ما الأسباب التي يدفع بالبيدا إلى عدم قبول الآخر المختلف

دلكش مرعي
إن الجواب على هذا السؤال تكمن في البنية العقائدية الماركسية لهذا الحزب فكل الأحزاب العقائدية ومهما اختلفت توجهاتها الفكرية والإيديولوجية تلتقي في نقطة واحدة تكمن في إدعائها بأن كل الأفكار والفلسفات والعقائد في هذا الكون هي خاطئة وضارة للبشرية ومتخلفة وظالمة إلا عقيدتها وحدها هي التي تمتلك الحق والحقيقة  فمشروعهم كوني أممي يهدف إلى تغير كل العالم وليس تغير منطقة محددة بعينها وهذا التوجه هم يعلنوها صراحة عبر وسائل أعلامهم وعلى لسان مسئوليهم بأن هدفهم هو تغير الشرق الأوسط بأكمله بل والعالم بأكمله وليس غربي كردستان وحدها .. أي يمكن القول بأنهم مصابون بداء الشمولية حتى النخاع ويرفضون أي نقد أو تقيم علمي لممارساتهم السياسية وحين يتعرض تجاربهم الفاشلة للنقد يتهم الناقد بالخيانة والعمالة والإساءة لعقيدتهم الماركسية المقدسة 
فهم يصرون على السير في نفس المسار السياسي العقائدي دون أي تغير والعيش في قالب جامد معلب وأبدي ممنوعٌ من الجدل فالديمقراطية لدى الأحزاب العقائدية تقاس بمعاير الشمولية وليس بمعاير النقد الديمقراطي الحر المفتوح المعتمد على التقييم العلمي الدقيق ومراجعة ما تحقق وإزالة السلبيات زد على ذلك فهو حزب نفعي – بركماتي – .. فحسب – لينين – يستوجب على الكادر الماركسي قراءة جميع الفلسفات شرط أن يضعها في خدمة الفلسفة الماركسية وأن يتعامل مع الجميع ولكن بشكل تكتيكي مؤقت وأن يكون هذا التعامل ذو نفع يصب في خدمة الحزب وأهدافه وتوسعه فكما هو معروف فقد تحالف – ستالين – في الحرب العالمية الثانية مع الدول الغربية التي كان يعتبرها من ألد أعداء البشرية  .. وأطلق يد شاه إيران للقضاء على جمهورية مهاباد مقابل الغاز الإيراني – وزود خلفائه نظام صدام بالأسلحة الفتاكة لقتل الشعب الكردي بالرغم من إدعائهم بأنهم مع حق تقرير المصير للأمم والشعوب ومن يدقق النظر في سياسات حزب العمال الكردستاني وفروعه في كردستان سيلاحظ بأنه قد سلك نفس النهج فقد تعامل مع النظام السوري الدكتاتوري في البداية واستفاد من النظام في توسيع قاعدته الحزبية والآن تعامل معه لتوسيع قاعدته العسكرية .. وكان يهادن النظام التركي في بعض الأوقات ويشارك جناحه السياسي في انتخابات البرلمان التركي الدولة الغاصبة لكردستان الشمالية والآن يتعامل مع الامبريالية الأمريكية التي كان يعتبرها في أدبياته السياسية عدوة البشرية كل هذا التوجه هو تكتيكي نفعي هدفها تحقيق أهداف العقيدة الأممية لهذا الحزب… 
فمن يراهن بأن هذا الحزب سيعود إلى محيطه الكردي وسيتعامل مع الحراك السياسي الكردي من أجل ضمان حقوق هذا الشعب فهو واهم إلا إذا أصاب هذا الحزب الضعف والوهن ففي هذه الحالة ربما يعود ولكن بشكل تكتيكي ومؤقت حتى يستعيد أنفاسه .. 
فقد تسبب سياسات هذا الحزب في تدمير أكثر من أربعة آلاف قرية في شمال كردستان وتشريد ساكنيها من الكرد وفي الفترة الأخيرة تسبب في تدمير العديد من المدن الكردية في تلك الجزء أما في غربي فقد تسبب عبر ممارساته السياسية الخاطئة في تشريد معظم الشعب الكردي ومعظم الجيل الشاب ومع ذلك كله فهو مستمر في هذا النهج الخاطئ ولم يعرض تلك السياسات للتقييم والنقد العلمي – ولن يفعل ذلك – وهذا النهج كان سائداً في الإتحاد السوفيتي السابق وتسبب في انهياره …

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…