بين الانزلاق والانهيار والدفع به الى المهالك والموت … وبين ترك الاوطان والهروب الى الخارج … وأنتم من بينهم.
– أفلا تعقلون .؟