صلاح بدرالدين
لم نتفاجأ باخفاقات – هيئة التفاوض – المتمخضة عن مؤتمر الرياض التي بنيت على باطل فالجتمعون هناك كان جلهم من مهزومي السنوات الماضية ومفسدي – المجلس الوطني السوري ووليده القيطري الائتلاف – والوافدين الجدد من أركان واداريي وحزبيي وأمنيي نظام الاستبداد ومن أجل اضفاء نوع من غطاء الشرعية الثورية المفقودة أصلا تم استحضار شخوص بطرق ووسائل ملتوية غير مفهومة للاستقواء بهم أولا والارتكان اليهم في عقد الصفقة بالتحاور مع النظام على قاعدة قبول مؤسساته كافة أي التراجع عن الهدف الأول والرئيسي للثورة المندلعة منذ خمسة أعوام والتي كلفت مئات ألوف الشهداء ماعدا الدمار وملايين المهجرين .
من حق ملايين السوريين من المشاركين في الثورة والداعمين لها وبينهم مئات الآلاف من الوطنيين المستقلين والمناضلين الشرفاء وناشطي الحراك الثوري وتنسيقيات الشباب التي شاركت في اندلاع الثورة وحمايتها ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية من النساء والرجال ومن مختلف المكونات السورية القومية والدينية والمذهبية من حق هؤلاء جميعا أن يطلعوا على ماجرى سابقا على أيدي متزعمي ( المجلس السوري ) من اختراقات خارجية وانحرافات عن مسار الثورة واساءات لتشكيلات الجيش الحر من حصار واستبعاد وتجاهل ومن مساهمة في اغراق صفوف الثورة بجماعات الاسلام السياسي .
من حق هؤلاء جميعا أن يعلموا عن سبب وموجبات ودواعي تحول ( المجلس الى الائلاف ) واذا كان هناك من خلل وفشل في السلف فلماذا لم يعلن ذلك للسوريين ؟ هل بسبب انحراف سياسي أم مخططات تآمرية على الثورة واختلاسات مالية وفساد ومن هو المسؤول عن ذلك أحزاب أو تجمعات أو تيارات أو أفراد ؟ ثم ماذا عن اخفاقات الائتلاف وأوجه الفساد في مؤسساته وبماذا اختلف عن سابقه على صعيدي البرنامج والقيادة ألم يكن مسيرا كما سلفه من ( القيادة الاخوانية العميقة ) ؟ .
بدلا من الحصول على أجوبة التساؤلات السالفة والبدء من جديد بعد مراجعة جذرية شاملة ووضع النقاط على الحروف وتنوير السوريين بحقائق مخفية منذ سنوات اختار المجتمعون في الرياض نفس النهج الفاشل السابق واعتمدوا نفس الأساليب الملتوية ولم يبالوا بكل المقترحات المفيدة التي توالت عليهم من الحريصين على الثورة وأولها ضرورة الانطلاق من الشرعيتين الشعبية والثورية عبر تشكيل لجنة تحضيرية سورية تمثل بقدر الامكان المكونات الوطنية وتعمل على توفير شروط عقد المؤتمر الوطني العام والتوافق على برنامج سياسي وانتخاب مجلس سياسي – عسكري لقيادة المرحلة ومواجهة تحديات السلم والحرب .
بازدياد المخاطر المصيرية راهنا ليس على وجود الثورة فحسب بل على وجود الشعب والوطن أيضا وبمسؤولية ( الهيئة التفاوضية العليا ) عن حالة التقهقر السياسي والتراجع العسكري وحالة الاحباط العامة خاصة بعد تمادي العدوان الروسي والايراني بتواطىء أمريكي وتجاهل اقليمي وعربي رسمي كان حريا بهذه الهيئة المنهارة أن تكون أكثر جدية وأن لاتلهو ولاتقامر بمصائر السوريين ولاتمضي في نهجها المدمر كان الأولى بها أن تعلن عن فشلها واخفاقها وتعترف بالمسؤولية أمام الشعب والتاريخ وتسلم أمرها للشعب ولكن مابني على باطل لن يكون الا باطلا وما بيان اجتماعها الأخير بالرياض الا نموذجا على ماوصلت اليه وادانة واضحة لسلوكها .
( تبنت ” الهيئة التفاوضية العليا ” في اجتماعها الأخير بالرياض مجموعة مبادرات تهدف إلى توثيق الصلة مع كافة فئات المجتمع السوري وتحقيق الانفتاح على مختلف القوى السياسية والمجتمعية وأشارت أيضاً إلى اتفاق على تشكيل لجان للتواصل مع مختلف المكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وتعزيز دور المؤسسات الإعلامية ومراكز الفكر السورية للاستفادة من خبراتها، ورفد جهود الهيئة بالمادة العلمية وعقد الندوات والمؤتمرات الداعمة لأنشطته ) .
يستشف من هذه الأسطر من البيان أن الهيئة في أحسن أحوالها ولاتواجه أية مصاعب ولم تحصل في صفوفها أية استقالات وأنها حققت انتصارات كبرى وأنها ليست قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الكامل وفي جانب آخر لم تكن على صلة بفئات المجتمع السوري ومختلف المكونات وانها بصدد الاستفادة من خبرات مراكز الفكر السوري وعقد الندوات ووو وكانت باكورة عملها النوعي ( الاجتماع الفكري! ) المنعقد في استانبول وبينهم أعداد من الفاشلين ومن مفسدي المجلس والائتلاف المطلوبون للمساءلة أصلا ومن بعض ممثلي الأنظمة المعنية بالملف السوري في حين أن الهيئة ومن لف لفها مطعون في استقلاليتهم وتبعيتهم الخارجية وهنا نستثني طبعا قلة قليلة من ذوي النوايا الحسنة المشاركة في تلك الندوة .
ان الأساليب الملتوية التي يمارسها أعضاء ( الهيئة ) والتصريحات المتناقضة التي تصدر عن الناطقين باسمها واستمرارها في حجب الحقائق عن السوريين وسكوتها المريب عن مايحدث كل ذلك يوحي بصحة توقعاتنا المتشائمة السابقة حيال مصير ومآل هذه الهيئة غير الشرعية وامكانية أن تنزلق نهائيا نحو الارتداد وتكشف عن وجهها الحقيقي بتقديم تنازلات جديدة عبر التسليم النهائي وقبول الفئات والجماعات المحسوبة على النظام كشركاء في تقرير مصير السوريين وابرام الصفقة بالتالي وهنا ومن جديد تتوجه الأنظار الى قوى الثورة والثوار والوطنيين المخلصين من أجل البحث عن طريق الانقاذ والخلاص .