تاريخ الدولة الإيرانية الملوث بالدم

صفية عمر*
وفي ظل الظروف العسكرية والسياسية الخطيرة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وخاصة الدولتين السورية والعراقية وما تتعرض لها شعوب هاتين الدولتين نتيجة حروب طاحنة بين القوى العسكرية المختلفة والمتصارعة تنفيذاً لاجندات دولية وإقليمية خطيرة وتشويه الثورات التي قامت لمواجهة الاستبداد وتحويلها الى صراعات طائفية زادت من تفتيت المجتمعات القائمة وتقسيمها على أسس طائفية وقومية . وان للدولة الاسلامية الإيرانية دورها المميز في المنطقة وفي العالم ومنذ نشوئها في تأجيج الصراعات وتفعيل الأزمات واستثمار الأزمات القائمة لمصالحها من خلال تدخلها المباشر في شؤون كل الدول واستثمار وتوظيف كل شيعة العالم في خدمة أجنداتها السياسية ومصالحها القومية الفارسية وقد زاد هذا التدخل وبشكل مباشر بعد أندلاع الثورات الشعبية في المنطقة وخاصة الثورة السورية والتي كانت يمكن ان تغير خريطة منطقة الشرق الأوسط وهذا ماكان سينعكس على مصالحها بشكل مباشر .
ان ما تعرض له الشعب الكردي عبر التاريخ ولازال يتعرض له من انتهاك كامل لحريته القومية والإنسانية المسلوبة في ظل تهميش كامل لحقوقه وتعرضه للكثير من القتل والتهجير والعنف و يتعرض الان لهجمات برابرة العصر تنظيم داعش الاٍرهابي من جهة ومن قتل ممنهج لشبابه عبر الاعدامات اليومية  في الدولة التي تسمي نفسها الاسلامية  في ظل صمت دولي وإقليمي وحتى احيانا من قبل الكرد وقواه السياسية تبعاً لمصالح وأجندات معينة .
ان قيادات الجمهورية الاسلامية الإيرانية ومنذ نشوؤها وعند قيام الثورة الاسلامية في إيران وعدت الكثير من اجل استقرار المنطقة وحل مشاكل الكثير من الشعوب من اجل حقوقها القومية ومنها الشعب الكردي وهذا ما دفع كل الشعوب الإيرانية بالمشاركة الفعالة في الثورة الإيرانية و لمجرد نجاحها وتحقيق أهدافها في إسقاط الشاه الإيراني ووصول القيادات الإسلامية الجديدة الى طهران واستلام الحكم انقلبت على المفاهيم التي انطلقت من اجلها الثورة وبدأت بالتوغل في الشؤون الداخلية للمنطقة  والعالم بشكل كامل وبدأت بحربها الحقيقية ضد الشعب الكردي في كردستان ايران وقتلت قياداتها في اوربا ومنهم الشهداء الدكتور عبد الرحمن قاسملو وصادق شرف كندي وغيرهم من القيادات الكردية من خلال عمليات ارهابية نفذتها المخابرات الإيرانية  ، الأمر الذي أدى إلى زيادة العنف ضد الشعب الكردي ،وتشهد إيران  اليوم الكثير من الانتهاكات بحق الشعب الكردي من قبل النظام الفارسي في ايران  وهذه الانتهاكات أدت إلى اندلاع العديد من الثورات المسلحة ولازالت مستمرة واندلاع التظاهرات الشاملة في كل المدن الكردية وكانت آخرها التظاهرات العارمة التي عمت مهاباد والعديد من المدن الكردية والتي تم إخمادها بالعنف المفرط من قبل المخابرات والجيش الإيراني في ظل الصمت الدولي والاقليمي ، الأمر الذي دفع بالسلطات الإيرانية إلى إلقاء القبض على الناشطين والمقاتلين الكرد واتهامهم بالعصيان والتمرد على الدولة وإصدار أحكام عرفية تؤدي بهم إلى حبل المشنقة حيث تقوم الدولة بإعدامهم على الملأ ، هذه الاعدامات التي طالت الآلاف من الشباب الكردي وبشكل يومي وحتى أصبحت ظاهرة عادية وكأنها تمثيلية وفلم من أفلام الرعب في عموم إيران .
هذه الأحكام التي لا تمت للإنسانية  بصلة ومنافية للقيم الأخلاقية وحقوق الأنسان والتي تتسم بجرائم الإرهاب ضد الشعوب .
إن الاعتقالات التي يشنها الحرس الثوري بين الحين والآخر ضد الناشطين والتي بدأت بالتزايد منذ عام 2012 حيث يقومون بزجهم  في السجون ودفعهم إلى تقديم اعترافات تحت التعذيب ثم الحكم عليهم بالإعدام شنقا ، ماهي الا مخاوف إيران من المستقبل الكردي المشروع الذي يرأسه السيد الرئيس مسعود البرزاني في إعلان الأنفصال عن حكومة بغداد وتتويج دولة كردستان المستقلة بدلا عن الإقليم وخوفا من امتداد هذا المستقبل إلى أراضيهم .
حيث يعمدون إلى اتهام الرئيس مسعود البرزاني بالتدخل في الشؤون الداخلية  الإيرانية وكان آخر هذه الاتهامات ما ادلى به مستشار رئيس النظام الفارسي في ايران ، في ظل التدخل الإيراني الفظيع في شؤون المنطقة عموماً ومنها في شؤون إقليم كردستان العراق عبر دعمها لبعض الأطراف التي تسعى إلى خلق توترات ومشاحنات في الإقليم في الوقت الذي تسطر البيشمركة ملاحم البطولة في مواجهة الاٍرهاب الداعشي وفي عملية تحرير الموصل وبدمائهم الذكية يرسمون حدود كردستان ويعيدون بارادتهم الفولاذية وبمعنوياتهم العالية وبقيادة الرئيس البرزاني مباشرة الحرية لشعبنا والامل لكل الشعب الكردي في الأجزاء الأربعة .
إن تاريخ الجمهورية الاسلامية الإيرانية الملوث بدم الشعوب والمبني على الجرائم والانتهاكات الخطيرة بحق الشعب عموما ومنها شعبنا الكردي في ظل الصمت الدولي ، هذا الصمت يعد مساهمة ودعماً  للأنظمة الديكتاتورية  عموماً وخاصة ديكتاتورية النظام الإيراني ويدفعه إلى ارتكاب المزيد من الجرائم بل والتمادي في انتهاكاته الفظيعة وهذا سيدفع المنطقة الى المزيد من التوتر والشرخ وسيكون أمام الشعب الكردي كل الخيارات التي  تحقق أهدافه ومصالحه وليتمكن من الدفاع عن نفسه ويحمي قضيته وشبابه .  
 
* عضو ممثلية أوربا للمجلس الوطني الكردي 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…