كوهدرز تمر
نفي المعارضين و الثائرين بوجه المحتل و المستبد قديمة قدم البشرية ، و هو تهجير و طرد للإنسان من أرضه و إبعاده عن عائلته و أهله ، طبقت قديماً بدل الإعدام ، و امتدت أحياناً إلى نفي شعب أو مجموعة بشرية كاملة ، كما نفى الملك البابلي نبوخذ نصر الشعب العبري إلى العراق عند إسقاطه دولتهم ، و نفى ستالين شعوباً كما الكورد في نخشجوان و شوشا ومناطق كوردستان (الحمراء) حيث كانت تسمى في عهد سلفه لينين ، إلى شتى بقاع الإتحاد السوفيتي السابق .
و قامت السلطات العثمانية بنفي قادة ثورات كوردية منهم أمير إمارة بوطان بدرخان بك الآزيزي و عائلته إلى استنبول و الشيخ عبيد الله النايري إلى إزمير و من ثم وافقوا على انتقاله إلى مكة حيث توفي و وري جثمانه الثرى هناك ، و مُنِعُوا من العودة إلى كوردستان.
و نفت السلطات الفرنسية المنتدبة على سوريا السياسي الكوردي أوصمان صبري إلى فلسطين و من ثم مدغشقر إلا أنها سمحت له بالعودة ، و نفى الإنكليز القائد الكوردي الشيخ محمود الحفيد إلى بغداد بعد القضاء على ثورته و مملكته التي أعلنها ، حيث توفي بعد قرابة 30 عاماً في العاصمة العراقية .
النظام البعثي السوري قام بتهجير الكورد عبر سياسات خبيثة و نفيهم على أرضهم عبر تجريدهم من كامل حقوقهم المدنية و السياسية و تجويعهم و استقدام مستوطنين عرب إلى أرضهم بغاية تعريبها ، و استمر في تلك السياسات حتى بداية الثورة السورية في آذار 2011 حيث عانى الكورد الأمرّين على يديه كما سابقيه من الأنظمة العربية الشوفينية .
بعد خروج النظام من معظم المناطق الكوردية في غربي كوردستان و استلام حزب العمال الكوردستاني عبر جناحه في سوريا حركة المجتمع الديمقراطي لدفة السلطة بقوة السلاح و فرض قوتها العسكرية و أسايشها كسلطة أمر واقع ، قامت باعتقال و تهديد و ترهيب المعارضين لها وصلت إلى حد الاغتيال ، و منذ عامين بدأت تطبق النفي القسري بحق السياسيين و النشطاء المعارضين لها و بعض الإعلاميين و أبعدت كثيرين منهم إلى إقليم كوردستان و تركيا أولهم كان بشار أمين عضو المكتب السياسي للديمقراطي الكوردستاني -سوريا .
و آخر هذه الاساليب الاستبدادية كان اعتقال و نفي ابراهيم برو رئيس المجلس الوطني الكوردي و سكرتير حزب يكيتي الكوردي إلى إقليم كوردستان و تهديده بالقتل إن حاول العودة مرة أخرى .!؟
النفي القسري عقوبة منافية لحقوق الإنسان و ميثاق جنيف الرابع الذي تم توقيعه بعد الحرب العالمية الثانية ، و هو نوع من أنواع تهجير السكان الأصليين بغاية تغيير ديمغرافية أرضهم و وطنهم و استمرار لمخطط محمد طلب هلال و من ثم البعث و نظام الاسد لتفريغ مناطق غربي كوردستان من الكورد عبر التهديد و الوعيد و الاستيلاء على الممتلكات و النفي و الإفقار و التجويع و التجنيد الإجباري حيث فرّ و غادر طوعاً آلاف الشباب الكورد جراء هذه السياسيات .
تطبيقها على الكورد من قبل جهة سياسية تدعي أنها كوردية و لا تحمل أي اسم أو رمز كوردي في مشروعها أمر مقلق للغاية و حادثة فريدة في التاريخ يقوم بها أبناء شعب بطرد أخوتهم من قوميتهم في وقت يحمون المستوطنين العرب الذين استقدمهم النظام السوري البعثي بغية تغيير ديمغرافية أرضهم ، و كل هذا يجري تحت مسمى الأمة الديمقراطية و أخوة الشعوب !؟