البارتي ثورة داخلية وتصحيح المسار

ساروخان السينو / روسيا
لا يخفى على المتتبعين للشأن الكُردي بشكل عام والشارع الكُردي بشكل خاص، ولا سيما الملتزم بأحد الأطراف وبات كالذي تاهت الاتجاهات من امام عينيه لتفاصيل ما حدث في الحزب الديمقراطي الكُردي في سوريا (البارتي) أبان تأسيس المرجعية السياسية الكُردية بقيادة الرئيس مسعود البارزاني في هولير بين المجلسين الكُرديين (المجلس الوطني الكُردي – مجلس غربي كُردستان) بقصد تقارب المجلسين وانهاء الخلافات ووضع آلية لأداء المجلسين في كُردستان سوريا. لكن بسبب تهرب الأخير من كل الاتفاقات الكُردية والذي يتحمل بذلك المسؤولية الكبرى فيما آل إليه الوضع الكُردي والانقسام الواضح في الشارع، فعند التصويت لقائمتي المجلسين كان حزبنا احد اطراف المجلس، وقام سكرتير حزبنا الأستاذ “نصرالدين إبراهيم” بالتصويت لصالح قائمة (TEV DEM) دون اخذ رأي رفاقه في اللجنة المركزية أو أعضاء المكتب السياسي حيث استفرد بالقرار لنفسه مختزلا الحزب في شخصه، كما أنهى الثقة الموجودة بينه وبين اطراف المجلس مخترقاً قوانين المجلس في مثل هذه الحالات
وقد سجل الرفاق سوابق لشخص السكرتير في التفرد بالقرارات وتعود بعضها الى مؤتمر الحزب عام 1998 وموقفه الضبابي من الثورة السورية منذ البدايات ورفضه مشاركة الحركة الكُردية في سوريا بشكل عام والحزب بشكل خاص في المظاهرات وتوجهه إلى مؤتمر القاهرة الى غير ذلك من الاسباب التي تراكمت وانفجرت حين تأكد الرفاق أن خط الحزب بات في خطر محدق ومتجه الى محور لا يمثل توجهات وتطلعات الحزب بشكل عام وتوضح ذلك في تصويت السكرتير لعكس المجلس الذي يتمركز فيه، وعلى إثرها تم اتخاذ قرار بحق حزبنا إلى جانب حزبي “الوحدة والوفاق” وطردهم من المجلس، من جانبها رفضت اللجنة المركزية للحزب جملة وتفصيلاً تفرد السكرتير بالقرارات وقرار المجلس الوطني، وبسبب تعنت سكرتير الحزب في اقصاء رفاقه واتخاذ قرارات تصب في وجوده في المحور الجديد المتمثل بمجلس غربي كُردستان. اشتعل البيت الداخلي للبارتي، فكانت ثورة داخلية ان صح التعبير، حيث بادرة القاعدة الحزبية للبارتي بإشعال فتيلتها الأولى وطالبت بمحاسبة السكرتير وحتى طرده من الحزب، وفي ذلك السياق قامت اللجنة المركزية بسحب الشرعية من سكرتيرها السابق الذي حضر اجتماع المرجعية الأولى كطرف محسوب على مجلس غربي كُردستان، لكن البارتي قيادة وقاعدة تلك المحسوبية على المجلس الآخر لأنه طرف مؤسس في المجلس الوطني الكُردي ولم يعهد البارتي في اخلاقياته ان ينتقل من محور لآخر لكسب لامتيازات أو أن يساند طرف كُردي ضد الآخر في وقت نحن أحوج فيه إلى التقارب بدل التنافر. 
ان بدء الصراع في البارتي كان من منطلق فكرية بحت ومنطلق اخلاقي لم نعهده في اخلاقيات الحزب منذ التأسيس وحتى الآن ولم يكن قط خلاف تنظيمي كما تم الترويج له، وتمثل الوقوف في وجه السكرتير المتسلط والذي اراد من تلك الخطوات تغيير مسار الحزب و خطه حيث تقرب من حزب (حزب الاتحاد الديمقراطي – PYD) وأعطى مساندته وموافقته للكثير من القرارات لإدارتهم المعلنة في كُردستان سوريا، كما ساند بمواقفه المضادة شراكة المجلس الوطني الكُردي كشريك فعلي في كُردستان سوريا مما أثار حفيظة قاعدة البارتي أكثر من ذي قبل وارغمتهم على وضع قرار طرد السكرتير على طاولة اللجنة المركزية وصدر القرار بأغلبية اللجنة المركزية تمثل في سبعة أعضاء من القيادة من أصل عشرة (4 مكتب سياسي – 3 لجنة مركزية). مع وقوف الأكثرية الساحقة من اللجنة المنطقية والفرعية واغلب من ثلثي القاعدة التي تبنت مشروع تصحيح المسار والثورة في وجه السكرتير وقراراته المجحفة بحق الرفاق والحزب على حدٍ سواء، وللأسف لم يحترم السكرتير رأي الرفاق ولا قرارهم وزاد في تعقيد الموضوع حين عقد مؤتمراً غير شرعياً في عامودا مع عضوين من اللجنة المركزية والمقربين منه مع مجموعة قليلة من كوادر البارتي الذين التحقوا به وكأن هناك مؤامرة ضد شخص السكرتير دون ان ينتبهوا لتغيير مسار الحزب وخطه. و مع مرور الوقت شعر الكثير من الكوادر بأنهم في المكان الخطأ وان توقعاتهم بوجود مؤامرة على الحزب والسكرتير من قبل اغلبية اعضاء اللجنة المركزية لم تكن في محلها ويعد الحزب وقرارات مؤتمره يمثل إرادتهم ونهجهم الأصيل (نهج البارزاني الخالد) الذي استخدمه شخص السكرتير حسب الحاجة والضرورة لذر الرماد في عيون الرفاق وابقائهم مواليين لشخصه لا اكثر، ولم تتوقف الثورة في تصحيح المسار وقدمت مجموعة من الكوادر استقالاتها بعد ان خاب أملهم في السكرتير وقيادته التي لم تستجب لاقتراحاتهم في الانسحاب من ما يسمى بالتحالف الوطني الذي كان يجد نفسه خطاً ثالثاً وتبين أنه الخط الأول المساند للإدارة الذاتية في كُردستان سوريا، كما طالبوا السكرتير وقيادته الإ شرعية بتحديد موقف الحزب من تحالفاته الكُردستانية وعدم الاعتداء على أي رفيق وتنفيذ اجراءات مزاجية لا تمت للنظام الداخلي بشيء. لكن استمر السكرتير المتفرد الذي لا يرى الصحيح إلا في شخصه كصاحب امتياز حصري لهذا الحزب ودون العودة الى قيادته المنتخبة في مؤتمره الغير شرعي في 15 نيسان عام 2015، وهذه الحقيقة وصلت إلى جميع رفاق البارتي واستوعبوا بعد رفع مقترحات تصحيح المسار أنه يقول لهم بالعامية (اذا ما عجبكم بلطوا البحر) واستقال خيرة كوادر البارتي من مرشحي اللجنة المركزية واعضاء اللجنة المنطقية مع مجموعة الفروع و القواعد، وبالعودة إلى أساس المشكلة سنجد كما نوهنا آنفاً أن مشكلة البارتي كانت فكرية وهي حقيقة ثابتة ومن يود أن يتأكد فليتابع مناشير الحزب والتحالف وتصريحات السكرتير الى اين تصب . 
أخيراً: البارتي صحح مساره منذ أن سحب الشرعية من شخص السكرتير وخروج اغلب قيادة الحزب و كوادره من تلك المظلة الوهمية التي ظلل بها شخص السكرتير الحزب بأكمله منذ عام 1998 وهو يتمحور في محاور تحمي شخصه وتؤمن مكتسباته وفي حقيقة الامر هي بعيدة كل البعد عن محور الحزب الاساسي. الآن والبارتي يتوجه الى مؤتمره الحادي عشر سيكون باب الحزب مفتوح أمام كوادره المستقيلين وامام كل رفيق توصل الى حقائق تثبت انه ليس في مكانه الطبيعي، بذلك سنضع البارتي في مساره الصحيح ليلعب دوره الريادي في الساحة الكُردية وضمن المجلس الوطني الكُردي حيثُ المطالب الكُردية الواضحة.
. عاش البارتي – عاش نهج البارزاني الخالد 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…