من وراء محنة الكــــــور في سوريا

أحمــــــــد قاســـــــــم
أتوجه راجياً من أصحاب الشأن وأهل الكتابة أن يكتبوا بواقعية وموضوعية عن سوريا وأزمتها, وكذلك عن الكورد وحقوقه, إضافة عن الشريك الذي يمكن التفاهم معه لبناء سوريا المستقبل. ومن أجل ذلك أود أن أنبه عن بعضٍ من الأمور المهمة والخطيرة:
1ـ من المسلم به, على أننا نحن الكورد في كوردستان سوريا لايمكن أن ننفصل عن سوريا في ظل هذه الظروف ولأمد منظور. ومن أجل الحصول على حقوقنا المشروعة في إطار دولة سوريا المستقبل, و بالتوافق مع القوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة, يجب أن نتوافق ونتفاهم على تلك الحقوق مع من سيشاركنا في هذا الوطن مع المكونات الأخرى, وخاصة المكون العربي.
ومن أجل ذلك, إتخذ حزبنا ( الحزب الديمقراطي التقدمي الكوردي في سوريا ) كهدف إستراتيجي العمل مع القوى الديمقراطية في البلاد, حتى ولو كانت تلك القوى أشخاصاً ورموزاً من النخب طوال أكثر من عقدين من الزمن, وأثمر ذلك منتوج لهذا النضال المتواصل عن تشكيل إطار للمعارضة وأعلن عنها عام 2005 بما سمي بـ( إعلان دمشق ) حيث نُصِبَ الأستاذ عبد الحميد درويش سكرتير حزبنا نائباً لرئيس الإعلان في حينها, نظراً لمصداقية نضالنا الذي كان يهدف في جوهره التغيير الديمقراطي في البلاد وتحقيق الحقوق الكوردية المشروعة, وذلك وفق دستور توافقي تتوافق عليه مكونات الشعب السوري. هذه الإستراتيجية كانت من ثوابت نضالنا الوطني والقومي في البلاد, وكان لحزبنا الدور الريادي في تشكيل دائرة للمعارضة الديمقراطية في البلاد يؤمل عليها كل السوريين.
2ـ بعد إنطلاق ” ثورة الحرية والكرامة ” يبدو أن الثوابت إهتزت من مواقعها, ودفعت بالحركة الكوردية باتجاه الإنعزال, مع نهوض الحركة الشبابية في الشارع الكوردي والإنضمام بشكل فاعل إلى الثورة وتشكيل تنسيقيات لإدارة التظاهرات الجماهيرية تجاوباً مع شعارات الثورة, والتي كانت تهدف إلى تغيير ديمقراطي في البلاد… لكن يبدو أن النظام إتجه باتجاه الحركة السياسية الكوردية ليساوم معها ” معتمداُ لعبة العصا والجزرة “, حيث طرح عليها على أنه سيحسن من وضع الكورد لاحقاً فيما لو إتخذ الكورد موقف الحياد من الثورة وعدم إنخراط الشباب إلى صفوفها, مع توصيف الثورة بحركة مؤامراتية ضد الوطن مدعومة من العديد من الدول الإقليمية ومن ورائهم الولايات المتحدة الأمريكية, وبالتالي أن المؤامرة تستند إلى دفع كل المجاهدين في العالم نحو سوريا للقيام بأعمال إرهابية تهدف ذلك الموقف الوطني للنظام ـ وذلك وفقاً لإدعاءات النظام ـ, ومع هذا الوصف تم تهديد الحركة بالمجمل ” على أنه سيضرب بيد من حديد كل المناطق الكوردية إن إنضمت الحركة إلى صفوف الثورة, أو تعاونت مع المعارضة ” ( والتي وصفت بالمعارضة اللاوطنية ), إضافة إلى تسمية المعارضة الخارجية بالمتآمرين والخونة والمرتزقة, إلى ما هنالك من أوصاف لاتليق إلا بالنظام نفسه. لكن ومع ذلك تشكل المجلس الوطني الكوردي في سوريا, واتخذ جملة من القرارات والأهداف تليق بالحركة السياسية لإدارة المرحلة. إلا أن فصل حزب الإتحاد الديمقراطي وجعله طرفاً في مواجهة المجلس وبقوة السلاح, أعتقد كانت ضربة موجعة وشديدة التأثير على مجمل نضالات شعبنا على المستويين السياسي والجماهيري. لكن, كان ولا بد من إكمال الهيكل الواجب بنائه مع المعارضة بعكس ما هدد النظام إن تم ذلك. فكان إنضمام المجلس إلى الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة خطوة مهمة في مسيرة حركتنا السياسية, والتي توجت في إرسال وفد مُمَثَل إلى جنيف2 ليكون مشروع الكوردي على طاولة المفاوضات تحت مظلة دولية بقوة… إلا أن الملفت, فإن الكثير من تم تجنيدهم في غرفٍ مظلمة لمهاجمة الإئتلاف والوفد الكوردي.. حيث تم تسمية ( الإئتلاف بالإعتلاف, وكذلك المعارضة الخارجية بالمرتزقة وأخونجية والشوفينية ومعارضة الفنادق…) أما الذين وقفوا في وجه النظام في الداخل ( بالإرهابيين والمجرمين والمتشددين الإسلامويين.. إلى ما هنالك من تسميات لا حدود لها من التشويه ). والغريب في الأمر, أن مساحة واسعة من قواعد الحركة الكوردية, وكأن تلك الأوصاف أعجبتهم, فباتوا يرددون مع النظام بتوصيف المعارضة بتلك الأوصاف البذيئة.
الملفت في أن ومنذ فترة هناك الكثير من الأقلام المؤثرة من الكورد باتت تكتب وتنشر تلك السموم خدمة للنظام, ومن ورائه القوميين الشوفينيين والإسلامويين المتطرفين أيضاً, عندما يقتلون الشريك المفترض في بناء البلاد مستقبلاً, وذلك عند إتهامهم بالإسلامويين المتطرفين والشوفينيين, وخاصة ( إئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ). يعني ذلك ما يعنون هؤلاء, على أنهم باتوا يقفون إلى جانب النظام بشكل واضح, وأكثر من ذلك يدافعون عنه عن طريق تأكيد مواصفات النظام للمعارضة… وهنا يكمن الخطر, وهو, أن الكورد لو أسلموا أمرهم لمثل هذا الخطاب, يعني أن الشعب السوري المعارض للنظام خالٍ من أية قوة ديمقراطية تهدف إلى بناء سوريا المستقبل على أسس ديمقراطية مع الإعتراف بحقوق الكورد.. ومعنى ذلك, أن الشعب السوري ضد طموحات شعبنا الكوردي وحقوقه القومية, ليبقى النظام ومن معه الذي أنكر علينا حقوقنا طوال ستة عقود وأكثر, ليبقى خيارنا الثالث الذي يعزلنا في زاوية مجهولة المصير. وفقاً لرؤية هؤلاء الكتاب من ” النخبة ” الكوردية, علينا أن نبتعد عن المعارضة السورية, وذلك تنفيذاً لما طرح النظام على الحركة السياسية الكوردية, وهنا قد شاركنا في إضعاف القوى الديمقراطية الوطنية بين المعارضة بشكلها العام وتركناها أسيرة بين يدي الإسلامويين والشوفينيين من المعارضة, وذلك تلبية لرغبات الإسلام المتطرف والقوميين والنظام معاً, وخسرنا معها الحليف الذي قد يقف معنا غداً في سن دستور جديد للبلاد يحقق فيه حقوق شعبنا.
أعتقد, أن كل من يذهبون باتجاه الوقوف ضد المعارضة بحجة أن المعارضة لا تلبي رغباتنا في الحقوق القومية لشعبنا ” هو قول الحق يراد به باطل. لكون أن هناك العديد من الشخصيات والرموز في المعارضة, والذين تبوأوا مناصب متقدمة فيها أعلنوا عن موقفهم المشبوه من الكورد, وذلك خدمة أيضاً لقوى الإرهاب والنظام معاً, هذا لا يعني أن المعارضة خالية من القوى الأخرى التي تعترف بحقوق الكورد وتسعى إلى دولة إتحادية ديمقراطية”. حيث أن هناك فئة كبيرة من المعارضة تؤيد حقوق شعبنا فكرياً وموضوعياً وأخلاقياً.. ونحن من واجبنا أن نبحث عنهم ونتعب عليهم ونناضل من أجل تقوية عودهم لمواجهة الآخر والمعارض الحقيقي لقضيتنا القومية في البلاد.. وإلا, عندما نؤكد على دستور توافقي وشراكة وطنية, فهل ستأتون بهؤلاء من السماء, الذين ستتوافق معهم وستشاركهم في بناء الدولة؟ أم أن هناك من يدفعك إلى التهور تحت ستار وكأنك في ذلك حريص على حقوق شعبك مع ترددك لخطاب النظام تجاه المعارضة وبشكل مشوه !!!؟؟؟
31/10/2016

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…