الحركة السياسية الكردية والبدائل المطروحة

حواس محمود 
 اللوحة السياسية الكردية الراهنة لوحة يكتنفها الغموض والتداخلات والتعقيدات الناتجة عن الظروف والتحولات المستجدة، وتغير التوازنات العسكرية والسياسية في الاطار السوري العام  وتشابكه مع التـأثيرات المتعددة ذات الطابع الاقليمي والدولي، الآن  من يحكم المناطق الكردية ؟ طبعا هو ال ب ي د مع النظام وهو صاحب الادارة الذاتية والأمة الديموقراطية وقواته تسمى قوات سورية الديموقراطية، هذا التنظيم الكردي يسيطر مع قوات السوتورو الاشورية والصناديد من العشائر العربية ويهمش احزاب المجلس الوطني الكردي المنضوي ضمن ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية وكذلك يهمش قوى المجتمع المدني والمثقفين والنشطاء، وقد مارس سابقا وإلى الآن ضغطا على الحراك الشبابي المساند والداعم للثورة السورية، ويعتقل أعضاء الأحزاب الكردية الأخرى ، ويمارس سياسة الحزب الواحد وأحيانا يشتبك مع السلطة التي يمثلها قوات الدفاع الوطني وله دور سلبي في تهجير الكثير من السكان الكرد في روج آفاي كردستان وعلاقاته متوترة مع قيادة اقليم كردستان متمثلة بمسعود بارزاني، وكذلك مع تركيا الأردوغانية وينسج علاقات مع روسيا وأمريكا،
لكن الامر الغامض والغريب انه لا يملك خارطة طريق واضحة تجاه الكرد ، ماذ ا يريد الحزب بالضبط ؟  ليس هناك من احد يعرف ما الذي يقصده هذا الحزب ؟  فهو لا يؤمن بموضوع الدولة القومية الكردية، وشعاره الامة الديموقراطية فيه تناقض واضح مع طروحات أخرى فهو  ينتقد المعارضة بالقول انها شوفينية مستندة الى بعض الأصوات  التي فيها والتي تتنكر للحقوق القومية الكردية المشروعة، ولكنه بالوقت نفسه يؤمن بالعلاقة مع المكونات السورية كافة ، فكيف يمكن الجمع بين هذين المتناقضين، وهو يدعي القومية بينما يرفض فكرة الدولة القومية ! وهوقد خسر قوة كبيرة من المجتمع المدني والحراك الشبابي لأنه ان تصارع مع النظام فهو فاقد للحاضنة الشعبية ، وهذا كله ناتج عن العلاقة الغير طبيعية مع النظام التي ينتقدها الكثيرون من قوى المجتمع المدني والمثقفين والنشطاء وحتى الأحزاب وبخاصة احزاب المجلس الوطني الكردي . 
ازاء هذه الممارسات التي يمارسها الب يد والعلاقات الغير طبيعية مع النظام والسياسة التي تستند للتكتيك ولا تستند للاستراتيجية، تتحرك قوى عديدة لبلورة كيانات سياسية تحاول اعادة التوازن لروج أفاي كردستان ومنها : قوى المجتمع المدني التي أصدرت قبل فترة بيانا حول الخطاب السياسي الكردي والأوضاع الراهنة في كردستان، ” دعت فيه جميع الأطراف الكردية إلى العمل على حشد طاقات الشعب، من أجل خدمة القضية الكردية العادلة ,وذلك استجابة للاستحقاق الكبير الذي تفرضه المرحلة في ظلّ المتغيرات الدولية المتسارعة ، والذي يتجسد في تقرير المصير ,بما فيه إقامة دولة كردستان كهدف نبيل أمام الشعب الكردي.
وأكد البيان على ضرورة بناء قاعدة قومية متينة , عمادها عدالة القضية الكردية, من خلال تعزيز الثقة بين كافة الأطراف السياسية ,بما يوفر علاقات يسودها الاحترام المتبادل بين أبناء شعبنا . وإعطاء الجماهير دورها الفعال بعيدا ًعن كلّ الأجندات والتدخلات، من خلال برنامج عمل محدد يواكب متطلبات المرحلة ” موقع  رحاب نيوز 1-5 -2016 
وقبل فترة نشر السياسي الكردي المستقل الأستاذ  صلاح بدر الدين  مقالا دعا فيه الى أن “
  مشروع الانقاذ والتجديد واعادة البناء يختلف عن جميع المراحل السابقة بمهامه وآلياته ووسائله ومناخه السياسي الوطني وعوامله القومية الكردية وأهدافه القريبة والبعيدة ويتخذ على ضوء ذلك أهمية استراتيجية كبرى لاتقل عن تحولات آب قبل نحو نصف قرن من الزمان لذلك من الضرورة بمكان العمل الجاد ومنذ الخطوة الأولى من أجل توفير أسباب النجاح وكما أرى عبر أخذ المسلمات التالية بعين الاعتبار
الأولى – أن مهمة اعادة البناء تخص مصير ومستقبل الشعب الكري في سوريا وهي فوق الطبقات والفئات والأهواء والأحزاب والجماعات والآيديولوجيات وتدور حول اعادة التوازن الى وجوده المهدد بالزوال وموقع حركته الوطنية المفقود وطنيا وقوميا ودورها في رسم المستقبل وتحديد المصير
 الثانية – توفر القناعة التامة بمحاذير وأضرار ماهو قائم الآن على صعيد الأحزاب من سطوة مغامرات سلطة الأمر الواقع العائدة الى تفرعات – ب ك ك – وانكفاء الأحزاب التقليدية وفشلها حتى بالحفاظ على وجودها التنظيمي والسياسي وبخطورة السياسات الحزبية المتبعة وتاثيراتها القاتلة على الوجود والحقوق 
 الثالثة – اعتبار المبادرة الراهنة في برنامج اعادة بناء الحركة الوطنية الكردية السورية محاولة في العودة الى تعزيز المشروع الوطني الكردي التاريخي واصلاحه وتقييمه فكريا وسياسيا وثقافيا وتنقيته من الأدران العالقة واعادة تعريف الحركة ومهامها وأهدافها وشعاراتها على ضوء المستجدات الوطنية والكردستانية والتأكيد مجددا على الاستحقاق الكردي في تقرير مصيره السياسي والإداري في اطار سوريا الديموقراطية الجديدة الموحدة .
. الرابعة – التأكيد على المصير الوطني الواحد على قاعدة العيش المشترك مع الشريك العربي والمكونات الأخرى في أجواء الحرية والسلم الأهلي والمساواة في الحقوق والواجبات وعدم الانجرار للدعوات المشبوهة الصادرة من الأطراف الخارجية المؤججة للصراعات ذات الطابع العنصري واتخاذ الحذر الشديد من محاولات استخدام الكرد كأداة في ضرب وحدة البلاد أو رأس حربة لتنفيذ مخططات الآخرين مع الأخذ بعين الاعتبار أن مصير بلادنا الآن بأيدي الآخرين ومصيرنا كمصير شركائنا بالوطن في حال فرض أية مخططات جديدة بالقوة وبمعزل عن ارادة شعوبنا كما حصل قبل قرن من الزمان 
. الخامسة – في مسالة العلاقات القومية اعتبار انجازات شعب اقليم كردستان العراق مكاسب قومية ناتجة عن التوافق الكردي العربي يجب الحفاظ عليها وتطويرها والتمسك بالعلاقات الأخوية مع رئاسة الاقليم التي تشكل مركزا قوميا مرموقا مجربا معنيا بشكل ايجابي بالملف الكردي السوري والوقوف الى جانب نضال الكرد في كل من كردستان تركيا وايران من أجل حق تقرير المصير وفي الحالة الراهنة يعتقد أن الشكل الأمثل للعلاقات القومية هو التنسيق والتعاون واحترام خصوصيات الآخر والتشديد في الحفاظ على الشخصية الوطنية الكردية السورية المستقلة ورفض أي الحاق قسري أو أي تجيير لقضية كرد سوريا لمصالح أحزاب وجهات في صراعاتها الخاصة كما تقوم بها الآن قيادة – قنديل – لحزب العمال الكردستاني التركي . 
السادسة – المشروع الراهن ليس عملا انقساميا كما كان الحال في صراعات الأحزاب بل هو عمل فكري ثقافي سياسي متمم ومكمل للمسيرة التاريخية المتجددة في الحركة الكردية وهو جهد عقلاني غير مغامر وطويل النفس غير متسرع نابع من مصالح الشعب الكردي ومعبر عن الغالبية الساحقة ليس اختراعا لفرد أو مجموعة محددة والكل مشارك فيه مباشرة أو غير مباشر وبما يتعلق الأمر بي فلست الا أحد حاملي المشروع وأقولها بكل وضوح فان مساهمتي مؤقتة بحكم وضعي الخاص لن تتعدى الخطوات الأولى الأساسية وبعد وضع المشروع في الأيدي الأمينة من بنات وأبناء شعبنا ومناضلينا وناشطينا وما أكثرهم .
الاقتناع بتلك المسلمات والاجماع حولها يشكلان الخطوة الأولى تجاه تحقيق اعادة البناء ” صلاح بدر الدين ” في مسلمات اعادة بناء الحركة الكردية السورية – موقع ولاته مه  الكردي 14 – 9-2016 
وبكل تواضع فإن كاتب السطور قد اعلن منذ اكثر من سنتين عن مبادرة ثقافية كردية ، ركزت على ضرورة الخروج من الأزمة الكردية الراهنة المزمنة، ازمة الوعي وأزمة الايديولوجيا وأزمة التسلح وأزمة الأجندات المختلفة ، نحو القرار الوطني الكردي المستقل ونحو التشارك المدني الديموقراطي ، مع جميع مكونات الشعب السوري ، وتتلخص المبادرة بتشكيل اطار جامع كبير ثقافي فكري كردي ، يشارك فيه جمع غفير من باحثين ومفكرين وكتاب وإعلاميين ورجال دين متنورين وفنانين وحقوقيين وكل القطاع الفني والثقافي للعمل كخلية نحل نشطة سواء من خلال الانترنت وبرامجه المتعددة تويتر يوتيوب فيسبوك ومواقع الكترونية، والوصول مستقبلا بعد نجاح الفكرة الى انشاء موقع الكتروني ضخم  مستقل، بمساعدة بعض الميسورين الكرد أو بجهود هؤلاء النشطاء، وعلى الأرض بالتركيز على الاستقلالية وضرورة تنوير الرأي العام الكردي بجسامة الوقوع في الخطأ الجسيم الذي تقع فيه الأحزاب الكردية وتجنيب الكرد ويلات الأيام والشهور والسنين القادمة  
هذه المبادرات وهذه الخطوات في ظل نقد لاذع من قبل العديد من حملة الاقلام الكردية والقوى الوطنية الكردية في ظل انكشاف القوى الكردية التقليدية وعجزها عن القيام بمهام العمل القومي الكردي والعمل الوطني السوري، اقول ان هذه المبادرات تعتبر ردا موضوعيا على حالة التقاعس الراهنة وكذلك الارتباك السياسي والتخبط وعدم وضع  سياسات استراتيجية تستطيع رسم دروب العمل السياسي الكردي الناضج والمتبلور ، لقد دفع الكرد وبدفعون وسيدفعون  تكاليف باهظة من حياتهم وتشردهم ومعاناتهم وفقرهم وحصارهم وحتى من أراضيهم التي سكنوها عبر آلاف السنين ، لكنهم سيعودون الى تحقيق آمالهم وطموحاتهم المستلبة منهم عبر أنظمة القمع والعسف والاستبداد، إلا ان ذلك سيستغرق وقتا، وحالة الصراع بين القديم والجديد، وبين التقليدي والمعاصر، بين الجاد، والمنافق ، بين الوطني  والانتهازي، ستستمر الى فترة قادمة طويلة نسبيا، لأن كمية التشرب بالإرث الاستبدادي والثقافة التقليدية  – التي هي مصنع الطغاة والمستبدين – هي كمية هائلة وفظيعة جدا تحتاج لجهود هائلة من الكرد ومن السوريين للقيام بإعادة بناء الانسان عبر التربية والإعلام والثقافة والجامعات والأكاديميات والمحاضرات والندوات وجميع النشاطات التوعوية الجادة والهادفة، سيقوم بها خيرة ابناء سورية كردا وعربا آشوريين وشركس وارمن ودروز  . . . الخ بحيث يشمل كل المكونات السورية لإنهاء نظام الاستبداد والطغيان و لبناء سورية تعددية ديموقراطية برلمانية  .. 
…………………………………………………………………….

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نارين عمر تعتبر المعارضة في أية دولة ولدى الشّعوب الطريق المستقيم الذي يهديهم إلى الإصلاح أو السّلام والطّمأنينة، لذلك يتماشى هذا الطّريق مع الطّريق الآخر المعاكس له وهو الموالاة. في فترات الحروب والأزمات تكون المعارضة لسان حال المستضعفين والمغلوبين على أمرهم والمظلومين، لذلك نجدها وفي معظم الأحيان تحقق الأهداف المرجوة، وتكون طرفاً لا يستهان به في إنهاء الحروب…

محمد زيتو مدينة كوباني، أو عين العرب، لم تعد مجرد نقطة على الخريطة السورية، بل تحولت إلى رمز عالمي للصمود والنضال. المدينة التي صمدت في وجه تنظيم داعش ودفعت ثمنًا غاليًا لاستعادة أمنها، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍ جديد وأكثر تعقيدًا. فالتهديدات التركية المتزايدة بشن عملية عسكرية جديدة تهدد بإعادة إشعال الحرب في منطقة بالكاد تعافت من آثار النزاع، ما…

بوتان زيباري كوباني، تلك البقعة الصغيرة التي تحوّلت إلى أسطورة محفورة في الذاكرة الكردية والسورية على حد سواء، ليست مجرد مدينة عابرة في صفحات التاريخ، بل هي مرآة تعكس صمود الإنسان حين يشتد الظلام، وتجسيد حي لإرادة شعب اختار المواجهة بدلًا من الاستسلام. لم تكن معركة كوباني مجرد مواجهة عسكرية مع تنظيم إرهابي عابر، بل كانت ملحمة كونية أعادت…

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…